عندما يترجل فارس ليذهب في رحلة لا يعرف كنهها احد، يتبدل الواقع ويتسربل البيت بثياب تشتهي البريق..
غيابك يا فارس التواضع، يا سيد الهدوء.. يا من يتجلى في محضره الذكاء.. غيابك موجع موجع..
أعي جيدا ويعي معي كل الناس الطيبين انك لا تعشق الاضواء.. ولم تنتظر يوما احدا ليقدم لك التبجيل والتفخيم، فهمك كان ان تبقى الجندي المجهول الغائب الحاضر عاملا بصمت بعيدا بعيدا عن ضوضاء الادعاء ومديح الذات..
فرِحت لفرح الآخرين وتباهيت بنجاح الآخرين.. لم تجد علة واحدة في رجل مثابر نال اعجاب الناس.. لم تحترف لغة الحسد وبهذا اختلفت عن الذين يريدون النجاح لهم والثناء لهم لأنهم يخشون تحليق الآخرين.
تتداعى الخواطر وتفيض المخيلة بالصور.. صورك يا أبا اشرف وانت تداعب الاحفاد.. وصورك مع الطلاب والمعلمين، تصقل اذهانهم بالتحليل العلمي وتغسل ادمغتهم كي لا يستعصي على احد منهم إشكال او سؤال.. معرفتك تتضوع عطرا في كل مكان..
يا أبا اشرف.. يا جدّ عدي ويا جد مجد..
في كل جلسة معك كنتُ اتابع نظراتك لأرى الحفيدين مرسومين في عينيك وكنت اراك في الحفيدين فهما امتداد شامخ واعد لك ايها الحبيب...
ليس في العيد ما يبعث على البهجة والفرح.. ذهبتَ الى المشفى لتبتهج معنا في الاعياد ولتكمل معنا مسار العمر، ويقسو ويقسو علينا القدر لتعود جسدا بلا دفء طالما أنعش جلساتنا.. وبلا بسمة طالما رسمت الالفة في بيوتنا..
اما انتِ يا أم اشرف.. تصغر لدي كلمات العزاء ولا اجد كلاما يليق بك ولك.. فأنت التي نسجت مع نافذ حياة الاولاد خيطا خيطا ليتواصلوا مع القيم والمثل ليكبروا على حب العلم والارض والوطن..
في فيء احترامك ومحبتك، وفي ظلال وفائك استطاع نافذ ان ينفذ الى قلوب الاولاد والاحفاد ولقلوبنا نحن الاهل والانسباء..
بوركتِ ايتها السيدة الكريمة..
عزاؤنا في احترامك لمن استحق الاحترام..
عزاؤنا في اكرامك لمن استحق الاكرام..
رجاؤنا ان يكرمك الخالق بالصحة ومديد العمر..
لك يا اشرف ويا شادي ويا لمى.. يا اهله ويا عزوته.. لكم صادق العزاء ولكم نعمة الصبر.. لنصن جميعا ذكرى فقيدنا مقتدين بفضائل اجتمعت فيه وجسدت نسيج حياته.. تعمده الله برحمته الواسعة وأمد الله في اعماركم.. الرب اعطى والرب اخذ.. إنا لله وانا اليه راجعون..

(نص الكلمة التي القيت من عريف الاحتفال التأبيني المهيب في قاعة الروم الارثوذكس في الرامة بتاريخ 18/4/2008)
(كفر ياسيف)