من ساعة الوحي



صدر في هذه الايام كتاب جديد من تأليف سيادة المطران بطرس المعلم ويتشكل الكتاب من عدة مداخلات وملاحظات تتناول حياة الناس الاجتماعية بايجابياتها وسلبياتها.
وشاء سيادة المطران ان يلقي الضوء على كتابه من خلال الرؤية التي يجسدها كاهن متديّن وشاعر علماني، فكلف كلا من الشاعر سميح القاسم والاب جورج رحمة (من لبنان) بكتابة مقدمتين تعكسان رؤية كل منهما، الكاهن البيروتي والشاعر الجليلي الراماوي، وصيغة قراءتهما لهذا الكتاب الذي منحه العنوان "من وحي الساعة"..
وتنشر "الاتحاد"  فيما يلي مقدمة الكتاب التي وضعها الشاعر سميح القاسم تحت العنوان "من ساعة الوحي"..


وبمشيئة الله، فقد شاء أخي وصديقي سيادة المطران بطرس المعلم ان يكثف مناخات كتابته على صفحات هذا الكتاب، في عنوان مباشر الاشارة واضح الملامح هو "من وحي الساعة". ولأن سيادة المطران هو رمز ديني معروف فقد حضرني النص الديني المعروف هو الآخر "ان الساعة آتية لا ريب فيها".
ولأنها ساعة محاطة بهالة من بخور الايمان والعبادة والتأمل، فيجوز لنا اذًا ان نوفق فيها بين وحي الساعة وساعة الوحي، ومن هنا جاءني هذا العنوان العفوي لهذا التقديم الذي ارجو له الا يخرج عن نطاق العفوية، بكل ما يتاح لها من براءة ومحبة وصفاء ذهن.
واعترف، بادئ ذي بدء، بان هاجسا شديد الخصوصية يسكن ذاكرتي ويحرك وجداني ويؤجج حماس القلم لانجاز هذا التقديم بما يليق بكلمات سيادة المطران بطرس المعلم، ويلبي في الوقت نفسه هاجسا ثقافيا مضت عليه عقود من الزمن الموجع والاسف العميق.
قبل عقود تعرفت الى سيادة المطران (المرحوم) يوسف ريا ونشأت بيننا ألفة وصداقة واخوّة طيبة. كنت الى جانبه في عدة تظاهرات وفي عدة مواقع نضالية في سبيل احقاق الحق لأشقائنا ابناء قريتي إقرث وبرعم الذين شردهم الجيش الصهيوني من بلدتيهم، على "وعد" بإعادتهم بعد ايام.. وامتدت الايام شهورا وأعواما وعقودا وتحول "الوعد" الى كابوس من باطل ووعيد..
ذات يوم، وبعد حوار متشعب ومثير، تساءل اخي وصديقي سيادة المطران يوسف ريا: ألن يكون امرا استثنائيا ان نؤلف معا "كتابا" بعنوان: "الله بين مطران كاثوليكي وشاعر علماني"؟؟
تحمست للفكرة. واتفقنا على انجازها، وبعد اسابيع دفع اليّ المطران ريا بالفصل الاول، مكتوبا بالانجليزية، وقال متحديا بروح دعابته المعروفة" يا الله فرجينا شطارتك واكتب الفصل الثاني..
وأردت ان "افرجيه شطارتي"، لكن اجهزة "الامن" الاسرائيلية كانت هي "الاشطر" لا سمح الله، فبعد ايام اقتحمت شقتي في حيفا واعتقلتني وصادرت بعض الكتب والصحف والاوراق، وبينها الفصل الاول من كتابنا الموعود "الله بين مطران كاثوليكي وشاعر علماني"، ولم تعد الي "اشيائي" المصادرة، حتى يومنا هذا، ثم ان اجهزة "الامن" هذه، "صادرت" لاحقا المطران يوسف ريا مطوحة به في ارجاء الدنيا الى ان وافته المنية، دون تحقيق حلمنا الثقافي في الكتاب المشترك.. او حلم اشقائنا الاقارثة والبراعمة في العودة الى ديارهم السليبة..
ولأن كرم الله لا ينضب ولا يشح، فقد اتيحت لي هذه الفرصة الطيبة لأقول شيئا مما في النفس والوعي عن مسألة العلاقة بين الدين والعَلمانية.. وأول ما يتبادر الى الذهن هو مبدأ حرية المعتقد من المنطلق الديني نفسه، بألا اكراه في الدين، ولكم دينكم ولي دين، ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، ان اكرمكم عند الله اتقاكم وان الجدال في مسائل العقيدة لا ينبغي ان يتم الا بالتي هي احسن.
وبما ان التعددية هي، بالنص الديني، مشيئة ربانية، فلا يجوز اذًا لمؤمن صادق، في أي دين، ان يتطاول على العقائد الاخرى وان يعتدي عليها بالزور والعنف والبهتان.
ثم ان المنطلق الديني نفسه رفع مبدأ الاجتهاد الى ارقى مستوى، فها هو ذا الرسول العربي الكريم محمد بن عبد الله (ص) يقولها بمنتهى الوضوح والشفافية: "من اجتهد فأصاب فله اجران، ومن اجتهد فأخطأ، فله اجر".. فالاجتهاد، اذًا، وإعمال الفكر، بحد ذاته فضيلة، بغض النظر عن حصيلته.
ولا بد من التصدي للُبس شائع في مسألة التدين والعلمانية، ذلك ان العلمانية لا تعني، بالضرورة، انكار الله، وكل ما يريده العلمانيون العقلاء هو تنظيم المجتمع والحياة الدنيا وفق القوانين العلمية، المعاصرة، وتجريد بعض المؤسسات الدينية من سلطاتها المطلقة التي مارستها لقرون من الزمن، مركزة على العلاقة بين الله والانسان، ضاربة عرض الحائط بالعلاقة بين الانسان والانسان، متشبثة بتفسيرها الخاص ومشيئتها المفردة، بعيدا في كثير من الاحيان، عن جوهر الدين وصلب الايمان وروح الالوهية، وحلم الانسان البسيط في الحرية والسلام والعمران والتقدم والسعادة المتاحة في عمر متاح على هذه الارض المتاحة، باسم الله، وبمشيئة الله عز وجل.
من هذا المنطلق وبهذا المنطق، تقدمت من كلمات سيادة المطران بطرس المعلم، لاكتشف عناية شديدة بالعلاقة المبررة بين الانسان وخالقه من جهة، وبين الانسان واخيه الانسان من الجهة الاخرى.
يواجه المؤلف ظاهرة التشرذم المذهبي، مع ان السيد المسيح عليه السلام "صلى ليكونوا واحدا".. ويعايد اخوانه المسيحيين والمسلمين والدروز واليهود بروح سامية تتلخص في عبارة "كل عام وانتم بخير"، لنقول له من بعد، وكل كتاب وانت بخير يا سيادة المطران.
ويتصدى لثقافة العنف التي تبدأ بتصريف الفعل "ضرب"، بينما تبدأ الشعوب الراقية بتصريف الفعل "أحبّ"..
ويرفض التزمّت، ضاربا المثل بمواجهة الفريسيّ والعشار، خالصا الى قول السيد المسيح: "احبوا اعداءكم، احسنوا الى مبغضيكم، باركوا لاعنيكم".. ويمتاز المؤلف بثقافة عالية وشاملة، فإلى جانب تمكنه من النصوص المسيحية الانجيلية فانه يقدم للقارئ معرفة جيدة بالقرآن الكريم وبالديانات والمذاهب الاخرى، الامر الذي يتيح له ما اتيح له من رؤية بانورامية واسعة شاملة وعميقة في آن.
ويلتمس الكاتب عذرا للخاطئين، لكنه يحضهم على التوبة، مستشهدا بحكاية السيد المسيح مع الخاطئة والمتشنجين المتعطشين لدمها. وهنا تتجلى عبقرية التسامح والتعليم لدى السيد المسيح بقوله: "من كان منكم بلا خطيئة فليبدأ ويرمها بحجر".. ثم قوله الوعظي التوجيهي لتلك "البائسة": اذهبي ولا تعودي من بعد الى الخطيئة".
وبطبيعة الحال فان المؤلف يهتم بشؤون الطفولة، وهو يقرأ ويسمع ويرى معنا، ملايين الاطفال في العالم الفقير، او ما يسمى بالعالم الثالث، وهم يُحمَّلون السلاح ويُزج بهم في معارك ليست لهم، او ملايين الاطفال المحرومين من العلم والمدارس والصحة والمستشفيات والثوب ولقمة الخبز والحذاء والدواء والقلم والدفتر والمعجون والالوان، او ملايين الاطفال المصابين بالايدز وسائر الامراض الخبيثة، او الثمانمئة وخمسة آلاف طفل في بلادنا، هنا المسحوقين تحت خط الفقر، في دولة تدعي انها "واحة" فريدة في الشرق الاوسط الموبوء بالحرب والظلم والفقر والعنصرية والاحتلال والقمع والارهاب.
ويستجمع المؤلف لهفته على الاطفال مستعيدا صيحة السيد المسيح عليه السلام: "دعوا الاطفال يأتون إلي"..
يمجد الكاتب عادة نبيلة من عاداتنا الاجتماعية، الا وهي العادة المعروفة بالمشاركة في المآتم والاتراح.. "الحزن والحداد يلفهم جميعا كما في اسرة واحدة.. ولقمة الرحمة او المجابرة كثيرا ما يقدمها هذا الجار او الصديق الذي هو من طائفة او مذهب او دين آخر"..
واهتمام المؤلف بالاتراح لا يصرف قلبه وفكره عن الاهتمام بالافراح ايضا. وهنا تعلو صيحة المعلم، المعلم، فيستنكر الإسراف والبهرج والسطحية وخفة التعامل لدى بعض الشبان مع "عهد" الزواج المسيحي، ولجوءهم الى الطلاق، علما بان "العقد" لدى المذاهب الاسلامية يتم هو ايضا باسم الله الذي اكد ان الطلاق هو ابغض الحلال لديه، وحرص على سلامة الاسرة وتماسكها وتكافلها.
ولم يكن من بد عند المؤلف، من الاشارة الهامة الى عجيبة السيد المسيح في عرس قانا الجليل حيث حوّل الماء الى خمر لاستكمال فرحة العرس لدى الفقراء البسطاء الطيبين، بينما بعض المحتفلين في هذه الايام يتجاهلون رفض المسيحية للسكْر والعربدة، اسوة بالاسلام وبجميع الديانات والعقائد الراقية، فنراهم يحققون "عجيبتهم" العكسية، بتحويل الخمر الى "ماء"، والويسكي الى "صودا"، والكونياك الى "عصير برتقال" والعرق الى "كوكا كولا"!!
ويندد المؤلف بجرائم ما يسمى "بشرف العائلة"، كما يندد بالكذب والنفاق والرياء الاجتماعي والتعصب الاعمى، وينادي بحرية الاسرى والسجناء والمعتقلين الضميريين، ويحث هيئة الامم المتحدة على مناصرة الحق وإحلال السلام بين البشر، مدعما موقفه بالمباركة المقدسة، "طوبى لصانعي السلام فإنهم ابناء الله يدعون"..
وبهذا الوجد السلاميّ فقد بادر المؤلف الى عادة حفل الافطار المشترك بين ابناء جميع الطوائف في شهر رمضان المبارك والفضيل، لتأليف القلوب على رسالة السماء الاولى، رسالة المحبة والاخوة بين البشر، والتعاون على البر والتقوى، لا على الإثم والعدوان.. كما دعا الى تشكيل المكتبات المشتركة للمسلمين والمسيحيين ليتعاونوا، فان اكرمهم عند الله اتقاهم.
ولأن الصدق يتطلب الجرأة ايضا، فان المؤلف الكريم لا يتهيب، وبحق، من ادانة مظاهر الاعتداء على المسيحيين وبيوتهم وكنائسهم ومكتباتهم، في بعض الزوايا المظلمة من وطننا الكبير، فالجهلة وحدهم من ينكرون دور اشقائنا المسيحيين في بلورة روح الحضارة العربية الاسلامية، ليس من خلال الترجمات الهائلة عن اللغات الاوروبية فحسب، بل بالاضافات والمبادرات العظيمة ذات الاثر الواضح والراسخ في حماية اللسان العربي وتطوير اللغة العربية وتحصين الروح العربية والثقافة العربية ازاء موجات الغزو الاجنبي، ولأن التعصب الديني والمذهبي الذي يدينه المؤلف ويحذر منه، هو بالفعل سمّ قاتل، فقد كان لنا ان نتصدى له دائما:
عراق يا عراق
ما اللغة الفجيعة؟
ما سنّة وشيعة؟
وأنت يا عراق
أمانة الأعناق في الأعناق؟
ويوم اعتدى بعض الاوباش الخارجين على العروبة والاسلام والعراق، على كنائس في بغداد والموصل، فقد كان ردنا يا سيادة المطران:
لك المجد يا ربّ. والحزن لي
فكُن لي ملاذي. وكُن معقلي
تعبتُ من الحزن في "رامتي"
وفي "غزّتي" آخري أوّلي
تعبتُ من الحزن في "المجدلِ"
وفي "اللد" و"القدس" و"القسطلِ"
وملء العواصم حزنٌ وحزنٌ
وحزني المؤجل لا ينجلي
فكيف تباركُ حزني الجديد
كنائس "بغداد" و"الموصل"؟
وكنا يا سيادة المطران، قد قلناها جهارا "نهارا" في عاصمة الامويين الفيحاء شام العروبة ودمشق الثورة:
سنيّة، شيعية، علويّة
درزية.. والمؤمنون سواء
قبسوا من القرآن نور عقيدة
ومن الأناجيل استقوا، فاضاءوا
أيُضير تغلبَ ان نصرانيّةً
ولدتْ، فكان الإخوة الخلصاءُ
نحن المسمّى، والمسمّى واحد
عربٌ.. اذًا فلتكثر الأسماءُ!
وأنا، يا اخي الطيب وصديقي العزيز، يا سيادة المطران المعلم بطرس المعلم، ايها المقتدي بنور "المعلم"، انا شاعر علماني، عروبي، أممي، إنساني، من ابناء العشيرة المعروفية التوحيدية الدرزية العريقة والباسلة كفاحا وتاريخا، وأعلن هنا مرة اخرى، اعتزازي الشديد بأنني تلقيت العلم ونهلت المعرفة من مدرسة دير اللاتين في بلدتي "الرامة" وفي كلية تيراسانطة النصراوية وفي موسكو، ولطالما قدمت نفسي مشروع شهادة دفاعا عن العروبة والحضارة العربية الاسلامية العظيمة، وعن قيم الانسانية والمحبة والابداع في كل جهات الارض، ومن هنا اقولها، انني اتفهم عتبك وغضبك على كل من يمسّ معتقداتك وأهلك ومقدساتك، لا في العراق فحسب، بل في كل مكان من هذا العالم، متيقنا من ان الاغلبية الساحقة من هذه الأمة، تلتزم ثقافة العروبة والاسلام الاصلية والاصيلة، ثقافة التعايش السلمي والأخوي واحترام حقوق الانسان، وتشجيع التعددية ورفض التسيّب والتعصب، وسنكون دائما مع اشراف العرب والمسلمين بجميع مذاهبهم ومشاربهم وتياراتهم النبيلة، في مواجهة جميع اشكال التعصب المنافق، والتشرذم والتخلف و"الجاهلية الجديدة".. ويعلم الله سبحانه وتعالى ان المسلم الحقيقي يحب المسيحي الحقيقي، والكاثوليكي الصادق يحب الدرزي الصادق، والشيعي الامين يحب السنّي الأمين، والارثوذكسي الاصيل يحب الصابيء الاصيل، والعلوي الوفي يحب الاسماعيلي الوفي، واليهودي الحقّ يحب البوذي الحق والمؤمن المؤمن يحب المؤمن المؤمن. لأن المحبة هي الايمان، اما الكفر فانه الكراهية..
ها قد خاطبت المؤلف مباشرة. وأنذا اعود لمخاطبتكم ايها القراء الاعزاء، لافتا نظركم الى اهتمام الكاتب بفكر و"وصايا" المرجعية الشيعية العظيمة والمشرقة ابدا المرحوم والمغفور له باذن الله، العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين..
من الامور المتداولة عن اشقائنا اهل الشيعة انهم يتعاملون في مسائل الفتوى وشؤون الحياة مع مرجعية على قيد الحياة ولا يعودون الى احكام المرجعيات المتوفاة الى رحمة الله، لاعتقادهم الحق بان تطورات الحياة تستدعي اعتماد مرجعيات تعيش هذه الحياة وتدرك مسؤولياتها ومتطلباتها وضروراتها، بيد ان العلامة الراحل محمد مهدي شمس الدين يظل علامة فارقة في شؤون الدنيا، نقرأها وندرسها ونعنى بها لإتساع افقها وعمق انسانيتها، مع احترامنا الاكيد لسماحة المرجعية السيد محمد حسين فضل الله الذي يبادلنا ودّا بود وقد تكرم بإهدائنا احد اعماله الشعرية الراقية والعميقة، ولنا الامل الكبير في ان تسهم اجتهادات هذا الشيخ الحكيم الجليل ومن سبقوه ومن يعايشونه في تنقية الحياة السياسية والاجتماعية في لبنان، لبناننا العربي العزيز والغالي، من فيروسات التزمّت وطفيليات الفئوية وجراثيم الفتنة التي هي اشد من القتل، عند الله رب العالمين.
ومن الحرص على وحدة ابناء الأمة والسلم الاهلي والتضافر الانساني، فان سيادة المطران بطرس المعلم، يكرر علينا ما يراهما اول سؤالين وجههما الله الى بني البشر، من خلال مخاطبة قايين: اين انت؟ أين اخوك؟
وحتى لا تتكرر مأساة اعتداء الاخ على اخيه وخطيئة الحروب الاهلية، والحروب بشكل عام، فان المؤلف يضع النقاط على الحروف بلا مواربة وبدون مجاملة ملء صدى السؤالين الإلهيين الأزليين والأبديين: أين انت؟ اين اخوك؟
ثمة نص في هذا الكتاب تحت العنوان "المجانين والعقلاء" يذكرنا برسالة الغفران، رائعة المعرّي الخالدة، وأود ان اقترح على سيادة المؤلف شيئا من التوسع في هذا الاسلوب للإفادة وللمتعة الثقافية التي يمكن ان يوفرها لنا عمل كبير في هذا المناخ الابداعي العظيم.
اما مقالة "اليوم عُلق على خشبة"، وصرخة الصليب "انا عطشان!"، والمعاني الانسانية الكونية المبثوثة بغزارة وبكرم في سطور هذا الكتاب الراقي والجميل والممتع حقا، فانها تصلح مادة اولية، وخطوطا عريضة، ومناخا ابداعيا انسانيا مدهشا، لعمل شعري كبير، في متناول أي شاعر واذا تحققت لي شخصيا الحالة الروحية والجسدية المؤاتية لهكذا عمل، فلا ريب لدي في انني سأكون على قدر من السعادة المبررة، ولن اكلف احدا غير اخي وصديقي سيادة المطران بطرس المعلم، بكتابة المقدمة. هل يتحقق هذا الحلم ام انه محكوم سلفا بالتشتت ايدي عواصف الحياة وزوابع الدنيا، اسوة بأخيه الحلم القديم، حلم الكتاب عن "الله بين مطران كاثوليكي وشاعر علماني"..
لا بأس. لنا نحن ان نحلم. واذا كانت الاعمار بيد الله، فان الاحلام هي الاخرى بيد الله، والى ان يقضي الله امرا كان مفعولا، فسنحلم بالحرية والسلام والابداع، سنحلم بالانسان الكائن فينا وللانسان القائم من حولنا الى ما شاء الله.. نحلم ونكتب، من وحي الساعة، وفي ساعة الوحي، ولنا الله يا اخي الطيب وصديقي العزيز يا سيادة المطران بطرس المعلم، وأنعم وأكرم، بالقدوة الباهرة والسيرة الطاهرة، معلم الأنام ورسول السلام، السيد المسيح، مع محبة اخيك سميح..

(الرامة)

سميح القاسم
السبت 26/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع