وارتفع العلم الأحمر في قرية الشيخ دنون!



الخلط المنهجي المتعمّد بين مفهوم الدولة والموقف من الدولة وبين مفهوم الصهيونية والسياسة الصهيونية الحكومية الممارسة والموقف منها كان دائما السلاح والوسيلة بأيدي الاوساط الحاكمة الاسرائيلية واذرعها القمعية الارهابية لتبرير سياسة العدوان والقهر القومي والتمييز العنصري ضد كل من يناضل من اجل السلام العادل والمساواة والتقدم الاجتماعي في بلادنا. وتحضر في مخيلتي هذه الايام عشية ذكرى مرور خمسين سنة على هبة وانتفاضة الشيوعيين في عيد العمال العالمي، الاول من ايار في الثمانية والخمسين، ذكرى لا تنتسى عن بطولة الشيوعيين وصمودهم في وجه الارهاب السلطوي ولجوئه الى الخلط بين الدولة والحكومة والموقف منهما لتبرير جرائمه. ففي الثمانية والخمسين كانت قرية الشيخ دنون الجليلية لا تزال اشبه "بالخربة"، آثار النكبة الفلسطينية لا تزال المعْلم المميز، آثار البيوت المهدومة الشاهد الملكي على الجريمة التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، اغلب اهالي القرية هُجروا الى خارج حدود الوطن، وعلى اطلال هذه القرية المنكوبة لجأ اليها ابناء القرى المنكوبة من عمقا والغابسية وكويكات وأم الفرج والنهر، رمموا بعض البيوت وسكنوا فيها. وفرض الحكم العسكري وبمساعدة عملائه ارهابا اسود على الاهالي الذين لم يتعدّ عددهم بضع مئات من السكان، فسلاح الترحيل وقطع الارزاق بعدم اعطاء تصاريح التنقل كان يهدد كل من يرفع صوته ضد حظيرة التدجين. ولفرع الحزب الشيوعي في كفر ياسيف ورفاقه، خاصة خالد الذكر يوسف شحادة ومنعم جريس اطال الله عمره، الفضل في اختراق من ارادها الحكم العسكري والسلطة مزرعة مدجنة بحراسة بعض البلطجية من العملاء. وكان لصحيفة "الاتحاد" دور هام في ادخال النور الى البيوت المظلمة وفي تجنيد ابطال النضال المصقولين وعيا وعزيمة واصرارا في محاربة الظلم والظالمين. وفي الليلة الظلماء لم يفتقد البدر وتأسس فرع للحزب الشيوعي بقيادة خالد الذكر عبد رضا سكرتير الفرع وزوجته زادة رضا والرفاق نايف بنا وحسن داود والمرحومين حسن مجدوب ومصطفى الناطور. ولأول مرة استمع اهالي دنون الى الصوت الجريء ضد الحكم العسكري ومن اجل عودة اللاجئين، وذلك من خلال الاجتماعات الشعبية. وجن جنون السلطة واذنابها من اتساع شعبية الشيوعيين بين الاهالي وزيادة انتشار صحيفة "الاتحاد" بين القراء في القرية، وعشية احتفالات اسرائيل "بالعاشورة"، مرور عشر سنوات على قيامها وعلى نكبة الشعب الفلسطيني، قامت حكومة القهر القومي السلطوية بعملية انتقام جماعية كعقوبة جماعية ضد الشيوعيين من جراء موقفهم المبدئي المناصر للحقوق الوطنية الفلسطينية ولحق الاقلية القومية العربية الفلسطينية بالمساواة القومية والمدنية. وقام بوليس السلطة باعتقال ونفي مئات الشيوعيين من مختلف مدن وقرى  ومناطق البلاد. ولضرب الحزب الشيوعي في دنون حديث عهد النشوء لفّقت السلطة ومخابراتها تهمة احراق علم الدولة الذي كان على سطح المدرسة الابتدائية القائمة على بعد عشرة امتار قبالة بيت عبد رضا. واعتقلت اذرع السلطة العبد رضا ورفاقه المذكورين، ودافع عنهم محامي الارض والوطن حنا نقارة، ولجأت السلطة الى قانون الطوارئ الانتدابي ففرضت على العبد ورفاقه الاقامة الجبرية واثبات الوجود مرتين في اليوم ولمدة ستة اشهر. فبالارهاب والتجويع ارادت السلطة كسر شوكة الشيوعيين، ولكن موقف الرفاق الصلب وهبّة التضامن الواسعة معهم اثبتا حقيقة تاريخية ان الشيوعي المصقول وعيا فكريا وسياسيا عصي على الكسر والخنوع، فبالنضال انقلع الحكم العسكري وانفضحت حقيقة ان من احرق العلم هم اذناب الحكم العسكري اما العبد رضا ورفاقه فلم يتخلوا عن العلم الاحمر.

د. احمد سعد
الأثنين 28/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع