مسكينة الدمقراطية



من اعظم ما ساهمت به الحضارة اليونانية القديمة، مفهوم الدمقراطية، الطريقة الدمقراطية او كما سموها حكم الشعب او كما نسميها ونريد ان نطبقها حكم الاكثرية المنتخبة، مع احترام رأي الاقلية وعدم دوسها.
الماركسية صنفت الدمقراطية، وقالت لا توجد دمقراطية مطلقة ولا توجد دمقراطية خارج الزمان والمكان، بل ان الدمقراطية خاضعة للزمان والمكان والدمقراطية اولا وقبل كل شيء طبقية، هناك دمقراطية للفقراء – ودمقراطية للاغنياء.
في عالمنا المعاصر اكتسبت الدمقراطية قوة اكبر، واصبحت تُستغل بشكل اكبر في زمن العولمة، في زمن الايميل، الانترنت، الفاكس وغيرها من نظام المعلومات والاتصالات.
الدمقراطية تحتاج لترويج بين الناس، ادوات ووسائل الترويج ليست بأيدي العمال، الشغيلة، الموظفين، او الفقراء. بل بأيدي كبار الرأسماليين، كبار الاغنياء. ليست صدفة ابدا ان يستطيع، برلسكوني، صاحب محطات التلفزة، صاحب وسائل الاعلام بتضليل الناس رغم ما علق به من فساد وعلاقة بالمافيا الايطالية والعودة مرة ثالثة للحكم. المأساة ان المستعمرين العنصريين المحتلين يقومون بأفظع المجازر وقتل الآخرين باسم الدمقراطية واتهام الضحية بالتخلف ومعاداة الدمقراطية. الولايات المتحدة، احتلت افغانستان والعراق باسم مكافحة الارهاب ولاعادة وبناء الدمقراطية في هذين البلدين.
اسرائيل "واحة الدمقراطية" في الشرق، فرضت على الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال اجراء انتخابات للرئاسة وللتشريعي، باسم الدمقراطية ولما لم تكن النتائج كما ارادت رغم ان المراقبين الامريكيين والاوروبيين اكدوا ان العملية كانت دمقراطية رفضتها اسرائيل. الولايات المتحدة الامريكية (ام الدمقراطية) والتي تريد فرض دمقراطيتها على العالم. تقيم العلاقات الوطيدة، تحمي الانظمة الاكثر عنصرية، وبطشا ودكتاتورية في جميع ارجاء العالم، تحمي النظام الملكي المتعفن في السعودية مثلا الذي يمنع حرية التعبير وحتى حرية العبادة.
الولايات المتحدة وعملاؤها يستغلون "الدمقراطية" للتضليل، ولحماية الانظمة العميلة والبائدة وفي منطقة الشرق الاوسط للسيطرة على ثروتها النفطية ولتقوية عملية التطبيع بين اسرائيل التي تحتل وتقوم بكل ما هو معاد للدمقراطية في منطقة الشرق الاوسط وتجاه مواطنيها العرب اصحاب الوطن الاصليين. روجت وطبلت وسائل الاعلام المكتوبة المسموعة وبالذات المرئية.للندوة التي عقدت في الدوحة في دولة قطر للحديث عن الدمقراطية. استضافت الندوة – وزيرة الخارجية لدولة اسرائيل التي تحتل، تقتل، تبطش بشعبنا الفلسطيني.
تقوم اسرائيل، بكل ما هو غير دمقراطي وعنصري بحق المواطنين العرب وتحرمهم من اهم اسس الدمقراطية، المساواة بين المواطنين، بغض النظر عن انتمائهم القومي ولونهم وجنسهم ودينهم.
بل وصلت بها الوقاحة والاستهتار بمضيفيها اصحاب الجلالة، والسمو بان تعلن ان اسرائيل دولة اليهود، متجاهلة ان 20% من مواطني اسرائيل هم عرب فلسطينيون، السكان الاصليون وليسوا مهاجرين، في اوروبا هناك نسبة ليست قليلة من المسلمين لكنهم مهاجرين اما المواطنون العرب فهم لم يأتوا اليها من اوروبا او امريكا او من غيرها.
احدى الشخصيات التي حلت ضيفا على هذه الندوة "الدمقراطية" ممثل النظام التركي الذي يعتدي على الاراضي العراقية، وله مطامع فيها والذي ينكل بالاكراد مواطني تركيا ويحرمهم من ابسط الحقوق الدمقراطية ناهيك عن المساواة، او الاعتراف بهم كأقلية قومية لها حقوق قومية ومدنية.
آه لو عرف آباء الدمقراطية في اليونان القديم ان امير قطر، الآمر الناهي غير المنتخب من الشعب سيستضيف ندوة دولية عن الدمقراطية، لكانوا تقلبوا في قبورهم.

(ام الفحم)

مريد فريد *
الأثنين 28/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع