ذنَب الكلب



     ما يتبادر للذهن أولا هو أنني أريد أن أقول أن ذنَب الكلب اعوج حتى لو وضعته بألف قالب، لكن الواقع هو أنني أريد أن أتحدث الساعة عن الكلب الذي لا ذنَب له .
و" ذنب الكلب" هي مجموعة قصصية لعزيز نسيسن، الكاتب التركي الأنا مغرم ومعجب به  . و.. كذلك إنني إذا اتفقت معه.. لا يعني ذلك أنى اتبعه شبرا بشبر و ذراعا بذراع . سجّلوا عليّ حيّا أو  ميتا : إذا اتفقت معك في الرأي فلا يعني ذلك انك أنت تابعي أو أنا تابعك . فاتفاق الرأي لا يعني التبعية ، لأنني اكره النقل كره العمى وأحب واعشق وأبتلي بتشغبل العقل .
     إلى هنا انتهى التسجيل المطلوب: والآن لنعد إلى موضوع ذنب الكلب. لكن وقبل ذلك أيضا سجلوا علي أيضا هذه النصيحة ببلاش: فكّر وأكتب.. إقرأ وفكر .. ثم فكّر وحاور من وما تقرأ. وهنا اذا لاحظتم أقدّم العاقل على المادة المكتوبة أي الكاتب على ما يكتب.. ليس لأنه سوف يكون طيّ النسيان غدا او بعد غد أنما لأنه هو المبتدأ وهو الخبر.
     طبعا حتى لا تقولوا لي .. طيب وبعدين . حالا أعود بكم إلى عزيزنا عزيز. ففي هذه القصة التي حملت اسم المجموعة يلفت النظر عزيزنا المرحوم عزيز أن كلاب تلك القرية كانت جميعها بدون ذنب، فقال في نفسه انه ربما أراد سكّانها جعل كلابهم ضخمة وشرسة. وأنت إذا أردت ذلك لكلبك فما عليك إلا أن تقطع ذنبه وترش عليه الفلفل والملح وبعض الشطة وتطعمه إيّاه وكذلك تفعل بالاذنين.
الذنب فهمنا، لكن لماذا أيضا الأذنان؟
     فمن المعروف أن أداة التواصل عند الكلاب هي الأذناب.. فالكلب يحرّك ذنبه لصاحبه بشكل معين ولعدوّه بشكل مختلف.. كذلك الأمر لكلبة يشتهيها ولجرو يحن إليه أو يحنو عليه ... كل حركة ولها معنى! الله الوكيل. والكلب تابع لصاحبه ولا يمكن أن يكون متبوعا إلا من كلبة أو كلب مثله..أو إذا كان صاحبه أعمى. طبعا – الله الشاهد عليّ أنني لا أبغي الحطّ من شأن العميان بل العكس تماما ما دام منهم صديقي أبو صابر وأخي هوميروس وابن خالتي أبو العلاء المعرّي وصاحبي وتاج رأسي الدكتور طه حسين. فهم المبصرون بالبصيرة ونحن العميان وهم الراؤون بقلوبهم. وأنا أحبهم وأجلّهم لذلك.. ولا أشفق عليهم لأن الشفقة هي أدنى شعور إنساني.
     والقصة أعلاه تدور حول أوامر الوالي التركي الذي فرض على أهل تلك القرية أن تقتل ثلاثين خنزيرا في ذلك العام. لكن الأهالي لا يعرفون شكل الخنزير ولم يحدث أن رأى أيّ منهم وجهه. والله سبحانه وتعالى قد حرّم أكل الدّم والميتة ولحم الخنزير. وهم لا يعرفون ذلك الحيوان إلا بالإسم. وكان هذا الحيوان الخنزير يعيث في الأرض فسادا وفي حقول الذرة خرابا... لكن بتلك الولاية لا يزرع الأهالي الذرة لا هم ولا أجدادهم ولا أجداد أجدادهم ... لأن هذه الذرة لا تناسب تلك التربة والعكس صحيح. لكن أمر الوالي كان صريحا: مقابل كل ذنب خنزير وصل مصدّق من مدير الزراعة...
     والآن هل عرفتم لماذا كل كلاب القرية بدون أذناب؟ فلا الوالي ولا مدير الزراعة يفرّقون بين الأذناب ولا يعرفون القرد من النبي!

وليد الفاهوم
الثلاثاء 29/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع