محمد علي طه : اعيش في هذه الأيام ذكرى الستين لاغتيال طفولتي في اجواء قاتمة..



ضمـن اسبـوع الاحتفال بالكتاب وحقوق المؤلف ، التقى القراء والمثقفون بالكاتب الفلسطيني " محمـد علـي طـه " فـي قاعة دار الشروق للنشر والتوزيع ، رام الله  مساء السبت 26-4-208 بمناسبة صدور روايته سيرة بني بلوط ، ومجموعتي القصص ، بير الصفا ، والعسل البري ، عن الدار .
 

قـدّم الاستـاذ محمـد البطراوي نبـذة عن محمد علي طه وأعماله ، قال فيها :
ان محمـد علـي طـه ، يستمد مادته ومتابعاته الادبيه من ثلاثة اقانيم ، الأولى الحكاية ، فهو ابن الحكايه ، وهي بنت التاريخ ، تاريخ السنابل ، تاريخ التعب وتاريخ المعانـاة ، اي تاريخ فلسطين ، والثانيه : الانحياز الكامل للفقراء ، والثالثه :  الاخلاص الذي يحوي الصدق والعمل الدائم .

 


 
وخاطب محمد علي طه ، الحضور معلنا فرحه بلقائهم في رام الله في أول تجربة له من هذا النوع ، مقدماً الشكر لدار الشروق ولمحمد البطراوي وقدّم شهادة ابداعية قال فيها :
" اشعر  انني مرتبك منذ تورطت بالكتابه وأن كنت أحياناً احاول ان أخفي هذا الارتباك ببسمة ساخرة – ولكن القلق رفيقي اللدود ، يلاحقني دائماً  ووطني حينما يسائلني ان كنت قد كتبت القصة الجميلة التي حلمت بها أم كتبتني بحبر تمحوه ايام ماضيها أجمل من حاضرها ، وحاضرها كما يتراءى لي – أفضل من غدها .
منذ طفولتي، واقول طفولتي مجازاً، لأنني من جيل بلا طفولة ، خزنت ذاكرتي فردوس البيت المفقود وورطتني هي الأخرى ببناء جدرانه بحروف تغرورق بالدمع حيناً وتشتعل بها النيران حيناً ، حرقت أناملي وعذبت روحي ، وكلما بنيت مدماكا هاجمته بضراوة نسور الحديد ذات المناخير الفولاذية ، ولم اكف عن البناء ولم يرتدع الفولاذ عن الهدم فبقيت متورطاً مع سيزيف الكنعاني في اسطورة عصرية تبحث عن فسحة لها على ورقة زهرة برية في حقل الأشواك الملغّمه .

 

اعيش في هذه الأيام ذكرى الستين لاغتيال طفولتي في اجواء قاتمه ، ينطبق عليها قول جدتي : ويلعن دين هالعيشه ، باحثاً عن شمعة أو عن شعاع من نور الشمس ، يطل على ابطال قصصي من ثقب العباءة السوداء التي حاكها وخاطها مقنعو زمن الردة والجوع وكأن النكبة عادت من جديد على شكل ملهاة تنزف ضحكاً أو كأن صديقي " عائد الميعاري " الذي عرفتـه قبل ثلاثين عاماً عاد يغني لازمته الشهيرة " فيتنامي يا فيتنامي – يا بن العزه والكرامه ، انت وراك هانوي ، وأنا وراي حرامي " بل الحرامي في داخل بيتي .
تمنى معلمي خليل السكاكيني ان يكون انساناً بمشيئة الله وأنا اسعى لأكون بشراً عادياً مع ان جلادي جعلني ضحية ويأبى الاعتراف بضحيته ، فمن شدة طمعه يحتكر دوري الجلاد والضحية في هذه المسرحية من ادب الواقعية اللامعقولة ويطالب ضحيته أن تعيد له انسانيته بأسلوب حضاري .
هذه القصص عشتها وعاشتني شخوصها: اصدقائي وابنائي وجيراني وأهلي . شربت قهوة الصباح ، التي تعدها لي زوجتي بمهارة معهم ، سرت واياهم في مشواري اليومي ، وسامروني في ليالي امرئ القيس .
ولا شك ان هؤلاء الناس الطيبين والأشرار قد عانوا كثيرا في مخاض الكتابه ،فالقابله ما كانت رحيمة والنص الذي راود سنان القلم ليلاً لا يأتيني الا في الصباح ولا اطلق سراحه الا اذا اعدت كتابته مرتين أو اكثر .
لكل سر من اسرار الجدّه التي كانت تفتح حكايتها كل امسية " بدي احكي ، عن شكلي عن بكـي – عن زعفران البركلي ، عن كاف عن طرنقات ، عن خروف محشي برقاق " ، نحن اولاد قيقه والكذب ما بنعرفو ، اقول لكل سر من اسرارها هو الذي قاد قلمي ليكتب رواية الماضي ، تلك الفترة التي لم يقترب منها غيري ، زمن ما قبل النكبة ، خمس سنوات وانا اقرأ تاريخاً واقابل بشراً ، واسمع حكايا، حتى عثرت على جرة الاسرار ففض قلمي غطاءها فنطق لسان بني بلوط الشهرزادي وكانت الروايه .
قد يكون الأمر محض صدفة ان اكتب رواية الماضي واملي قصة الحاضر وقد يكون لا وعيي هو الذي قادني بعد عشر مجموعات قصصية الى " بير الصفا " باحثا عن مائه الزلال لأسقي القراء ، وأن اصعد الى شآبيب الجبال باحثا في شقوق الصخور عن خلايا النحل لاقدم لكم رشفة من العسل البري طامحاً برضاكم متمرداً وثائراً على رضا النفس ، فرضا الكاتب عن نفسه غاية لا تدرك والصورة التي تطل من المرأه لا تطمئن القلق السرمدي للمبدع الذي يرفض الراحه والسبات.
أسعى لأقدم للقراء ادبا انسانيا وطنياً – ادباً فنيا واقعياً – وما اكتبه هو دفاع عن النفس ودفاع عن الحرية ودفاع عن الانتماء ودفاع عن البقاء ودفاع عن " حوض النعنع " امام بيتي الذي يذكرني بما بقي لي من الوطن" .
ومن الجدير بالذكر ان دار الشروق للنشر والتوزيع في رام الله ، تقيم بالشراكه مع وزارة الثقافه ، ومنظمة اليونسكو اسبوعاً ثقافيا لاحياء اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف ، بدأ باحتفال يوم 23 نيسان ، شارك فيه : وزيرة الثقافه تهاني ابو دقه ، ولويز هانسكتون ، مديرة مكتب اليونسكو ، وبحضور عدد كبير من المثقفين والقراء والسياسيين ، وتم خلاله افتتاح معرض لوحات الفنانه زهيرة زقطان " داخل السور القديم " الذي يستمر حتى نهاية الشهر المقبل ، تلا ذلك حفل توقيع رواية زهيرة زقطان " مضى زمن النرجس " بالشراكه مع مركز اوغاريت الثقافي .
وينظم في الأيام المقبله ندوة بعنوان " حقوق المؤلف " يتحدث فيها الاستاذ محمد البطراوي ويديرها الكاتب غسان زقطان ، وندوة بعنوان الاعلام والكتاب ، يتحدث فيها السيد بسام ابو سمية ، رئيس هيئة الاذاعه والتلفزيون ، ويختتم الاسبوع بندوة الناشر والمؤلف ، يشارك فيها الكاتب ماجد ابو غوش ، والناشر فتحي البس .

الأربعاء 30/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع