خمسون عاما على نضالات أيار 1958: رفاق ورفيقات يتذكرون



في الصورة: الرفاق المعتقلون الذين تم نفيهم الى صفد في أيار 1958
تم التعرف على الرفاق التالية أسماؤهم:
الصف الاسفل من الشمال الى اليمين: منعم جريس - كفر ياسيف، خليل دخيل حامد - الناصرة، صبيح زياد - الناصرة، حسن خطبا - الرينة


الصف الثاني من الشمال الى اليمين: احمد شحادة - كفر ياسيف، رفيق من عائلة جرجورة - الناصرة، مبدا فرحات - كفر ياسيف، حسين ابو اسعد - الناصرة


الصف الثالث من الشمال الى اليمين: يوسف شحادة - كفر ياسيف، جميل شحادة - كفر ياسيف، سعيد ابو نصرة - الناصرة، عبد الغني ابراهيم - الناصرة، اسحاق داهود - الناصرة، خليل خوري - ابو سنان، محمد ابو الرب - الناصرة، يوسف اندراوس - كفر ياسيف

في الوقت الذي يتم فيه التطاول على الحزب وتاريخه والتغني باسم الوطنية والبقاء في الارض، رأيت من المناسب مقابلة رفاقنا ورفيقاتنا من جيل رفاقنا الأوائل، خاصة وان هذا العام يصادف مرور نصف قرن على أحداث أيار 1958 ونضالات حزبنا المستمرة لغرس بقائنا في أرض الآباء والأجداد.

 

قمت بمقابلة رفيقنا أبو الياس – نقولا عاقلة، الرفيقات أم جابر – سميرة خوري، أم عاطف – سلوى سروجي، أوديت نمر، أم باسل – ميسر طنوس، أم يوسف – آمنة حامد أدام الله في عمرهم جميعا حيث قصوا علي أحداث أيار 1958 ودور الحزب في افشال احتفالات الدولة باستقلالها العاشر وانجاح مظاهرة أول أيار في ذات العام.
عقب هذه الأحداث تم نفي 16 رفيقا من منطقة الناصرة وكفرياسيف الى مدينة صفد، أنشر بهذا الصورة حيث تم التعرف على قسم من الرفاق وقسم آخر لم نستطع التعرف عليهم، لذلك أتوجه الى رفاقنا ورفيقاتنا الذين يتعرفون على الرفاق في الصورة أن يزودونا باسمائهم ولهم جزيل الشكر.

 

تدور أحداث عام 1958 حول احتفالية عشر سنوات على قيام اسرائيل، احتفال العاشورا (يوم 30 نيسان). لكن الحكومة الإسرائيلية قررت تنظيم الاحتفالات المركزية في مدينة الناصرة، أكبر وأهم مدينة عربية في البلاد، وذلك لإظهار بأن العرب مسرورون وفرحون باستقلال الدولة وبمكانتهم فيها. فقامت الدولة ورجالاتها بتنظيم احتفال في ساحة الاحداث في منطقة العين، دعت اليه العديد من الفنانين الإسرائيليين أمثال ليلى نجار، فايزة رشدي، موشيه الياهو وغيرهم. كما دعا المنظمون رجال الحكومة العرب المتعاونين معها للاحتفال في الناصرة، وقد جاء الحضور بالحطات والعقل وذلك لتشويه صورة العرب الفلسطينيين سكان الدولة في المنطقة وتصويرهم بقبولهم الاسرلة وفقدان الهوية.
كانت الساحة ترابية، وتم نصب المنصة خلف كنيسة البشارة للروم (أقيمت مكانها بناية نادي مركز الأحداث لاحقا).
تكلم في الاجتماع رئيس البلدية سيف الدين الزعبي، المطران حكيم عن الاستقلال وعن التصويت للحزب الحاكم في الانتخابات. كما تمت دعوة العديد من السكان لحضور الاجتماع.

 

عند معرفة الحزب الشيوعي وأصدقائه بالنية لتنظيم الاحتفال تم اتخاذ قرار في الحزب بتفجير هذا الاحتفال وذلك لإظهار الصورة الحقيقية للمواطنين العرب في البلاد والواقع الأليم والصعب الذي تعيشه جماهيرنا. وهكذا كان، فقد أفشل الحزب ورفاقنا هذا الاحتفال في مدينة الناصرة.
عشية الاحتفال قامت الشرطة باعتقال عدد من رفاقنا من قيادة الحزب الشيوعي وهم: بشارة عبود، صبحي سروجي، منعم جرجورة، سليم القاسم وباسم جبران، وذلك بهدف إفشال مظاهرة أول أيار.
هنا نرى أهمية ودور الحزب ومدى ارتباطه مع أهله وجماهيره وتجلى ذلك في إفشال احتفال العاشورا وإنجاح مظاهرة أول أيار في اليوم التالي، فقد تصدى رفاقنا الأبطال للمؤامرة الحكومية وكانت هنالك معارك حامية الوطيس مع رجال الشرطة انتهت بإفشال المهرجان وبهذا تم إفشال خطة الحكومة ومبتغاها.
نتيجة لذلك بدأت مناوشات مع الشرطة، وتم الاعتداء على رفاقنا وضربهم  ومن ثم اعتقالهم في المسكوبية.
فقد تمت محاصرة حارات الناصرة أجمعها، وكانت هناك دعوة من الحزب لرفاقه وأصدقائه بالتجند والتصدي للاعتداءات، وكذلك أهمية إنجاح مظاهرة أول أيار في اليوم التالي رغم اعتقال الرفاق القادة.

لقد هجم رجال الشرطة على مقر الحزب (كان في عمارة حماتي بجانب بيت الرفيق يوسف صباغ) وتم اعتقال الرفاق المتواجدين في الحزب. حيث تواجد في المقر أيضا الرفيق اميل حبيبي وكانت مناوشات هناك. بعد ذلك توجهت الشرطة الى بيت الرفيق يوسف صباغ وهاجموا من تواجد هناك، خاصة الرفيقات فقد تصدوا لهم (خاصة الرفيقات لولو صباغ وآرنا خميس). وصلت المعارك الى مختلف أحياء الناصرة.
ثم تجمهر الرفاق والرفيقات أمام مقر المسكوبية  لكي يتم اطلاق سراح المعتقلين، وهنا تم اعتقال 27 رفيقا، لكن الشرطة  لم تعتقل الرفاق القادة فؤاد خوري، خليل خوري، صليبا خميس واميل حبيبي، وذلك بهدف زرع الشك والفتنة بين الرفاق والرفيقات، وبان من لم يعتقلوا هم متعاونون مع رجال الشرطة.

 

في اليوم التالي (الأول من أيار) كان هناك تجمع كبير لرجال الشرطة والجيش وذلك بهدف منع قيام مظاهرة أول أيار والانتقام من الحزب والرفاق لما جرى من أحداث لافشال احتفالات العاشورا.
كانت هنالك مظاهرتان في نفس اليوم:
مظاهرة رابطة نديم بطحيش (كان نائبا لرئيس بلدية الناصرة سيف الدين الزعبي)
ومظاهرة الحزب الشيوعي
الحزب والرفاق قاموا بتنظيم مجموعات صغيرة في كل حي، الرفيقات تجمعن في ساحة بيت الرفيق يوسف صباغ وذلك لكي يندفعن مرة واحدة الى الشارع الرئيسي والاشتراك في المظاهرة.
تجمعت مجموعات باقي الاحياء في ساحة مدرسة سليم التوفيق في تمام الساعة الواحدة وقد كان الجيش والشرطة لهم بالمرصاد.
وكان الرفيقات في مقدمة المظاهرة وحاولت الشرطة منع المتظاهرين وتم الاعتداء بالضرب على الرفيقات والرفاق، وبدأت الاشتباكات والتراشق بالحجارة.
فقد طوق الجيش والشرطة أحياء المدينة ومداخلها بهدف منع دخول الرفاق والرفيقات من القرى المختلفة. كما تم توقيف رفاق كفرياسيف بجانب شفاعمرو ومنع الرفاق من التقدم نحو الناصرة، فما كان من الرفيقات الا القدوم وحدهن وتحايلن على رجال الشرطة بأنهن يردن التوجه الى احد المستشفيات في المدينة، وهكذا تمت مشاركتهن في المظاهرة.
في ذلك اليوم تفاجأ البوليس بالعدد الكبير للاطفال الذين يحملون الشعارات وينشدون شعارات الحزب المختلفة.
وتم اعتقال العديد من الرفاق وتم نفي 16 رفيقا الى صفد (مرفق صورة) الرفاق كانوا من الناصرة،  الرينة وكفرياسيف. من بين الرفاق الذين تم اعتقالهم: من الناصرة خليل دخيل حامد، صبيح زياد، حسين ابو اسعد، محمد عبد الغني، سعيد ابو نصرة، اسحاق داهود، ومن الرينة الرفيق حسن خطبا ورفاق من كفرياسيف والناصرة لم يتم التعرف عليهم.
في تلك الفترة كانت الرفيقة آمنة حامد حاملا وقامت بانجاب طفل فاخبرها الرفيق خليل بتسميته "عقيل" نسبة الى المعتقل المتواجد به في صفد.

 

الرفيق صبيح زياد ورفاق آخرون كانوا منفيين في صفد

اما الرفيقات ودورهن فكان مهما للغاية، اذ اخذن على عاتقهن ادارة شؤون الحزب وتوزيع جريدة "الاتحاد" بشكل اسبوعي وايصال المبالغ للحزب، بالاضافة الى ايصال الرسائل بين الرفاق المختبئين والحزب، تهريب مناشير الحزب والاهتمام بطباعته.
مثلا الرفيقة ميسر كانت مسؤولة عن فرقة الطليعة – فتيات أبناء الكادحين، وقد كانت فرقة كبيرة. وكانت مسؤولية الرفيقة وهمها الحفاظ على الفتيات وحمايتهن من الشرطة وتهريبهن منها. وفي ذلك اليوم كانت مسؤوليتها توصيل رفيقات الطليعة الى منازلهن وعائلاتهن، وذلك حسب توجيهات الحزب.
لقد كانت الرفيقات يعملن بحماس وبدون ملل لمدة 6 أشهر على الأقل أدرن فيها كافة الأمور.

 

وكان الرفيق فؤاد خوري مطلوبا للشرطة وتم اخفاؤه في عدة بيوت في المدينة، والرفيق نقولا عاقلة هرب الى حيفا. وجرت عدة اقتحامات لبيوت رفاقنا.
الرفيقة سميرة خوري كانت تقوم باخفاء المناشير عند جاراتها عند ساعات المغرب يوميا وذلك خوفا من مصادرتها من قبل الشرطة.
كما كانت الرفيقة ميسر طنوس تقوم يوم الجمعة بتوزيع جريدة "الاتحاد" في 3 مناطق مختلفة.

 

لقد كانت هذه السنوات بمثابة تحدّ للمجتمع ومعتقداته، اذ كانت الرفيقات يشتركن في الاجتماعات الليلية، يوزعن الجريدة في الاحياء والشارع الرئيسي ويقمن بمناوشة رجال الجيش والشرطة والهرب منهم (الرفيقة سلوى سروجي قامت بتغيير ملابسها 4 مرات في ذلك اليوم وذلك بهدف عدم معرفتها والتخفي من امام افراد الشرطة).
في تلك الفترة كان هنالك ارتفاع في توزيع الجريدة وذلك عكس التضامن الشعبي مع الحزب الشيوعي.

 

هذه صفحة من صفحات حزبنا المنيرة والمشرفة دائما وابدا.

انا باقون على العهد

أجرت المقابلات: آمنة أبو أحمد
الأربعاء 7/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع