معروفيون لبنانيون في فلسطين



(القسم الثاني)

 

* النجار عبدالله (19)


1896 – 1976، بلدة عين مري، سياسي، كاتب، شاعر، مترجم، وضعه الفرنسيون في اللائحة السوداء 1926، ففر الى القاهرة، رغم انه شغل منصب مدير معارف جبل العرب في عهد الفرنسيين. مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت دعمته لترجمة وطباعة الكتب التي تعالج القضية الفلسطينية، في كتابه (الصهيونية بين تاريخين) كتب في المقدمة:
وضع هذا الكتاب سدّا لحاجة القارئ العربي للإلمام بخفايا القضية الفلسطينية، وبما حيك حولها من مؤامرات، لأنها قضية كل بلد عربي مرتبط مصيره بمصيرها، الكتاب يكشف مصادر القوة الصهيونية التي اوصلت قلة من اليهود الى قهر الكثرة العربية في عقر دار العرب والتمركز في اقدس اقطارهم والعبث بمقدساتهم.
اغتيل هو وزوجته نبيهة امام منزلهما دون ان يخلّفا اولادا، موصيا قبل اغتياله بتخصيص كل امواله وممتلكاته لمشروع يحمل اسمه واسم زوجته: المشروع هو مشروع عبدالله النجار وزوجته نبيهة للتعليم العالي. (هل يقتدي المتمولون العرب اليوم بذلك!)

* النكدي عادل 1891 – 1926 (20)


من بلدة عبية اللبنانية، حصل على اجازة الدكتوراة في الحقوق، وضع نصب عينيه خدمة بلاده وقضيتها سوريا، لبنان وفلسطين، اثناء عودته من مدينة لوزان مر بفلسطين محطته الاولى وبات في القدس لدى صديقه الشهيد فؤاد حمزة، عرّج على الاماكن المقدسة في هذه الديار، ثم يمم انظاره للالتحاق بزملائه الثوار، سلطان الاطرش، عادل ارسلان، فؤاد سليم، شكيب وهّاب، محمد عز الدين الحلبي، رشيد طليع وغيرهم. نادى على رؤوس الاشهاد بان بني معروف مسلمون كانوا وما زالوا، وانهم لو لم يكونوا كذلك، لصيّرتهم عروبتهم مسلمين. حاول بعض اصدقائه في فلسطين عدله عن المشاركة بالثورة، ليبقى سفيرها المتجول، كما ان الامير عادل ارسلان طلب منه ذلك، ففضل الالتفاف على هذا الرأي، فذهب الى القدس الشريف ومنها الى سويسرا ليعود الى بلاد الشام وليبلي بلاء حسنا بها حاملا السلاح وراية الكفاح، جُرح في المعركة وواصل الجهاد حتى سقط شهيدا في معركة بيت سحم، وكان يردد قبل استشهاده ما تيسر له من الآيات البينات: ( ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله امواتا، بل احياء عند ربهم يرزقون)

 

* نويهض، جمال سليم (21)


من مواليد بلدة جباع، ابنة الدكتور الجراح يوسف سليم، اخت الابطال المجاهدين في الثورة السورية الكبرى: فؤاد، عارف ونصري. قرينة العلاّمة المؤرخ عجاج نويهض، سكرتير المجلس الاسلامي الاعلى الذي ترأسه الحاج امين الحسيني. عاشت مع زوجها وأسرتها في القدس، كان بيتهما محجّة للعلماء والمجاهدين ورجال الفكر والادب، كاتبة قصصية نشرت انتاجها في مجلة زوجها (العرب)، كانت من اوائل الفلسطينيات اللواتي كتبن القصة القصيرة.
مأساتها كانت سقوط القدس عام 1948، حيث اضطرت لترك بيتها وكل ما فيه، لا سيما المكتبة العامرة، لها اربع روايات، احداها (مواكب الشهداء)، صورت فيها نضال الشعب الفلسطيني، كما نظمت الشعر الذي استوحت معانيه وابوابه من النكبة الفلسطينية.
- شقيقتها انيسة سليم قرينة المحامي الصفدي صبحي بك الخضرا، المجاهد مع الثوار. - ابنتها بيان قرينة القائد الفلسطيني شفيق الحوت.

 

* نويهض عجاج (22)


1896 – 1982 مؤرخ، صحافي، محام وكاتب، من مواليد بلدة رأس المتن، قصد فلسطين عام 1920 وحط في مدينة القدس عام 1923 اختير ليكون سكرتيرا عاما للمجلس الاسلامي الاعلى في القدس حتى عام 1932، مارس مهنة المحاماة في القدس بين عامي 1935 – 1948، اعتقل حين اُعلن الاضراب في هذه الديار وسجن في اريحا وصرفند.
بين عامي 1940 – 1944 عُين مديرا للقسم العربي في دار الاذاعة الفلسطينية، نزح الى عمان عام النكبة وشغل عدة مناصب هامة. عاد الى مسقط رأسه عام 1959. كان قد اصدر مجلة (القلم) بالاشتراك مع رفيقه عبد الله النجار، ومجلة (العرب) عام 1932، له عدة كتب مطبوعة ما بين الترجمة والتأليف منها، حاضر العالم الاسلامي، النظام السياسي، العراق او الدولة الجديدة، فتح القدس، سيرة الامير عبدالله التنوخي، الشيخ محمد ابو هلال، ابو جعفر المنصور وعروبة لبنان، بروتوكولات حكماء، صهيون، ترك العديد من المخطوطات الهامة منها: تاريخ الحركة العربية الحديثة، سيرة امير البيان شكيب ارسلان، له ديوان شعر.

 

* د. سلمان منير (23)


من مجموعة الاطباء المعروفيين الموحدين اللبنانيين الذين يمّموا انظارهم شطر هذه الديار بدافع الغيرة الحسنة والنخوة المعروفية اليعربية المشهورة كنخوة سلطان باشا الاطرش للدفاع عن المستجير به السيد ادهم خنجر.
عمل طبيبا في مستشفى حيفا وكذلك في بلدة عتليت الفلسطينية الساحلية وكانت له اياد بيضاء في الاخذ بيد الجميع والتخفيف من ويلاتهم وآلامهم.

 

* سليم فؤاد 1894 – 1925 (24)


مجاهد شهيد، مع اخويه عارف ونصري، واختهم انيسة قرينة المحامي الصفدي صبحي بك الخضرا. عرض عليه الامير عبدالله الترقية لرتبة امير لواء وليكون المرافق الشخصي له، اجاب فؤاد: الرتبة العسكرية اقبلها بالشكر الجزيل، اما تشريفي بان اكون مرافقا لسموكم، فاسمحوا لي ان اعتذر!
كانت له صولات وجولات ومعارك ميدانية في مقارعة الاستعمارين. الى جانب رفاق دربه سلطان الاطرش، رشيد طليع عجاج نويهض وعادل ارسلان، دخل فلسطين مرارا، اُجريت له عملية جراحية في مستشفى القدس بعد اصابته، رفع شعار الثورة (الدين لله والوطن للجميع)، ومكث مدة في حيفا، قال عنه سلطان الاطرش بعد استشهاده في معركة (سحيتا قرب مجدل شمس): (مات فؤاد وماتت روح الثورة، وذهبت آمالنا بالثورة معه).

 

* شقير شوكت 1912 – 1982 (25)


ابن بلدة ارصون، درس في المدرسة البطريركية في بيروت، وصل الى رتبة مقدم في الجيش ثم زعيم وقائد اركان للجيش السوري 1953 – 1956. تولى منصب رئيس الاركان لجيش الانقاذ الذي اسهم في تنظيمه وقاده طه الهاشمي ثم فوزي القاوقجي، خاض عدة معارك في فلسطين عام النكبة في المالكية وارجاء الجليل. اسهم في انشاء القيادة الميدانية المشتركة بين الجيشين المصري والسوري مقدمة للوحدة التي جرت بين البلدين 1958 – 1961. كان من الرجال البارزين الذين حالوا دون انضمام سوريا الى حلف بغداد. كما شارك كمال جنبلاط في ثورة 1958 كقائد اعلى لقواتها المسلحة. ربطته علاقة صداقة حميمة خاصة مع الرئيس عبد الناصر منذ عهد بداية ثورة الضباط الاحرار في مصر 1952.

 

* د. شقير محمد علي (26)


هو طبيب متألق، قدم الى هذه الديار، اسوة بالكثيرين من ابناء جلدته المعروفية، ليؤدوا الخدمات الطبية الانسانية لمواطني هذه الديار، فعمل فترة سنوات في مستشفى القدس، الى جانب العمل مع زملائه الآخرين في المهنة والنضال ضد الظلم والطغيان والاستعمار بأشكاله والوانه المختلفة.

 

 

* شقير نجيب 1872 – 1927 (27)


ولد في بلدة ارصون، عضو في مجلس تركيا الفتاة، تقلد عدة مناصب في الدولة العثمانية قبل ان تحتل فرنسا البلدين سوريا ولبنان التحق بحكومة الملك فيصل، حتى سقطت عام 1921، فعين سكرتيرا عاما للمؤتمر السوري الفلسطيني في مصر، وكانت له مواقف وطنية مشهورة في هذا المجال. توفي في مصر ودفن هناك في قرافة الامام الشافعي في القاهرة.

 

* عبد الصمد حسين (28)


من مواليد بلدة عماطور، حقوقي وقاض، كان ضابطا في الشرطة البريطانية الانتدابية على هذه الديار، عين قاضيا للصلح في مدينة حيفا بين عامي 1940 – 1948 كان من مؤسسي (جمعية اغاثة الفقير الدرزي)، التي اقامها بنو معروف اللبنانيون العاملون في فلسطين عام 1944، بتشجيع من الشيخ حسين حمادة شيخ عقل الطائفة المعروفية في لبنان وكان قد زار البلاد لتسوية الخلافات بين معروفيي هذه الديار بعد اقامة المنظمة الدرزية بمبادرة الشيخ عبدالله خير/ابو سنان ومعارضة خاله الشيخ امين طريف.
القاضي حسين عبد الصمد ترأس هذه الجمعية في عامي 1945 – 1946 خلفا للدكتور يوسف يحيى، وكان من بين اعضائها من معروفيي هذه الديار (فلسطين) كل من المشايخ نجيب منصور ونجله كمال، لبيب ابو ركن، زكي زاهر، توفيق ابو حمدان، توفيق حلبي، شريف وهبة، صالح خنيفس ومزيد حسن صالح.

 

* العيد سامي (29)


من مواليد بلدة بعقلين، كان مربيا من الطراز الاول، كان يبدو سابقا لعصره بالنسبة للأساليب التدريسية الحديثة التي اتبعها، بعيدا عن العنف والقدح والتشهير. ادار المدرسة البلدية في عكا، التي قال عنها رسولنا العربي الكريم (طوبا لمن زار عكا) اُبعد عن منصبا الاداري فانتقل الى مدينة اللد ليتولى ادارة احدى المدارس هناك عشية عام النكبة 1947، كان قد تخرج من الجامعة الامريكية في بيروت في موضوع الآداب، وكان من القلائل الذين يحملون شهادة البكالوريا في مطلع الثلاثينيات والاربعينيات في القرن الماضي، عزله عن ادارة مدرسة عكا لم يخل من توجه طائفي ضيق، لكنه لم يأبه لذلك. توفي هذا المربي في مسقط رأسه في مطلع عام 1991.

 

* د. عز الدين نجلاء (30)


من كبار المدافعات الصادقات عن عروبة فلسطين من خلال عملها في مكتب الاعلام العربي في واشنطن في آذار 1946، وقد تجلت قدراتها وطاقاتها على الملأ، الى جانب مساهماتها الجادة في الكتابة والتوجيه ورفع المعنويات.

 

* علامة فؤاد 1905 – 1935 (31)


ثائر ومجاهد مع مجموعته المؤلفة من 14 شقيا معارضين للانتدابين، تنقلوا ما بين لبنان وفلسطين، ضمت هذه المجموعة: 1) فؤاد علامة – بعذران 2) مجيد عبدالله راجح – بعقلين 3) امين يوسف علم الدين – بعقلين 4) كامل شمس – بعقلين 5) اسماعيل عبد الحق – عين عطا 6) محمود عبد الحق – عين عطا 7) شرف الدين عبد الحق – عين عطا 8) صالح العسل – بكفيا 9) مزيد مغامس – كوكبا 10) كامل مغامس – كوكبا 11) رشيد حمادة – بعقلين 12) رشيد راجح – بعقلين 13) سعيد فياض – بكفيا 14) خليل راجح – بعقلين.
لم يعتد الاشقياء على النساء ابدا، مات مسموما، نقل جثمانه الى بيروت، الجندي المأجور بربر ساسين اطلق النار على جثمانه، قائد الدورية الياس مدوّر طلب من الضابط جورج كرم (زحلة) ان يطلق النار ثانية على الجثمان فرفض قائلا: ارفض تنفيذ هذا الامر باطلاق النار على ميّت، فلو كان حيا لواجهته وجها لوجه، فإما ان يقتلني او اقتله. سُجن هذا الضابط على هذا الرفض الأبيّ!!

 

الفقيه فايز 1940 – 1987 (32)


من مواليد عاليه، نال اجازة علم الاجتماع من جامعة عين شمس في القاهرة عام 1964، اعجب بالبطل العربي الراحل جمال عبد الناصر، تقرب منه عضوا في مؤسسة ناصر الفكرية. وهنا تبلورت شخصيته متمما ذلك برفقته الطويلة للمعلم كمال جنبلاط، اشرف على تحرير جريد الانباء اللبنانية وكتب في العديد من الصحف منها: المحرر، الانوار، الراية، النداء، الاخبار، البلاغ، الطريق، فلسطين الثورة، تشرين السورية وغيرها. رافق كمال جنبلاط لمؤتمر الشيوعيين اليوغوسلاف 1969، مثّل الحزب الاشتراكي في اوزبكستان 1972، ومؤتمر الحزب الشيوعي الخامس والعشرين 1976.
كلفه الراحل كمال جنبلاط لافتتاح اول مؤتمر لتأسيس الجبهة العربية المشاركة للثورة الفلسطينية، ليتولى التوجيه الاعلامي. من مؤلفاته المطبوعة: نضالنا التقدمي الاشتراكي، علم الاجتماع الحضري، حول الفكر والنضال الاشتراكي، ثورة 23 تموز وعبد الناصر.

 

* تلحوق وديع 1914 – 1984 (33)


من مواليد بلدة عيتات، عُين مفتشا للمعارف، ثم مستشارا للجامعة العربية، تبوّأ عدة مناصب ادارية، بعد تخرجه من الجامعة الامريكية في بيروت، عمل في الصحافة والتدريس القضية الفلسطينية كانت نصب عينيه في دراساته وكتاباته، ومن بين كتبه المطبوعة نشير الى:
- فلسطين العربية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها 1945.
- الصليبية الجديدة في فلسطين 1948.
- سايكس بيكو دعامة الاستعمار الاوروبي في بلاد العرب.
- قضية فلسطين قبل الفتح العربي
- منهاج تدريس المسألة الفلسطينية في وزارة المعارف السورية 1948.
- اسرائيل: ايها العربي اعرف عدوك 1950.
- تاريخ المسألة الفلسطينية 3 اجزاء مدرسية لجميع المراحل 1953.
لعل في هذه العينة من هذه المؤلفات. ما يشير الى مدى الاهتمام البالغ الذي اولاه الراحل الكريم لقضية، مأساة، نكبة وكارثة فلسطين التي تحاول تضميد جراحها وتتبوأ مكانتها في الاقطار المستقلة قولا وفعلا وليس شكليا.

 

* تلحوق سليم 1871 – 1953 (34)


ولد في بلدة عيتات، درس في عدة جامعات، القديس يوسف والامريكية في بيروت، ثم في امريكا لينال شهادة الدكتوراة في الطب، متخصصا بأمراض العيون وجراحتها في لندن.
رحل الى مدينة نابلس (جبل النار) عام 1901، ليمارس الطب في احد مستشفياتها، ثم تخصص في جراحة التجميل وسافر الى مدينة الفيوم المصرية، كانت له بصمات وخدمات انسانية مأثورة في كل مكان عمل به، خاصة في نابلس حيث عمل اربع سنوات 1901 – 1905. تقلد منصب وزير الصحة في عدة وزارات لبنانية، وكان نائبا في البرلمان اللبناني عن عاليه. وله اهتمامات عديدة خاصة في مجالات الزراعة وزراعة التفاح في لبنان بالذات.

 

* مجموعة: ثابت حسن 1885 – 1923 (35)


مجموعة اخرى من الثائرين، العصاة، الاشقياء الذين حاولوا الحاق الاضرار بالمستعمرين المنتدبين، قائد المجموعة حسن محمود ثابت من بلدة باتر الشوف. ضمت كلا من: محمد السناوي – السويداء. شامل عزام – معاصر الشوف، محمود عبد الباقي – عينبال الشوف. محمود نصر – كفر فاقود، ابراهيم ابو خزام – كفر حيم. سعيد الغصيني بعقلين – عمل في مناطق القدس، صفد وشفاعمرو، في حين ان زميله محمود نصر عمل في الجليل، فقُبض عليه واُعدم.

 

* الخشن اديل (36)


شاعرة واديبة لبنانية، بلدة الشويفات، ولدت عام 1923، قرينة الشاعر فؤاد الخشن. كتبت الكثير عن القضية الفلسطينية وابعادها، تألمت من اهمال الانظمة العربية لحقيقة هذه المأساة التي حلت بهذا الشعب المشرد. زارت مخيم النبطية للاجئين الفلسطينيين، بعد غارة للطيران الاسرائيلي عليه، وكان الهدف مدرسة الاطفال، رافقتها سيدة امريكية ومرافق فلسطيني فدائي، رأت الامريكية زهرة شقائق النعمان فهمّت بقطفها، المرافق الفلسطيني منعها قائلا: ان جذورها ولونها مزيج من دماء اطفالنا الذين روت دماؤهم تراب الوطن، الشاعرة اديل نظمت شعرا فقالت: عصافير كسيحة في صحراء الغربة/ يرف في اجنحتهم/ تلويح الايادي المهاجرة/ امطروهم بالقنابل/ اسكتوا في اعماقهم صرخات الرجوع/ وغدت الحقول بساطا زغبيا احمر/ تحج اليه الامهات صباحا ومساء/ يغمرنه بالحنين النابض/ وينثرن على ثراه غيث الدموع/ لا، لا تقطفيها/ لن يأخذهم احد منا، ولن تضيع دماء الاطفال.
تحية ود واحترام لهذه الشاعرة الرقيقة الانسانة، لتسمع كلماتها من به صمم.

 

* الخضرا، سليم انيسة (37)


شقيقة المجاهدين الثلاثة: فؤاد، عارف ونصري سليم والشاعرة الكاتبة جمال، ابناء الدكتور يوسف سليم، من مواليد بلدة جباع اللبنانية، انتقلت الاسرة الى دمشق، تعرفت على صبحي بك الخضرا صديق ورفيق شقيقها فؤاد، يقول صديقنا د. مصطفى عباسي في كتاب (زيتونة الجليل):
لعل ابرز الشبان الذين تقرب اليهم صبحي بك الخضرا 1895 – 1954، هو فؤاد يوسف سليم، توطدت علاقتهما الى ان انتهت بزواج صبحي من انيسة، ولم يكن هذا الزواج بالامر السهل، فصبحي مسلم سنّي وانيسة درزية معروفية، ولكن محبة فؤاد لصبحي وتدخّل الامير فيصل شخصيا لدى مشايخ الدروز، ساهم في تحقيق هذا الزواج، ويذكر ان حفل القران تم في الديوان الاميري في دمشق عام 1919، لتبدأ مسيرة طويلة من الاقامة والترحال بين سوريا، الاردن، العراق وفلسطين، اقامت الاسرة في: صفد/ القدس وعكا. كان للسيدة انيسة الدور البارز في مجال بعث الحركة النسائية الفلسطينية، كما كان قرينها المحامي صبحي همزة الوصل بين رجال الثورة السورية في الشمال واحرار سوريا ودعائم ثورتها في فلسطين والاردن، يوفر لهم المال، الرجال، العتاد والسلاح لمواصلة الثورة السورية الكبرى.

 

* تحرّك سوري


يقول الاستاذ سعيد صغيّر في كتابه: بنو معروف في التاريخ ص 678: يوم 11/12/1947 اصدر سلطان باشا الاطرش والهيئة الشعبية بيانا تضمن تضامنهم واستعدادهم للدفاع عن عروبة فلسطين.
اما الامير عادل ارسلان ممثل سوريا في الامم المتحدة، وهو خير منافح عن عروبة فلسطين، ارسل قصيدة الى السيد فارس الخوري جاء فيها:
قل للأعارب جد الدهر في حدث
  لم يبق من بعده في امرنا لعب
هذي فلسطين ان زالت عروبتها
  فكل عرش لنا من بعدها قتب
لعل ذائعة منهم تبشرني
  ان المعارف من حوران قد ركبوا
"في يوم 18/12/1947 قدم فوزي القاوقجي، قائد جيش الانقاذ مستنجدا بالدروز في الجبل قائلا: انا اطلب نجدة الاخوان ليخوضوا معنا معركة الامة العربية بأسرها، وان اية قبضة احصل عليها من اخواننا هنا، تساوي جموعا من اخواننا في جميع الجهات، ذلك لأن ابناء هذا الجبل خلقوا للحرب وتمرسوا بها، وكلما كانت الامة العربية مصابة في قطر من اقطارها، تتلفت نحو هذا الجبل الذي هو اكبر عون، بل اكبر قلعة من قلاع العرب، واكبر مربض من مرابض الابطال في الجزيرة العربية كلها".
اما المحافظ عارف النكدي فقال في هذا المجال:
"ان جماعتنا هنا مشهورون بالفصاحة، ولكنهم لا يتكلمون الآن، لأنهم يشعرون بان الوقت وقت عمل وهم يرددون قول الشاعر:
ان لم اقف فيكم خطيبا فإنني
  بسيفي اذا جد الوغى خطيب
ويتابع الاستاذ سعيد صغير كلامه قائلا:
خفّ فريق من دروز الاقليم للجهاد في فلسطين بعد ان تشكل فوج جبل العرب من 500 مجاهد، اشتروا سلاحهم من مالهم، لأن مقاتلة اليهود للحفاظ على عروبة فلسطين تعتبر جهاد مقدسا، الفوج تألف من اربع سرايا اطلق عليها اسماء المزرعة، المسيفرة، الكفر والفالوج (تيمنا بمعارك جبل العرب ضد فرنسا 1925 ن.ن) وكان قادة هذه السرايا كل من: شكيب وهّاب، ابو الخير رضوان، واكد عامر ونايف عزام ونايف حمد، عند وصول الفوج الى المكان المخصص ليكون ميدانا لقتاله، زاره كثير من دروز فلسطين واعلنوا استعدادهم لمؤازرة الفوج بالكفاح.
ويتابع الصغير حديثه قائلا:
في معارك 12-16/4/1948 سقط منهم 29 شهيدا، 37 نقلوا الى شفاعمرو ومنها الى بيروت معارك هوشة، الكساير، رمات يوحنان، يحيعام، قام بها جنود هذا الفوج، وفي يركا كانت حامية بقيادة الملازم مفيد غصن، شهداء الدروز كانوا ما بين 85 – 100 شهيد عدا عن مئات الجرحى، معركة (مشمار هعيمك) قادها فايز حذيفة، نوفل حجلة، يوسف قرقوط. القائد فوزي القاوقجي قال عن بسالة الدروز ومصفحاتهم (هم خيالة الموت)، كما خاضوا معارك: المالكية، كفار هروئيه، نفيه يعقوب، مشمار هعيمك، موتسا، لفتا، عطروت، اللطرون وباب الواد.
الشاعر وديع تلحوق قال في هذا المجال:
فاقحموا لجة الخطوب بعزم
  تشفى به الجبال القوائم
واعيدوا (حطين) سيرتها الاولى
  فأنتم اهل الفتوح الاكارم
ونحن هنا في هذا المجال نعيد ما كتبه المنظر الشهيد انطون سعادة مؤسس الحزب القومي السوري، "اننا كلنا مسلمون، منا من اسلم لله بالقرآن، ومنا من اسلم لله بالانجيل، ومنا من اسلم لله بالحكمة" (زيتونة الجليل، حنا ابو حنا، اعداد د. بطرس ابو منة، د. جوني منصور).
ما اجمله من قول صادر عن وعي وادراك وبعد وطني ينطبق مع شعار الثورة السورية الكبرى الذي رفعه الشهيد فؤاد سليم: (الدين لله والوطن للجميع).
بعد هذه الاطلالة القصيرة على هذه المجموعة من الاخوة المعروفيين اللبنانيين وبعض السوريين، رغم التفاوت بين دور هذا وذاك، ورغم تحفظنا من بعض الادوار النادرة، الا ان هذه المجموعة الكبيرة تشكل ركنا اساسا في دعم النضال الوطني الفلسطيني، قبل النكبة وبعدها الى حد ما.
لا يغيب عن ذهننا هنا مجموعة المجاهدين، ومن بينهم لا ننسى العنصر النسائي الذي نعتز بادائه والذي ادى الخدمات الميدانية الجليلة، في ظروف عسيرة صعبة، مع التحديات والتطلعات المستقبلية المشرقة.
كما لا ننسى دور الاطباء العاملين في هذا المضمار في مختلف المناطق.
واذا كان الفقر، الجهل، البساطة، ضيق ذات اليد وعدم توافر الامكانيات، من نصيب الاغلبية الساحقة من معروفيي هذه الديار، الا ان الاخوة اللبنانيين اخذوا بيدهم قدر الامكان، رغم توطن هؤلاء الاخوة في المدن الكبرى: القدس، يافا، حيفا، صفد، عكا وغيرها. وتكون بذور رياح التغيير والتطلع الى التحرر والانعتاق قد زرعها هؤلاء اللبنانيون مشكورين على هذه الجهود الخلاقة والالتفاتة المباركة نحو اخوتهم في وطنهم الثاني.
وقد توسط هؤلاء بمساعيهم الحميدة لحل الكثير من الخلافات بين افراد الطائفة او مع الطوائف العربية الاخرى. ويحضرنا في هذا المجال الوفد المعروفي الموقر الذي قدم الى هذه الديار لحل الخلاف الذي نشأ في شفاعمرو بعد اغتيال المرحوم الشيخ حسن خنيفس وبعض مرافقيه، جورا وعدوانا، من قبل من يدعون الوطنية والحفاظ على عروبة فلسطين وترابها، وبعض العناصر المغرضة في اواخر الثلاثينيات من القرن الماضي، ضم هذا الوفد: عبد الغفار باشا الاطرش، زيد الاطرش، حمزة درويش، اسعد كنج، جبر مراد الصفدي، امين حمزة (والد د. نايف حمزة)، حسين عبد الصمد، رفيق حمزة (ابن اخت د. نايف حمزة)، الى جانب شخصيات عربية هامة اخرى منها: (عيسى العيسى، جريدة فلسطين)، رفيق بيضون قائمقام حيفا، محمد برادعي، حاكم صلح حيفا، فريد سعد قائمقام، ومن دروز هذه الديار: سلمان ماضي جولس، يوسف ابو طفلا، الرامة. وحاكم لواء حيفا مستر ايفانس.
كما تدخل الوفد في حل قضية الخلاف بين آل قدورة من مدينة صفد وآل فارس في حرفيش بعد مقتل الاقطاعي عبد المجيد قدورة عام 1920. المفتي الشيخ اسعد قدورة قال ساخطا: سأحرث حرفيش حرثا، وكان يجلس الى جانبه عبد الغفار باشا، فثارت ثائرته وضرب المفتي على طربوشه، فغاص الطربوش في رأسه وقال عبد الغفار: وستلقى الجزاء المناسب هكذا.

 

* ملاحظة اخيرة

هذه مساهمة متواضعة لتسليط بعض الاضواء، على هذه الزاوية المعتمة، في تاريخ بني معروف، لعلها تساهم في دحض الكثير من التضليل والدعايات المغرضة التي يثيرها، ينشرها ويروج لها، دعاة التفرقة الطائفية من متصهينين ومتأشكنزين وغلاة الدس، التزوير وتشويه الحقائق، والتمادي على الرموز الوطنية الحقة امثال المغفور لهم شكيب ارسلان، سطان الاطرش، كمال جنبلاط وغيرهم.
وانا لا ادعي الالمام بكافة الشخصيات التي ساهمت قولا وفعلا في المجهود النضالي لأجل فلسطين، القضية، الشعب والحضارة، كما تقول السيدة بيان نويهض الحوت. وقد يكون في الزوايا الكثير من الخبايا، كما يقول كاتبنا الراحل سلام الراسي ابن بلدة ايل السقي، مختلطة السكان، مسيحيين ومعروفيين، والذي رحل الى بيروت، فصار بيته فندقا، مأوى ومضافة لأهل الجنوب عامة، ولأبل السقي خاصة. على امل امكانية العودة الى هذا الموضوع في البحث والتنقيب.
ثمة اشخاص في هذه الدراسة، قد يكونون موضع جدال او خلاف في الدور الذي لعبوه، بين مؤيد ومعارض، وهناك بعض الافراد من فوج جبل العرب الذين عملوا (خلفا در) وغيروا الاتجاه الثوري بآخر في العمالة لأجل منافع شخصية او رشاوى من السلطان والصولجان، ليصبحوا مرتزقة في هذه الديار بكل ما تعني هذه الكلمة من معان، محاولين دمغ وتشويه الرسالة الوطنية الحقة التي حملتها الاغلبية الساحقة من فوج جبل العرب وغيرهم. ونحن نتجاهل هؤلاء القلة ممن عملوا في التجسس، التخريب والعمالة كوكلاء او مأجورين لدى اباحوشي من قادة حزب مباي سيء الصيت.

المراجع:


1. آل باشا، محمد خليل، معجم اعلام الدروز، الدار التقدمية، المختارة، لبنان، 1990
2. آل حوت، بيان نويهض، فلسطين، القضية، الشعب، الحضارة، دار الاستقلال، بيروت، لبنان،1991
3. آل حوت، بيان نهويهض، القيادات والمؤسسات الفلسطينية 1917 – 1948، الاسوار، عكا، 1984
4. زهر الدين عزت، المجاهدون الدروز في عهد الانتداب، مؤسسة التراث الدرزي، لندن، بيروت، لبنان، 2004
5. آل صغير سعيد، بنو معروف في التاريخ، مطابع زين الدين، القرية، سوريا
6. فلاح سلمان، الدروز في الشرق الاوسط، وزارة الدفاع، دار المشرق، شفاعمرو 2003
7. كيوف كمال، جريدة آخر خبر، الكرمل 25/3/2007
8. نويهض عجاج، بروتوكولات حكماء صهيون، بيروت 1996
9. نويهض، نادية الجردي، نساء من بلادي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1986

 

نمر نمر
السبت 10/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع