يوم غابت الشمس وأصبح القمر في المحاق..



احيانا كانت تجلس لتحدثني قصصا وأحاديث، كنت قد سمعتها من قبل اكثر من مرة، كنت اسمعها منها ومن جدي ومن أبي، لكن بين كل مرة واخرى كنت اسمع فيها القصة ذاتها، كنت اشعر وكأنها قصة اخرى، كنت ارى قصة اخرى لا بكلامها، بل كنت ارى قصة اخرى بأعينها، مرة ارى أعينا غاضبة من هذه الحياة الصعبة، وتارة ارى اعينا راضية بما كتب لها حامدة لربها، وحين آخر ارى اعينا فرحة حالمة بغد افضل واجمل. لكنها اعين مهما كان حالها جميلة، عندما ننظر اليها فإنك تنظر الى بدر من تحته غيوم تجعله كعينها التي من تحتها تجاعيد خلفها الزمن.
يملأ عبق زهرك دارك، فناءك وحياتي، عبق استمد منه اشخاص كثيرون لينهضوا ويسيروا مجددا بعد ان اوقعت بهم سنّة الحياة، كما فعلت بك انت يا من اعطيت فأعطيت وأعطيت ثم لم تأخذي الا القليل من القليل، يا من صمدت عينيها امام مصائب الدنيا ومشاكلها ونفت بان تقول لقد انتابني المرض، يا من وجدت السهولة في تنفيذ الطلب والصعوبة بطلبه.
كل زهرة تستطيع ان تخلف وراءها ذكرى، لكن ليس كل زهرة تستطيع ان تخلف وراءها زهرة اكبر واجمل، وليس كل زهرة تستطيع ان تخلف وراءها خمسين زهرة اكبر واعظم واجمل وأبهى، كما خلفت انت، انت.. يا من لم تترك وراءها غير الجمال والبهاء والوئام والسكينة، يا من لم تترك غير كل شيء يتطلع اليه ناجح مراده النجاح.
لم اشهد لك مثيلا، لم أر وجها يقتصر به بياض ثلوج العالم كله، ولا ابتسامة تلملم في جوارحها وئاما حملته كل حمامة بيضاء تتنفس لأجل السلام، ولم أر ولن أرى اعينا تحمل اسمى درجات البهاء والجمال، ولم ار حتى الآن فؤادا عندما توقف ضخ الدم فيه استغل آخر انفاسه وقال بحنان. لم تعرفك عين ولو تهمل لأجلك بدموع داعية لك بالسلام والسكينة والوئام. يقولون ان كل بداية تصطحبها نهاية، ويقولون لكل عمر نهاية، ولكل روح يوم اخير لتعيش في دنيانا التي هي مجرد كيان كان، لكن لروحك لم ار الا بداية حتى الآن.. جدتي يا من احبك الكل حتى الزمان.
والآن في كل مكان اراك حتى عندما ترى عيناي النور للمرة الاولى في كل يوم جديد، انك تحيطينني من كل النواحي، خلفي استند عليك، على يساري تحدثينني، على يميني لتحرسيني وأمامي لتنيري لي طريقي.


(كفر قاسم)

ميرون صابر رابي *
الثلاثاء 13/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع