"يا رايح لا تكثّر من القبايح"



لم يبق لها في هذا الوجود غير اختها "خزنة" – ام صابر، اللاجئة قسرا في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان. نصال النكبة لم تقف عند حدود تشريد شعبها واهالي قريتها بعد ان هدم همج البشر من وحوش الغاب جميع بيوت البلدة بما في ذلك الجامع والكنيسة. نصال النكبة طالت رقبة "آمنة المحمود" فقصفت اجل زوجها "عبد الجبار محمود" نحرا بالسكين في وقت لا يزال الحناء يزيّن يده اليمنى كشاهد ملكي على انه عريس جديد لم يكد ينهي شهر العسل مع حلاله وحرمته آمنة المحمود.
ولم تستطع مآسي النكبة المزدوجة هدّ حيل آمنة المحمود او تثبيط عزيمتها الكفاحية واصرارها المتمسك بالهوية الوطنية الكفاحية ومواصلة المشوار المشحون بالتفاؤل الواعي ان لا بد لجرح النكبة ان يندمل ولا بد لحوض الميرامية ان ينشر الرائحة الفواحة العطرة فوق قبر زوجها وزملائه من شهداء القرية المنكوبة. رفضت الزواج بالرغم من كثرة الخطّاب الذين حاموا حولها وطلبوا يدها، رفضت ان يقال لها ارملة، فهي على حد تعبيرها زوجة وعروسة القضية الوطنية. وتؤكد انها بهذا الموقف لا تزاود على الرئيس الفلسطيني خالد الذكر ياسر عرفات الذي توج تحزبه للقضية الفلسطينية بعروس على صمدة وطنية. لا تتخلف آمنة المحمود عن الواجب الوطني بالمشاركة في مختلف المناسبات الوطنية النضالية. واكثر ما نحب فيها "كذباتها البيضاء"، حبها وميلها الى المبالغة في سرد بطولاتها ونشاطاتها بلغة مسرحية تؤهلها لتكون بطلة تمثيل مسرحي.
التقيتها عند احد اقاربي يوم الجمعة الماضي، في يوم التاسع من ايار، الذكرى السنوية للنصر على النازية، وبعد يوم واحد من "مسيرة العودة الحادية عشرة الى صفورية" في الذكرى السنوية الستين لنكبتنا واستقلالهم. بادرتني حتى قبل ان استريح على المقعد بقولها "خسارة يا سويد اليمن انك لم تستطع المشاركة في مسيرة العودة وكسب الاجر والثواب من رب العالمين في التصدي لعدوان المجرمين من العنصريين الفاشيين وقوات البوليس الراجلة والراكبة على ظهور الخيل، صحيح ضربوا واعتدوا على بعض قادتنا على النائبين محمد بركة وواصل طه وغيرهما وزرعوا الذعر والخوف في نفوس الاطفال، لو رأيت كيف كان الدكتور محمد حسن بكري يحتضن ابنته الصغيرة جيفارا ويهدئ من روعها، لكننا لم نقصر في واجبهم، محسوبتك آمنة المحمود انقضت على احد فرسان البوليس وخبطت حصانه على محاشمه بلبطة من قراقيح قلبي جعلت الحصان يجفل ويقع ويوقع البوليس متدحرجا ومتمرغا بتراب صفورية الذي دنسه المعتدون. فشيت غُلّي بصرمايتي تصفع وجوه عدد لا بأس به من المستوطنين المعتدين وحراسهم من بوليس القمع السلطوي. في طريق العودة من ارض المعركة عرجت على قبر الشهيد زوجي عبد الجبار، قرأت الفاتحة على روحه وقلت له آمنة على العهد، اليوم قدمت لاعداء شعبنا وجبة على الحساب الذي يبقى مفتوحا حتى يوم العودة".
فجأة توجهت آمنة المحمود نحوي قائلة، بعد ايام قليلة معدودة، في منتصف هذا الشهر، يعتزم مجرم الحرب، عدو شعبنا وشعوب المنطقة، رئيس عولمة ارهاب الدولة الامريكية المنظم جورج دبليو بوش تدنيس تراب وطننا بزيارة لتهنئة حلفائه في محور الشر، حكومة الكوارث والاحتلال الاسرائيلية بمناسبة مرور ستين سنة على قيام واستقلال اسرائيل على اطلال نكبة الشعب العربي الفلسطيني وجرحه النازف دما وحرمانه من حقه المشروع في الدولة والقدس والعودة. فماذا تخططون يا حمر من استقبال لائق لمجرم القرن الواحد والعشرين!!
قلت، نستقبله بتظاهرات وشعارات الادانة وبتصعيد الكفاح لانهاء الاحتلالين الاسرائيلي لفلسطين المحتلة والامريكي للعراق المحتل! قالت آمنة المحمود وبالاعلام السوداء دلالة على النكبة، ومع ان بوش منقلع من "البيت الابيض" فانه كباقي المجرمين ينطبق عليه المثل الخاص بالسفهاء مع بعض التعديل"يا رايح لا تكثّر من القبايح".
 وصباح الخير  لجميع ابطال الحرية والاستقلال والعدالة.
د. احمد سعد
الخميس 15/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع