رحلتِ يا زيتونة عكا.. إبتهاج خوري



ما اصعب ان ارثي خاصة اعز الناس الى قلبي وُلدتِ وترعرعتِ في بيت عائلة عريقة وميسورة الحال، تعلمت وتخرجتِ من الجامعة الامريكية في بيروت وفي البعنة، احببتِ شريك حياتك، وعلى الرغم من كل محاولات منعك من الزواج منه لأنه شيوعي تمردت على عادات منع الفتاة من الزواج ممن تحب، تزوجته وخير ما احببتِ وسكنت معه في عكا وصرتما تتباريان من منكما يخدم سكان عكا اكثر حتى صار بيتكما مقرا ومزارا للشيوعيين والدمقراطيين ومركزا للمصالحات والوفاق، حتى نلتما احترام حتى اعدائكما. وعندما توفي زوجك طيب الذكر رمزي خوري تكهن البعض انك ستصابين باليأس والاعتزال، غير انك اثبتِ انك اقوى من المصائب حتى صرت تواصلين نضالك مضاعفا، تقودين المظاهرات والاجتماعات الحزبية والجبهوية وحركة النساء والدمقراطيات وأسست جمعية السنديانة وأقمتِ الروضة والحضانة.
كم اود ان اكتب عن صفاتك الشيوعية الحقيقية والحميدة غير ان القلم الذي  بيدي يعجز عن كتابة كل هذه الصفات التي لا يمكن حصرها لكثرتها، ولن انسى عندما اصابني المرض وتضعضع وضعي الاقتصادي، ولم اتمكن من دفع الاشتراك في جريدة "الاتحاد" وانك عرفت ان "الاتحاد" لا تصلني، فدفعتِ انت الاشتراك عني وبذلك فإنك لم تقدمي لي جريدة بل قدمت لي غذائي الفكري، ارجو من روحك المعذرة لأني لم اتمكن من المشاركة بالعزاء لأني لا اقدر ان اصعد الدرج، لكنني شاركت في مراسم الدفن وهو الوداع الاخير بيننا وهذا اقل شيء استطيع ان اقوم به. ان وفاتك ليست خسارة لابنائك وعائلتك ورفاقك وعكا فحسب، بل خسارة لكل القوى التقدمية، وهذا هو قدرنا في عكا نخسر القياديين امثال، جمال موسى، رمزي خوري، محمود ابو شنب وحبيب حزبون وآخرون والآن انت يا زيتونة عكا يا دائمة الخضرة والعطاء، طوبى لذكراكم.
كلي امل وثقة ان يكمل طريقكم كل الذين تتلمذوا على اياديكم، والآن اقترح ان يطلق اسمك على احد الشوارع او المدارس فهذا اقل ما تستحقين، تعازينا لمنذر ومها ونزار وجميع آل خوري وبولس وجميع رفاقك، وكل من عز عليه وفاتك، اما انا فعزائي لفراقك ان ذكراك ستبقى في قلبي دائما.

(عكا)

ياسر غطاس *
الخميس 15/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع