في المرة القادمة سآتي مع جيشي
صـفـوريـــة



سألته ابنة السادسة: إلى أين نحن مسافرون يا أبي، وهل سنزور أحدا هناك؟

نعم .. سنزور أشجار التين والرمان والصبار، وسنزور شوارعها وطرقاتها وحجارتها.
- وهل سندخل بيوتها ونزور أصحابها؟
لا يا أبنتي فأهل صفورية طردهم الجيش ألإسرائيلي قبل ستين عام من بيوتهم، وهدمها، وأتى بيهود ليستوطنوا مكانهم، وأنا وأنت ذاهبون إلى هناك مع أهل صفورية لنحيي ذكرى نكبة وجريمة ارتكبت بحق كل شعبنا، فمثل صفورية هنالك مئات القرى التي هدمت، ومئات آلاف اللاجئين الذين طردوا من بيوتهم.
- لكن يا أبي رأيت الجيش في التلفزيون يطارد الأولاد في غزة وجنين ويقتلهم.
نعم لكن لا تخافي يا أبنتي فأنا وأمك وأهل البعنة وصفورية والغابسية معك فلا تخافي، ولا أظن أن هذا الجيش وهذه الشرطة لم تتعلم درسا من أحداث سبقت وآخرها أحداث أكتوبر ألفين.
أعرف يا أبنتي أن علي تفسير كل ما أقوله لك، لكن ألوقت يداهمنا.. نحن على مشارف صفورية، أنظري إلى تلك ألأشجار وانظري شمالا، فهناك كان يعيش أهل صفورية، وأنت بالطبع تعرفين عمو محمد أبو السعيد، فهو من هذه القرية ومن الذين طردهم الجيش منها.

 

وصلنا صفورية ورأينا تلالها ألخضراء وسهولها وقد اكتست بعلم فلسطين الأحمر والأخضر والأبيض والأسود، وسارت المسيرة وتليت الكلمات، ورجعنا كل يبحث عن السيارة التي ستقله إلى بيته، بعد أن عقدنا العزم على الاستمرار في الكفاح من أجل حق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم والمهجرين إلى قراهم. لكن شرطة إسرائيل أبت إلا أن تكشف عن أنيابها مرة أخرى غير آبهة بوجود مئات الأطفال في المسيرة، فاعتدت علينا وأخذت تطلق القنابل المسيلة للدموع، والرصاص الحي، ونحن نعلم أن الشرطة وجدت لحماية المواطن، إلا في إسرائيل وقبلها في جنوب أفريقيا فهي للاعتداء على المواطن وقتله وإرهابه. شرطة أبرتهايد، شرطة فاشية، ومن خلال بكائها وخوفها وصراخها من شرطة إسرائيل قالت الابنة:
- لماذا لا يأتي جيشنا ويطخ جيشهم؟
وهكذا قررت الابنة ابنة السادسة أن هذا ليس جيشنا وأن جيشنا هناك. وتقول إنها تكره لباس شرطة إسرائيل وشكل شرطة إسرائيل وألوان علم إسرائيل. ووالدها دعمها بذلك.

 

وابنة السادسة قررت أن تزور صفورية وباقي قرانا كل سنة، ولكنها قالت: في المرة القادمة سآتي مع جيشي.

محمد حسن بكري
الأثنين 19/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع