فلسطين بين السلام والصراع



الباحث او المؤرخ المتعقب والمتتبع لتاريخ الحركة الصهيونية من ناحية، فكرها وتخطيطها، يلاحظ بشكل واضح جدا ان هذه الحركة تفكر وتخطط للمدى البعيد. لذلك فتحركاتها وبرامجها مدروسة وليست عشوائية، ما اقصده تحديدا بالنسبة للصراع الاسرائيلي – الفلسطيني والهدف من ذلك استحالة حل القضية الفلسطينية، فالحركة الصهيونية بعد ان اقامت دولتها على ارض فلسطين، عملت بشتى الوسائل والحجج على تهجير وترحيل اكبر عدد ممكن من شعبنا الفلسطيني والاستيلاء على اكبر مساحة ممكنة من ارضنا الفلسطينية لتقيم دولتها على كامل الارض الفلسطينية وليس على قسم منها كما جاء في قرار هيئة الامم المتحدة أي دولتين للشعبين، ومنذ ان قامت دولة اسرائيل ضربت هذه الحركة عرض الحائط بهذا القرار ولم تحترمه، وتعمل كل ما بوسعها في عدم تنفيذ هذا القرار فيما يخص الطرف الفلسطيني، لذلك وكلام حكام اسرائيل عن السلام غير جدي وغير واقعي لأن اعمالهم على الارض مناقضة للسلام الحقيقي والثابت، وفي المفاوضات يتلاعبون بالكلام والوقت ظنا منهم انه سيأتي يوم وستتعب القيادة الفلسطينية بالمطالبة بحقوقها، وفي النهاية بعد ان تجد ان كل الطرق مسدودة امامها وكل القوى العظمى تقف عائقا امام تحقيق حلمها وحلم شعبها ستوافق على السلام المفروض عليها فرضا من قبل اسرائيل والامبريالية العالمية، أي سلام على مقاس دولة اسرائيل ولمصلحة دولة اسرائيل. وسلام مفروض على شعب ايا كان الشعب هو سلام غير جدي وعمره قصير.
لقد كان لاحتلال اسرائيل للاراضي العربية من مصر وسوريا والاردن ولبنان فائدة كبيرة ومصلحة عليا لا تضاهيها مصلحة ولا تقدّر بثمن في تثبيت نفسها في هذا الشرق العربي وتأمين حدودها مع هذه الدول المجاورة، فدولة اسرائيل عندما عقدت ووقعت اتفاقية السلام مع دولة مصر كانت هذه الاتفاقية لصالح دولة اسرائيل اكثر مما هي عليه لصالح دولة مصر، فهذا السلام لم يكن فقط مجرد سلام بل كان ايضا انذارا وتحذيرا لدولة مصر بعدم مهاجمة اسرائيل، ولتأمين الحدود المصرية الاسرائيلية. وهذا ايضا ينطبق على السلام مع دولة الاردن وفي كلتا الحالتين اسرائيل هي المستفيدة والرابح الاكبر من هذا السلام.
ومع ان دولة اسرائيل وقعت اتفاقية سلام مع دولة مصر ومع دولة الاردن الا ان هذا لم يحرك القضية الفلسطينية قيد انملة وبقيت المشكلة كما هي، لا بل استفحلت وزادت خطورة ومأساة اكثر من قبل ولم تنعم المنطقة، لا بالهدوء ولا بالاستقرار، لأن دولة اسرائيل غير معنية بحل القضية الفلسطينية وفي احسن الاحوال اذا وافقت على قيام دولة فلسطينية فهي تريدها ان تكون تحت المراقبة والوصاية الاسرائيلية وليس اكثر من ذلك، ومن كل هذا نستنتج ان الحركة الصهيونية حتى قبل قيام دولة اسرائيل آمنت ولا زالت تؤمن انه على هذه الارض فقط يجوز قيام دولة واحدة، لذلك تراهم متمسكين ومتشبثين بالاحتلال وافرازاته، أي تكثيف الاستيطان في قطاع غزة والضفة الغربية وخاصة حول رقبة القدس الشرقية لخنقها وربطها بشكل مباشر مع القدس الغربية حتى تصبح وكأنها مدينة واحدة. فدولة اسرائيل متمسكة بالاحتلال مهما كلف الثمن وهذا يدل على انها معنية بإدامة الصراع، لكن بالمقابل شعبنا الفلسطيني متمسك بحلمه بالدولة والعودة والقدس الشرقية مهما كلف الثمن، وهذا يدل على ان شعبنا معني بانهاء الصراع مرة واحدة والى الابد، وتحقيق الحلم الفلسطيني على ارض الواقع معناه السلام والهدوء والاستقرار لكل شعوب المنطقة.

(كفر ياسيف)

نايف محمد الحاج *
الثلاثاء 20/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع