نعم للسلام العادل.. ولكن!



منذ مدة يجري الحديث عن قيام محادثات سرية غير مباشرة اسرائيلية – سورية من خلال وساطة تركية وغير تركية، اضافة الى محادثات سرية سورية امريكية عبر وسيط ثالث. وكلنا يذكر انه قبل حوالي الشهر والنصف زار الرئيس التركي الطيب اردوغان سوريا واجتمع مع الرئيس السوري بشار الاسد وغيره من المسؤولين، وعشية تلك الزيارة سربت وسائل اعلام مختلفة ان الرئيس التركي يحمل الى المسؤولين في سوريا رسالة من رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت مفادها استعداد اسرائيل الانسحاب من جميع اراضي هضبة الجولان السورية المحتلة والعودة الى حدود الرابع من حزيران السبعة والستين مقابل اتفاقية سلام دائم مع سوريا. وبعد تجميد المعلومات عن هذا المسار، فجأة كشفت مصادر سورية واسرائيلية وتركية امس الاول الاربعاء، وفي نفس الوقت، انه تجري مفاوضات بين اسرائيل وسوريا، بمستوى تمثيل منخفض حتى الآن، وان هذه المفاوضات تجري بوساطة تركية في تركيا، وان سوريا – حسب تصريحات وزير الخارجية السورية وليد المعلم حصلت في مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل تتم عبر وساطة تركية على التزامات بانسحاب من الجولان حتى خط الرابع من حزيران السبعة والستين!!
اننا نرحب بأي اتفاق سياسي تستعيد من خلاله سوريا جميع اراضيها المحتلة في هضبة الجولان منذ السبعة والستين، فالسلام العادل وفق مبدأ الارض مقابل السلام كان دائما خيار النظام السوري الاستراتيجي، ومنذ ايام الرئيس الراحل حافظ الاسد. ورغم ترحيبنا وتأييدنا لسلام عادل بين سوريا واسرائيل الا اننا لا نثق بالموقف الاسرائيلي الرسمي الذي ومن خبرة السنوات الطويلة الماضية لا يؤتمن جانبه. وقد يكون ابراز خبر سير المحادثات السرية غير المباشرة في نفس الوقت في سوريا واسرائيل وتركيا وبعد يوم واحد فقط من نجاح الحوار اللبناني – اللبناني في التوصل الى اتفاق وفاق وطني، يكون ابراز هذا الخبر جزءا من مناورة سياسية نسج مطبخ تنسيق محور الشر الاسرائيلي – الامريكي خيوطه. والسؤال الذي يأتي في البال، لماذا تصرح وتعلن اسرائيل اليوم على لسان اولمرت وغيره الموافقة على ما رفضته بالأمس وذلك بالاستعداد للانسحاب الى حدود الرابع من حزيران السبعة والستين؟ وما هي الشروط والاملاءات التي تطرحها اسرائيل وسندها الامريكي على سوريا مقابل الانسحاب؟ فبرأينا ان حكومة الاحتلال الاسرائيلي تحاول السمسرة والابتزاز السياسي من سوريا من خلال اللعب على المسارين السوري والفلسطيني، ففشل المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية حول الحل الدائم ستستغله حكومة اولمرت – براك لفرض املاءات على الطرف السوري، مثل رفع العقوبات الامريكية عن سوريا مقابل السلام مع اسرائيل وتدجين النظام السوري في حظيرة خدمة استراتيجية الهيمنة الامريكية – الاسرائيلية في المنطقة والزام سوريا بعدم ايواء قادة بعض الفصائل الفلسطينية في سوريا ومحاربة "الارهاب" وقطع العلاقة مع حزب الله وعدم تزويده بالسلاح الايراني والروسي، والاهم من كل ذلك دق الاسافين بين سوريا وايران بابعاد سوريا من دائرة العلاقة السورية – الايرانية المناهضة للهيمنة الامريكية – الاسرائيلية في المنطقة، وان تأخذ سوريا دورها في دعم الاحتلال الامريكي وعملائه في حكومة الدمى الامريكية برئاسة المالكي في العراق المحتل.
نأمل لسوريا النجاح في نضالها لتحرير الجولان وعودته الى حضن الام الرؤوم سوريا دون الخنوع لاملاءات محور الشر الامريكي – الاسرائيلي. وان تكون اية تسوية جزءا عضويا من انجاز سلام عادل وشامل في المنطقة.

الاتحاد

الجمعة 23/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع