ألاعتداء على حرية الصحافة في العالم العربي!



تحت هذا العنوان ، خرجت علينا بعض وسائل اعلام اسرائيلية، لتقول لنا وللمجتمع في اسرائيل ان حرية الصحافة في العالم العربي معتدى عليها وحقها غير مصون . وهذا بالطبع يزعج ويقلق الاعلاميين في اسرائيل ! .
 قبل ايام ، كتب الصحفي الاسرائيلي ميخائيل باراك في موقع اوميديا الاخباري ، والذي يبث الاخبارعلى مدى الاربع والعشرين ساعة مقالا منمقا عن الاعتداء الحاصل في العديد من الدول العربية على حرية الصحافة ، مظهرا سخطه وانزعاجه الشديدين  لهذا الاعتداء!.
لن نناقش الكاتب المحترم في صحة الادعاء بالاعتداء على حرية الصحافة والصحفيين في العالم العربي ، فهذا امر معروف ولا جدال فيه ، ما من احد في العالم العربي يدعي وجود حرية صحافة على اهميتها طبعا .  ان الصحافة تؤدي دورا هاما في جميع المجتمعات ، وهي تحسب وتعد كالسلطة الرابعة في انظمة سياسية كثيرة ، الصحافة والاعلام يعتبران الحارسين الامينين على الديمقراطية في كل مكان،  وعادة لا توجد حرية صحافة الا في الدول الدمقراطية . وبما ان الدول العربية لا تتخذ الدمقراطية الغربية، المعروفة اليوم كالدمقراطية الليبرالية اسلوبا سياسيا لانظمة الحكم فيها فلا عجب اذا من عدم وجود حرية صحافة فيها ، لا بل من المؤكد للقريب والبعيد عدم وجود حرية صحافة ، وهذا بالتأكيد مؤلم ومحزن . الكل في عالمنا العربي يقر بهذه الحقيقة المؤلمة والجميع يعلم ان الصحافة ووسائل الاعلام في الدول العربية مسخرة في خدمة السلطة ، ووسائل الاعلام لا تستطيع معاداة الانظمة ، فالانظمة القمعية في الدول العربية تقمع الحريات وتنكل بكل اعلامي يخرج عن المسار المرسوم .
لكن ، المشكلة ايها الاعلاميون الاسرائيليون اصعب واكثر عيبا ومحزنة اكثر واشد ايلاما عندما يأتي القمع للحرية الصحفية من ذاك الذي يدعي الدمقراطية ، من الذي ينصب نفسه على رأس الدمقراطية ، الذي يدعي صبحا ومساءا انه حامي حمى الدمقراطية . المأساة اشد عندما يتم الاعتداء على الصحفيين والاعلاميين في الدول الدمقراطية .
قبل ايام وفي " واحة الديمقراطية في الشرق الاوسط " قتل الاعلامي الفلسطيني" فضل شناعة "على ايدي جيش" الديمقراطية الاسرائيلية ". الصحفي كان يصور، لوكالة الانباء العالمية رويتر ،الاقتتال بين عناصر فلسطينية وجيش الاحتلال الاسرائيلي في غزة .
لقد تم قتل الصحفي الفلسطيني "فضل شناعة " من قبل الجيش الاسرائيلي على اغلب الظن عن قصد وعن عمد وعن سبق الاصرار ، وذلك لاسكات الصحافة ومنعها من ايصال الحقيقة البشعة للهجمات التي يقوم بها جيش الاحتلال في الاراضي الفلسطينية المحتلة . ان الامر الذي يؤكد عمد القتل، هو ان الصحفي قتل من قبل دبابة اسرائيلية ، تلك الدبابة المعتبرة كأحسن دبابة في العالم ، لابد انها مزودة بأجهزة رصد ومناظير تمكن من في الدبابة من رؤية الصحفي وسيارته المرصعة بالشارات التي تدل عن كونها سيارة صحافة . وحتى عن تبعيتها لوكالة رويتر . ان طاقم الدبابة الذي قذف الصحفي الفلسطيني بقذيفتها القاتلة عن مسافة عشرات الامتار كان يعلم ان الشخص المستهدف هو اعلامي ، وان ما كان بحوزته كاميرا للتصوير  وليس مدفعا يهدد الدبابة . ثم ان طاقم الدبابة مكون من اكثر من شخص واحد ، والقذف يأتي بقرار من قائدها ، والذي بمقدوره التشاور مع اطراف اخرى بواسطة اجهزة الاتصال الحديثة والمتطورة المزودة بها افضل دبابة في العالم . اذا لا يمكن الادعاء بعدم معرفة شخصية المستهدف .
اذا،  في "واحة الدمقراطية "،لا يعتدى على حرية الصحافة ولا يتم منع الحرية الصحفية وقمعها كما في البلدان والدول العربية ، انما بكل افتخار يتم تصفية الصحفيين وقتلهم عندما تحتاج الدمقراطية الاسرائيلية الى  ذلك . وما اكثر احتياجها !
ولكي نبدي  واقعيتنا وموضوعيتنا وبأننا لا نتجنى على "الواحة الديمقراطية " ، لا بد ان نذكر ان رئيسة وزعيمة الدمقراطية في العالم اليوم ، تلك التي تشن الحروب وترسل الجيوش الى ساحات القتال لكي "تبني الدمقراطية" كانت قد قتلت عشرات الصحفيين مع عملائها في العراق "الدمقراطي " .
ليس هدفنا هنا  الدفاع عن موبقات االانظمة العربية وعن ظلمها وقمعها للحريات . لكن اردنا القول للذي في عينه خشبة بأنه لا يحق له القول للغير بان في عينه قشة .

(طرعان)

أسيد عيساوي*
الجمعة 23/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع