عالسكين يا بطيخ
أيام شح بس مع هداة بال



كعادتي كل يوم اقعد مع من لم يذهب لعمله او دراسته الجامعيه من افراد اسرتي، امرر الساعات من ايامي التي اصبحت رتيبة بعد ان جاوزت النصف الاول من المئة من سنين العمر، ولم يعد بمقدوري كثرة الحركة او الخروج الى العمل ،صار اولادي واحفادي ينادوني يا ختيار بعد ان كنت انظر قبل سنين عديدة لمن بمثل عمري انه ختيار وبغلب اللي حواليه ،صرت بنفسي ذلك الختيار اللي شفته قبل فترة ليست ببعيدة،ولا اصدق ان العمر يمضي بهذه السرعة والسهولة ،رحم الله والدي واموات القارئين جميعا حيث كان يقول لي دائما" يابا العمر مثل مقثاة البطيخ ما بتلحق تزرعها حتى تخرب وتدخل اليها قطعان الماعز لتأكل ما تبقى من الزقط وبيوت البطيخ اللبش"،كنت اضحك حينها واقول له يابا انا ابن عشرين بعد قدامي سنين عديدة وكثيرة جدا شو عم بتقوللي ،فكان يداعبني ويقول بكرة بتصير جد وراح تحس ان العمر ليس طويلا مهما طالت بك السنون فان الحياة زائلة وستدركك الكهولة والشيخوخة كمقثاة البطيخ.
وعلى سيرة البطيخ اللي صارت البطيخة منه بما يساوي معاش موظف في سنوات السبعين ، سمحت لنفسها ام العيال ان تشتري بطيخة بقولها يللا عمر ما حدا حوش خلينا نذوق خير السنة،قامت جابت حزين بطيخ واحنا قاعدين واللا فاتوا علينا بنات عمي الثلاث اللي هني دايما بنادوني خيا لشدة تعلقي بهم بأيام طفولتي فكم قضينا العطل الصيفية في البطوف ايام عز البطوف وبطيخ البطوف المعروف اللي كان احلى من العسل كان مثل ما بيقولوا وصفي  يعني يوصف كدواء للمريض.
ما قبلت اختي الوسطانية انها توكل بطيخ بسبب مرض السكري وصارت تقوللي اي هو السكري مخليني اذوق اشي حلو؟ اي هي الصحة بعدها مثل ما كانت يرحم ايام زمان ،داير بالك خيا لما كنا نغمر بطيخاتكو بالعوجة وسنتها وقعت مع لجن البطيخ وانجرحت اجري، ومن كثرة هموم ابوي ما اتعالجت ،حتى قالوا لستي الله يرحمها : اجرها بدها قطع وين بعدكو بتستنوا ما بتخافوا من الله وفقط الله يرحمها ستي تولت علاجي في شفاعمرو يومها اخذتني عند اهلها دار خالي موسى في شفاعمرو ويا عيني شفاعمرو بهذيك الايام مدينة،و بالرغم من الخطر اللي كان مهدد اجري بالقطع كنت مكيفي لاني هرباني من الشقا مع ابوي في عمل الفلاحة في البطوف،  ويا ويلي يا خيا ما اصعبو كان من قبل ما يشق الظو كان يبلش ابونا يقعدنا من النوم يلا يابا اظهرت الدنيا قوموا اشربو الشاي اي هو بدو بس يسقينا شاي اي صرنا نكره الشاي لليوم من تحت راس الفيقة قبل ما يشقشق الظي وما انتي عارف يا خيا قديش ابوي كا مشقي حتى ظربوا فيو المثل من شقاوتو وكبر همو ما قالو بالزمان هالت الديدبة لما نزل من الجبل وحامل حمل البلان من كبر الحمل اللي حاملو فكروا جيراننا دار احمد الصالح انها الديدبة هالت وشو بدي احكي تأحكي ما قضيناها سوا وكلها انتي عارفها وبلا طول سيرة ، بس الله يرحموا الدكتور موفق اللي عالجني ست اشهر بالابر حتى انقذلي اجري، بعدها لليوم كل سنة بموسم البطيخ بتوجعني وما بتخليني انام ،كانت ام نبيل تسرد وتذكرني بتلك الحادثة ايامه لم اكن قد تجاوزت السابعة من عمري ،كانت تسرد وانا  وهن نضحك معها وقد اغرورقت عيوننا بالدموع من شدة الضحك على ايام البساطة وقلة الحيلة والشقاء التي اصبحت اياما من الذاكرةنسردها لاولادنا واحفادنا الذين يظنون انها مجرد سوالف ومرت فاليوم عهد الانترنت والبطيخة بتيجيني بكبسة زر لباب البيت شو هالحكي يا ختيار .... لسان حال ابن اخوي الشقي الزغير اللي صرت كابشو عدة مرات يتملقس حكي علي انا الختيار كثير الغلبة اللي بقولو دايما ولك يا معرص اي لو بتعرف هذيك الايام وعشتها كان راح تشوف قديش كانت حلوة رغم قساوتها بس يا حرام لمين تحكي ولمين تشكي، مين يسمعك ويحس واللي بيحسوا معاك مثلك تماما
 بكتب سطوري هاي عل وعسى تؤثر ولو بالكبار اللي نسوا تلك الايام ونسوا ايام الشقاء التي كانت هناء لم نعه.
قالت اختي الكبيرة يا ريت ترجع هذيك الايام مزبوط انها ايام القلة بس هداة بال وراحة يا ريت نرجع صغار وما في معانا القرش نرجع نعود عالبطوف عالبغل وبلا هاي السيارات وحوادث الموت والقتل للشباب اي عمرك سمعت حدا دب عن حمار ولا عن بغل ومات طيب اسمع اليوم بمر يوم واحد بلا اكل هوا وموت بحوادث طرق وقتل وقواس بارود على اشي فاضي وهمالات  وبلا هالتلفزيونات
واحنا بهالسيرة واللا داخلة علينا جارتنا مرت فايز الدوار بدها فنجان روبة بدها تروب طنجرة حليب معزى جاييتها هدية من عرب النعيم قعدت وسألت كيف بيروبوا الحليب وبدون تخطيط وعلى السليقة شاركت بالحديث كما واسهبت : الا يا جارنا ويا خوي ما هو صار عاطل  ما بيكفي نستنى ابو طافش عالراديو ونروح عفراشنا ما بتكفينا حكايات ستي "جانم امسكك اكلك جانم" ومش بس هيك شوف يا خوي البلفونات وكل يومين يللا بدي اشدرج البلفون لدور شليشي  يلعن ا-طوووووط للرقابة وخليك عن الاس ام اس  واليو- تيوب وفضايحها  وقلة الحيا باستعمالها اي شوف يا حرام بنت ابو طوووووط رقابة اي ما حاولوا يركبو صورتها ويهتكو عرض .... قاطعتها بس بس خيتا من شان الله في بنات صغار ،اسكت قالتلي ما هني اعرص من الكبار وخليهن يعرفوا اننا احنا الختياريات منعرف شو عم بساوو مش نايمات ولا غفلانات،  ويا عيني عالمشحرالماسنجرولك خيا  بطلوا لولاد يناموا، ما بتطلع بعيون الولد ولا البنت ولا مثل الجمر حمر حمر مطمسات ليش فكرك كثر قراي وتبحير بالكتاب اي هني صاروا مثل ابن طووووط رقابه   يظل للصبح على ظي اللكس يقرا ويحضر للبكروت لحد اليوم الناس بتحكي عنو وسهروا على اللكس والامر والادهى يللا فيفا للصبح ويا عيني عالفيفا، بينيمو اهلهن ويلا وينك يا المحشيف اللاب طب الله جعلك يا المحشيف تطب ساكت ونعدمك  صار كلو اكل هوا وقلة حيا وقلة راحة البال . اخذت الروبة والاستشارة واستأذنت شاكرة.
تجاذبنا السوالف وحكايات الصغر وقد اخذنا الوقت ومش حاسين انه الوقت تأخر ضحكنا من قلوبنا على ايام الشح وايام القلة فكانت لحظات وبالرغم من انها لحظات قصيرة الا اننا احسسنا بالسعادة ولو بتجاذب اطراف الحديث عن ايام الطفولة وايام الشباب التي لا ولن تعود.
فهل ستعود ايامك يا بطوف؟هل سترجع" ايام القلة بس مع هداة البال" ،هل ستعود الضحكات من القلب
هل ستعود شوادر البطوف وليالي السمر واكل الفقوس والشمام والبطيخ البعل؟؟؟؟
سقالله ايامك و بطيخك يا بطوف
لم تمض لحظات والا ببياع البطيخ من عرابة ينادي ،
عالسكين يا بطيخ احمر وبلا بزر يا بطيخ احلى من السكر يا بطيخ اللي على بالو.

يسعد صباحكو، ويسعد ايامك يا بطيخ البطوف.

( سخنين)

رجا غنطوس *
الأثنين 2/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع