اقتراحات مكافحة الجوع لم تتعد المساعدات المادية
الوقود الحيوي «يشعل» سجالاً في قمة «الأمن الغذائي»



«ليس هناك ما هو أكثر إذلالا من الجوع، وخصوصاً حين يكون من صنع أيدينا»، هكذا استهل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، كلمته في افتتاح قمة منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التي بدأت أعمالها في روما امس، في مسعى لإنقاذ مليار نسمة مهددين بالجوع إذا واصلت أسعار الغذاء ارتفاعها.
ولم يكد بان يكشف عن الخطوط العريضة «لإطار التحرك الشامل» الذي أعدته المنظمة الدولية لمواجهة أزمة ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً، حتى بدا واضحاً أن المشكلة تكمن عند «الوقود الحيوي»، وإن كان ما طالب به مجرّد «قدر أكبر من الإجماع الدولي» حول هذا الوقود، الذي يعتقد أنه يزاحم البشر على غذائهم.
واعتبر الرئيس البرازيلي ايناسيو لولا داسيلفا، أمام نحو خمسين رئيس دولة وحكومة يشاركون في قمة «الأمن الغذائي» التي تستمر على مدى ثلاثة أيام، أن الوقود الحيوي «ليس كاللصوص»، بل «يمكن أن يتحول إلى أداة مهمة لإخراج الدول من انعدام الأمن الغذائي». فردّ الرئيس المصري حسني مبارك بوجوب «وقف إنتاج الوقود الحيوي»، داعيا إلى «حوار عاجل بين مستوردي المواد الغذائية والطاقة ومصدريها».
وشدد بان على وجوب زيادة الإنتاج الغذائي بنسبة 50 في المئة، لتلبية الحاجات بحلول العام ,2030 مقدّراً أن تبلغ «الفاتورة العالمية» للتغلب على أزمة الغذاء بما بين 15 و20 مليار دولار سنويا. ودعا «الدول إلى عدم الانجذاب إلى سياسات غذائية تفقر الجيران»، واتخاذ إجراءات «للتحرك على المدى البعيد من أجل تعزيز الأمن الغذائي العالمي»، والتخلي عن «السياسات الاقتصادية المثيرة للاختلال في السوق».
وشدد بان على ضرورة التوصل إلى «اتفاق في إطار مفاوضات المنظمة العالمية للتجارة»، مضيفاً أن «بعض الدول حدت من صادراتها أو فرضت إجراءات لضبط الأسعار. وهي سياسات تسيء إلى الدول المجاورة.. وتساهم في ارتفاع الأسعار أكثر»، لذا «أدعو الدول إلى عدم اتخاذ مثل هذه الإجراءات ورفع القيود المفروضة على التصدير فورا، لأسباب إنسانية».
ودعا أيضا إلى «تعهدات ثابتة للمضي قدما»، وضرورة «زيادة الدعم المالي»، عبر الالتزامات وليس القروض. وأضاف «سنبني (استراتيجية) على نتائج هذه القمة، خلال قمة مجموعة الثماني في تموز، وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول».
من جهته، ناشد المدير العام لـ«الفاو» جاك ضيوف زعماء العالم تخصيص 30 مليار دولار سنوياً من أجل إطلاق النشاط الزراعي في العالم، «الذي أنفق (للمفارقة) في العام ,2006 نحو 1200 مليار دولار على الأسلحة»، وحثّ على تجنيب العالم «وضعا خطيرا»، فالأزمة «سياسية في طبيعتها»، معتبراً أن «وقت الكلام انتهى وحان وقت العمل».
وأعلن البابا بندكت السادس عشر، في رسالة وجهها إلى القمة، أن «الجوع وسوء التغذية غير مقبولين في عالم يحقق مستويات إنتاج وموارد كافية لوضع حد لهذا النوع من المآسي»، فيما قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في كلمته أمام القمة، إنه ينبغي «تركيز الجهود على الزراعة في الدول النامية»، منددا بـ«الخطأ الاستراتيجي التاريخي» الذي ارتكبته الهيئات الدولية، إذ دعت إلى زيادة الزراعات المعدة للتصدير (مثل القطن)، ما أدى إلى تراجع الزراعات الغذائية والاكتفاء الذاتي.
أما الرئيس التونسي زين العابدين بن علي فجدد دعوته إلى «تمويل الصندوق العالمي للتضامن»، الذي أقرّت الأمم المتحدة إنشاءه في العام 2002 باقتراح من تونس، «عبر رصد دولار واحد عن كل برميل نفط، وتوظيفها لمكافحة الجوع في العالم». كما ناشد «المنظمات الدولية اتخاذ إجراءات فورية لمجابهة التحديات التي تهدد الإنتاج الزراعي، وخصوصاً التحكم في أسعار المواد الغذائية الأساسية وتقديم المساعدة العاجلة للبلدان التي تعاني من عجز غذائي».
من جهته، اعتبر رئيس سلوفينيا دانيلو تورك، الذي يتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي، انه لا يمكن تسوية الأزمة الغذائية إلا بفضل «إجراءات تتخذ بالتشاور»، لأنه «بتضافر جهودنا فقط سنتمكن من مساعدة الشعوب الأكثر فقرا»، في حين اقترح رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني «عدم احتساب المساعدات الغذائية ضمن سقوف الموازنات التي فرضتها الاتحاد الأوروبي على دوله».
وبينما دعا رئيس الوزراء الياباني ياسوو فوكودا الدول إلى «وضع احتياطها الغذائي في تصرف السوق الدولية»، معلناً استعداد بلاده «لتقديم أكثر من 300 ألف طن من الأرز المستورد»، تعهد نظيره الاسباني خوسيه ثاباتيرو بتخصيص 500 مليون يورو، لبرامج الأمن الغذائي، منتقداً «الدول المتطورة التي تحد من تعاونها ومن حجم الأموال المقدّمة للدول الفقيرة».
وكانت القمة قد افتتحت على خلفية جدل حول حضور الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد ورئيس زيمبابوي روبرت موغابي، حيث نددت دول عديدة، في طليعتها بريطانيا واستراليا وألمانيا بمشاركة موغابي، فيما انتقدت إسرائيل مشاركة نجاد.
(ا ف ب، اب، رويترز،
يو بي آي، اش ا)


الأربعاء 4/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع