بضع كلمات في ختام مؤتمر ماركس 2008



قليلة هي المنتديات في البلاد، التي يرى فيها الناشطون الاجتماعيون، والأكاديميون، والباحثون، أنفسهم مكملي درب ماركس الفكرية، وممّن يلتقون ليتحاوروا وليتناقشوا وأيضًا ليشركوا الآخرين بأعمالهم أو بأبحاثهم. ولذا فهناك أهميّة خاصة لمؤتمر ماركس 2008، الذي أجري في تل أبيب بتواريخ 16- 17 أيار الماضي، بمبادرة كلية "الضفة اليسرى"، للسنة الثانية على التوالي.
وقد أضيف لمؤتمر ماركس 2008 يوم إضافي، وذلك بسبب الاهتمام الكبير بالمؤتمر في الأشهر الأخيرة.
وقد شارك في القسم الأول من المؤتمر، الذي عقد يوم الجمعة 16 أيار الماضي، في قاعة "الضفة اليسرى" في تل أبيب، نشطاء في أماكن العمل في ندوة ناقشت معارك وتنظيمات العاملات والعمال. أما القسم الثاني من المؤتمر، الذي كان نظريًّا أكثر، فقد عُقد في اليوم التالي في قاعة في مركز تل أبيب، منذ ساعات الصباح وحتى ساعات المساء.

 

*ما هي خصوصية مؤتمر ماركس 2008؟*

أولا، تضاعف عدد المشاركين قياسًا بعددهم في العام الماضي. وتبيّن من استمارات التسجيل، التي تم توزيعها على المشاركين، أنّ نحو 300 ناشطة وناشطًا شاركوا في النقاشات. ويضاف إلى هؤلاء 25 محاضرًا وعريفًا، شاركوا في الجلسات الست، التي عقدت خلال يومي الجمعة والسبت 16 و17 أيار الماضي. ويعتبر هذا ارتفاعًا كبيرًا في عدد المقدّمين والمشاركين فياسًا بالعام الماضي.
ثانيًا، عُقد مؤتمر ماركس هذا العام بدعم صندوق روزا لوكسمبورغ التابع لحزب اليسار الألماني. وافتتح المدير الأكاديمي للصندوق، البروفيسور ميخائيل بري، اليوم الثاني للنقاشات بمحاضرة حول: "الاشتراكية في القرن الواحد والعشرين"، أثارت نقاشًا مثيرًا ومثريًا.
ثالثًا، كانت المواضيع أكثر تنوّعًا، وتمّ تخصيص الجلسات (عدا الجلسة التي خُصّصت لنضالات العمال)، للتربية والفلسفة- بين القمع والتحرّر، للنضال الاجتماعي والسياسي للعرب الفلسطينيين في إسرائيل، لرأس المال الإسرائيلي- الاقتصاد، الاحتلال، المجتمع والأيديولوجية، ولنقاش تلخيصي في موضوع الرؤية الاشتراكية.
رابعًا، وهي ربما النقطة الأهم، مشاركة الفتية والشبيبة. كان من الممكن لمن يعتقد أنّ ماركس وأفكاره وطريقه يهمّون البالغين فقط، أن يكتشف خطأه في مؤتمر ماركس 2008. شكّلت الشابات والشبّان، ومن ضمنهم طلاب الثانويات، غالبية الحضور من بين المشاركين في المؤتمر. وبرزت مشاركة أبناء الشبيبة بشكل خاص في الجلسة التي خُصّصت لتنظيمات العمال التي أقيمت في السنة الأخيرة. وكان أبناء الشبيبة الناشطين في تنظيم طبقة العمال، من المتكلّمين ومن الحضور، الغالبية الساحقة من الحضور. وشكّلت محاولة تنظيم أماكن عمل في السنة الماضية، ونضالات مثل إضراب المعلمين فوق الابتدائيين، وإضراب المحاضرين الجامعيين، أمثلة عن طرق الناشطين المختلفين والتيارات الاجتماعية المختلفة. إلا أن الاختلافات كانت في إطار أجواء "تكاتفية"؛ في أجواء إرادة كبيرة للإسهام إسهامًا كبيرًا للنضال ضد الرأسمالية بواسطة إقامة لجان العمال.
ويكن القول عن المؤتمر عمومًا، بأنّه حقّق هدف توضيح المواقف المختلفة في المسائل الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية. وانعكست الخلافات في النقاشات بين المشاركين المختلفين حول مسائل نظرية مركزية، مثل مسألة تنظم العاملين في هذه الأيام في إسرائيل، أو استراتيجية اليسار الملتزم في بداية القرن الواحد والعشرين. ولكن هذه النقاشات جرت بأجواء رفاقية من الإصغاء المتبادل واحترام آراء الغير.
إلا أنّ نجاح المؤتمر خلق مشكلة "ازدحام": مواضيع كثيرة أدخلت عنوة في الجلسات المختلفة، وكان الوقت المخصّص للتحاور بين المشتركين قليلاً.. فقد أراد مشاركون كثيرون المشاركة في المناقشات، التي ثارت بعد انتهاء المحاضرات التي قدّمها المحاضرون، إلا أنّ الوقت الذي تمّ تخصيصه كان محدودًا جدًّا. وهنا يأتي أحد الدروس التي علينا أن نتعلمها للمرات القادمة، وهو أنّه علينا أن نعقد عددًا أكبر من الجلسات وورشات العمل، وبهذا نمكّن عددًا أكبر من المشاركة الفاعلة في المؤتمر.
استند تنظيم مؤتمر ماركس 2008، كما تنظيم المؤتمر السابق، على عمل المتطوّعات والمتطوّعين. وكان الطاقم الذي أعدّ المؤتمر مكوّنًا كلّه من متطوعي ومتطوّعات "الضفة اليسرى"، وبينهم ناشطون في الحزب الشيوعي الاسرائيلي، وفي الجبهة، وفي التنظيمات الاجتماعية. وتسجّل متطوّعون آخرون خلال المؤتمر للمساعدة في الإعداد للمؤتمر القادم.
مؤتمر ماركس هو أيضًا فرصة لعرض كتب ومنشورات نقدية في مواضيع اجتماعية وسياسية، أمام المشاركين. فقد تمّ خلال مؤتمر ماركس 2008 توزيع وبيع كتب ومنشورات كهذه، ولكن علينا أن نضيف في السنوات المقبلة زوايا محدّدة لتوزيع نشرات معلومات ولبيع الكتب، التي من الممكن أن تهم الجمهور اليساري. وتم تقديم اقتراح أيضًا، في أن يتم تنظيم جلسات مع مؤلّفي الكتب، إلى جانب جلسات المؤتمر في السنوات المقبلة.

 

*ما الذي نريد أن نراه في مؤتمر ماركس 2009؟*

أثيرت خلال المؤتمر اقتراحات مواضيع جديدة لمناقشات جلسات مؤتمر ماركس القادم، الذي سيجري في شهر أيار من العام 2009. ومن بين المواضيع المقترحة: كرة القدم والمجتمع والسياسة؛ أزمة الرأسمالية أم أزمة في الرأسمالية؟؛ اليسار في العالم العربي؛ هل تتّجه أمريكا اللاتينية يسارًا؟؛ النساء والطائفة والطبقة؛ الماركسية في إسرائيل. واقترح أيضًا عقد جلسة نظريّة خاصة بمناسبة مرور تسعين عامًا على تأسيس الحزب الشيوعي الإسرائيلي. اقترح أيضًا عقد مؤتمر ماركس مرة كل نصف سنة، وليس مرة في السنة، إلا أنّ تطبيق هذا الاقتراح يتطلب مجهودًا كبيرًا، ويشكّل ضغوطًا كبيرة على المنظمين.
وتبيّن من محادثات مع محاضرين وعدد من المشاركين أنّ المؤتمرين اللذين عقدا حتى اليوم كانا بعيدين عن منح المنصة لكل الباحثين والمحاضرين والناشطين في إسرائيل، الذين يرون في أنفسهم ماركسيّين. على الرغم من أنّ محاضرين في مؤسسات تعليم عالٍ شاركوا في المناقشات والجلسات المختلفة، إلا أنّهم بغالبيتهم من الناشطين في الحركات اليسارية أو في الحركات الاجتماعية. غاب عن المؤتمر الأخير محاضرون وباحثون ماركسيون كثيرون من الأكاديمية الإسرائيلية، وعلى طاقم التحضير أن يبذل جهودًا كثيرة لإقناعهم بالإسهام بمعرفتهم في مؤتمر ماركس المقبل.
يصغي الطاقم الذي أعدّ مؤتمر ماركس 2008 لأصوات المشاركين، وسوف يعمل على توسيع نسيج المؤتمر وعلى تنوّعه، وعلى ضم ناشطين مركزيين جدد. يمكن خلق اتصال مع منظّمي مؤتمر ماركس القادم بواسطة البريد الالكتروني:

Marx2008@hagada.org.il.

افرايم دافيدي
السبت 7/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع