قريبا، سعر برميل النفط 250 دولارا: إلى أين يمضي العالم؟



*شعوب بأكملها يتهددها الجوع في انتظار حل اللغز الأكبر: من المسؤول عن ارتفاع أسعار النفط، المنتجون أم المستهلكون؟*

إلى أين يمضي العالم؟
هذا هو السؤال الذي يحير المراقبين والمحللين الاقتصاديين مع الارتفاع الحاد في أسعار النفط، وموجة الغلاء "الجنوني" التي تبعته في أسعار الغذاء العالمية، والاضطرابات التي تشهدها مدن مختلفة من العالم بعد أن ضج الفقراء من الارتفاع الذي يتلوه ارتفاع آخر في أسعار السلع الأساسية للناس في كل مكان.
سعر برميل النفط يقفز فجأة ويلامس حدود 140 دولارا للبرميل للمرة الأولى في التاريخ.
أسعار المواد الغذائية الأساسية تصل هي الأخرى لمستويات قياسية، والفقراء يزدادون فقرا لكن الأغنياء أيضا يزدادون غنى.
ولا يبدو ان هذه الموجة في طريقها للانحسار.
فقد توقعت شركة جازبروم الروسية مورد ربع احتياجات اوروبا من الغاز الطبيعي ان يتضاعف سعر النفط الخام خلال ثمانية عشر شهرا وان يرفع معه أسعار الغاز.
وقال اليكسي ميلر الرئيس التنفيذي لجازبروم للصحافيين في مؤتمر صحافي في منتجع دوفيل في شمال فرنسا: "نعتقد انه سيصل الى 250 دولارا للبرميل في المستقبل القريب". واضاف ان قوة الطلب لا المضاربات هي العامل الرئيسي في ارتفاع أسعار الهيدكربونات.
وهذا القول يناقض تماما قول مصدري النفط من أن المضاربات لا نقص المعروض النفطي هي السبب في ارتفاع أسعار النفط. فمن نصدق؟
ولنا أن نتصور مقدار الارتفاع الذي سيطال أسعار الخبز والحليب والغذاء والدواء حينها.
لكن أعضاء اوبك مصرون على أن سبب ارتفاع الأسعار هو المضاربات في سوق النفط العالمية.
وفي هذا السياق دعا عبد الله البدري الامين العام لاوبك الثلاثاء الى الهدوء قائلا ان أسعار النفط غير محتملة ولا تعكس أي نقص في الامدادات الى السوق.
وقال البدري في "قمة رويترز" عن الطاقة العالمية: "اننا حقا نحتاج لبعض الهدوء. هناك حالة مبالغ فيها من الذعر".
وأضاف: "في ما يتعلق بنا الوضع غير محتمل... اريد أن اقول انه ليس هناك نقص لا الان ولا في المستقبل".
وهذا تأكيد يصدر من شخص في قمة المسؤولية فمن نصدق؟
وفي هذه الأثناء دعت السعودية (اكبر مصدر للنفط في العالم) الى اجتماع لمستهلكي ومنتجي النفط من اجل مناقشة ارتفاع الاسعار.
واكدت في الوقت نفسه استعدادها لمواجهة اي نقص في العرض.
ولقيت الدعوة السعودية، كبرى الدول المصدرة للنفط في منظمة البلدان المصدرة للنفط "اوبك"، ترحيب بريطانيا والولايات المتحدة التي عبرت عن قلقها المتزايد من تأثير ارتفاع اسعار النفط على الاقتصاد العالمي.
ورغم الدعوة السعودية، سجلت اسعار النفط في آسيا ارتفاعا الثلاثاء في المبادلات الالكترونية الصباحية ليبلغ سعر برميل النفط الخفيف 134,92 دولار.
واكد مجلس الوزراء السعودي في اجتماع برئاسة الملك عبد الله بن عبد العزيز، مجددًا ان الارتفاع الحالي في اسعار البترول "ليس له ما يبرره" من "اساسيات السوق".
وفي دبي قال مصدر بمنظمة أوبك الثلاثاء ان دول المنظمة ترقب تفاصيل اجتماع لمستهلكي ومنتجي النفط أعلنت عنه السعودية من أجل مناقشة ارتفاع الاسعار.
وأبلغ المصدر: "نستعد لشيء ما لكننا لا نعلم أين أو متى.. لم يتضح الامر بعد".
وقال مصدر آخر من داخل المنظمة الثلاثاء ان خطط عقد الاجتماع لا تزال في مراحلها الاولى.
وقفز النفط أكثر من عشرة دولارات الجمعة الماضية متجاوزا 139 دولارا للبرميل في أكبر صعود له في يوم واحد.
وقال المصدر ان القضايا المرجح أن تكون على جدول الاعمال الى جانب ارتفاع الاسعار هي العرض والطلب وأي اجراء قد تتخذه أوبك.
وأضاف أنه يصعب التكهن بما قد يتفق المنتجون والمستهلكون على القيام به حيال ارتفاع أسعار النفط. وعقد منتجو ومستهلكو النفط اجتماعا استضافته روما في نيسان لكنهم لم يتوصلوا الى أي اجراءات ملموسة لترويض الاسعار.
وقال المصدر: "طلب المستهلكون من المنتجين زيادة الانتاج.. ألقى المنتجون باللوم على المستهلكين في المضاربة. ومن ثم ما الذي سينتهون اليه.. هذا غير واضح".
لكن الواضح تماما ان الطبقات الوسطى في العالم تضمحل وتتلاشى، والفقر يزداد، والجوع يتهدد شعوبا بأكملها، والأغنياء يزدادون غنى، ومع ذلك ما زالت الأسباب غير واضحة!
ربما نعرف الحقيقة حين يصل سعر برميل النفط إلى ألف دولار ويلتهم أطفال العالم التراب، عندها قد نعرف، وربما لن نعرف أبدا.

الأربعاء 11/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع