قليل من الوداع.. كثير من اللقاء والوفاء



استدراك 1

حين أنهى الأستاذ خالد زعبي مسيرة عطائه التعليمي والتربوي في مدرسته الثانوية البلدية والتي امتدت عشرات السنين، كرَّمنا بكرمه وكرمناه حبا ووفاء، أعاد شكره عند كل لقاء عفوي.

استدراك 2

الأستاذ خالد زعبي اسم ملازم لتاريخ مدرسته ذكر الواحد يوحي بالآخر، كذا الآخرين من جيله، هذا التلازم الشامخ يستدعي الدراسة والتوثيق ورد الاعتبار لصناع بدء مرحلة البقاء في هذا الوطن. لم يكن مجرد معلم بل مسهم اساسي وجدي في تصحيح المسار، مسار المدرسة وجزء من تاريخها المشرِّف.
وبفضله وأمثاله وصلنا الى ما وصلنا اليه الآن في المدرسة من رقي وتقدم يحتذى به ويعتز به.
في وداعه نودع مرحلة شخوصها، صناعها شامخة في فضاء مخيلتنا رابضة هناك بإلفة وتناغم ناعم.
نودعه وبقيه ثمينة منه باقية فينا علها تبقى ونبقيها الى الباقين بعدنا.
رحل وما ارتحل ما أودعه فينا، عشق الحياة، صلابة الموقف، شموخ الهامة دوما، صد الظلم والظالمين، نبذ وتحقير الذل والخنوع، نصرة الحرية، اقصاء الرذيلة، تذويت الشهامة، نفر النفاق، وصدق الصديق ونعم الصديق كان، محب للعلم والتعليم، ذهن متوقد يشع نورا وتنويرا، اقتحم قسوة الظروف، شح الحال، ندرة الكتاب وسياسة التجهيل.
كدَّ في جمع المواد وترجمة بعضها، ألف كتبا لتدريس الجغرافيا والاقتصاد ، حرر منذ عام 1991 مجلة المدرسة القفزة الاقتصادية مهّد صفحاتها رسائل وأقوال لأمراء المؤمنين عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب،
"اذا اراد الله بقوم سوءا منحهم الجدل ومنعهم العمل"- قول لعمر، والرؤية الطبقية لعلي: "ما متع غني الا بما حُرم منه فقير".
ويضيف قولا مأثورا لبرنارد شو "الانسان الطيب هو الذي يعطي الدنيا أكثر مما يأخذ منها"، هكذا كان ابو الصائب طيبا معطاء، طيبة خالصة من أي غرض يستحق العطاء والتكريم.
دروس عدة استقيناها من هذا المعلم والقدوة الحسنة لطلابه ولزملائه ، فمن كنيته لنفسه نلمس رؤى تربوية تفوق الرسالة ، فالتصويب عنده رسالة ومسيرة كفاحية شاقة في ظروف أقسى وأحلك من عتمة الليل سارها مع زملائه مصوبا فكره وعلمه لتذليل الصعاب امام طلابنا وبث بواعث الأمل والتفاؤل والتصويب نحو العزة والكرامة الوطنية معمقا الانتماء الإنساني نابذا العصبية الطائفية والعائلية والأسافين البغيضة مصوبا نحو الأفضل والأرقى.
عرفته معلما صادقا، اداريا حريصا، نقابيا صارخا، صديقا صدوقًا لحوحا للتجديد والتغيير، ودودا تلمحه يمازح طلابه بخفة ورقة ويداعب معارفه وخصومه بلسعاته الذكية يرافقها بقهقهة ساخرة او داعمة والله اعلم.
عرفناه قارئا ملمًّا بل عاشقا للكتاب، بخيلا في نشر ما يكتب، كريما بحديثه اللبق عما يقرأ.
أبو الصائب انت محب للناس، تفرح للقاء بهم، ترغب في المحادثة، تعترض معارفك في الطرقات بتحية وبسمة خفية ومزحة خفيفة ، وتباغت من يصادفك او يلقاك بحدوثة جاهزة خاصة به، ولك في كل موقع قول ورأي.
شخصيا، انتقى ريم منذ ولادتها صديقة واختا لعريب، تابع أخبارها دوما وسرَّ لتقدمها، بادر مهنئًا ومشجعا بقوله لي وبأسلوبه الجدي المازح، المازح الجدي "شايف كيف انا بعرف أنقّي أصحابي..!!".
أراه يرانا، أرى بسمته المعهودة تجول بيننا تشاركنا هذا الحفل تلاطف زوجته، اولاده، ابنته، عائلته، أهل المدينة، شعبه، رسالتها التفاؤل والحب وقليل من الوداع كثير من اللقاء، كثير من اللقاء مع خالص الوفاء والبقاء.

طيّب الله ثراك وطيّب أهلك وشعبك ذكراك

(الناصرة)

فيصل طه*
الأربعاء 11/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع