عاشت الدولة الدَرزية..!



لا يختلف اثنان ان الاستعمار بأشكاله المتآمرة المختلفة يعمل دائما وأبدا على تفكيك الشعوب التي يسيطر عليها الى قبائل وطوائف، يهون عليه التمكن من التسلط والاستغلال الوحشي بكل المقومات الاقتصادية والثقافية وغيرها، وقد ظهرت بشكل خاص عبارة "فرق تسد" بعد الحرب العالمية الاولى وجشع الدول الأوروبية في تقاسم الخيرات الشرق اوسطية ومحاولاتها الجثوم على صدور الأمم من إمكانياتها وكراماتها، تحت شعار الصراعات العالمية ما بين الرأسمالية والشيوعية حيث تفاقمت التآمرات بعد اكتشاف الكميات الهائلة من النفط في العالم العربي!!
ولما كان بعض الظن اثما، فحرام علينا ان نحط في"نوايا الدول الغربية الصديقة" لان هدفها السامي كان ولا يزال زيادة الاعضاء العرب في هيئة الامم المتحدة الجبارة والمنصفة مما يزيدهم قوة ومناعة كما قال غوار الطوشة.
كانت فرنسا سباقة الى محاولة إقامة دويلات في سوريا طائفية خاصة وذلك بتقسيمها الى خمس مناطق منها جبل العرب طمعا منها في إقامة دولة درزية، الامر الذي رفضه ابناء الجبل الشرفاء الاوفياء والحقوه بثورة سوريا الكبرى التي قادها ابن الجبل البار سلطان الاطرش والتي ادت الى استقلال سوريا، وقد رفض الاطرش كل العروض المغرية حتى رئاسة الجمهورية السورية المستقلة قائلاً: "انا ملائم لاكون قائد ثورة ولست ملائماً لاكون قائدا سياسيا" وهكذا انهى حياته المديدة فلاحا بسيطا يحج اليه كل الزعماء في عرينه في القريا في جبل العرب.
ذكرت كل ذلك لان المستعمرين تابعوا واربابهم في دولة السمن والعسل و"القشطة" بعد نكبة الـ 48 اطلاق الشعارات والاشاعات عن محاولات لاقامة دولة درزية تضم جبل العرب والجولان المحتل ووادي التيم ومن ثم جبال الشوف في لبنان واستغلت كل الاشاعات من حين الى آخر للنيل من كرامة المعروفيين العرب اصحاب التاريخ الناصع في الحركات التحررية والاستقلالية في الشرق عامة وسوريا ولبنان خاصة.
ويا للعجب كل العجب، فمن سخرية الاقدار ان ما لم يستطع ان يفعله الاستعمار بامكانياته الجبارة قد استطاع نفر من المتزعّمين المحسوبين على الطائفة المعروفية ان يقيموا دولة ضمن دولة اسرائيل الجبارة، وبسرعة خارقة، وتنظيم محكم وقد بدأت تتطاير الدعوات هذا الاسبوع في القرى العربية المعروفية في الجليلين والكرمل وحتى ضمن مراسيم بعض الجنازات للاحتفال في رحاب النبي شعيب عليه السلام وشعيب منهم براء، باستقلال الدولة الدرزية وعاصمتها رحاب شعيب في حطين والعياذ بالله من الشيطان الرجيم. احتفال يتضمن كل الطقوس الرسمية من رفع اعلام ومسيرات شبه عسكرية من الشبيبة اليافعة، ومن ثم ايقاد المشاعل، وبلطف من الباري عز وجل انه لا توجد دبابات ولا طائرات لانني اعتقد انها دولة منزوعة السلاح بناء على طلب الاوصياء الاسرائيليين، ثم تتوالى خطب تجديد الولاء للأسياد الصهاينة.
يا للخزي والعار هذه هي الزيارة الثالثة خلال السنة الاخيرة التي يقوم بها رئيس الحكومة نظيف اليدين ورمز الطهر والطهارة وبصحبة عدد من وزراءه واعضاء الكنيست ليؤدوا التحية للمتزعّمين او المدّعين من ابناء الطائفة المعروفية، وما دامت التحيات لا تكلف خزينة الدولة شاقلا واحدا"فخذوا يا دروز قديش بدكوا".
فاذا كنتم تعتقدون ايها المتآمرون على الطائفة المعروفية ومقوماتها ان هذه الحتفالات المتواصلة الكذابة تقوي من مكانتكم وامكانياتكم فأنتم مخطئون، واذا لم يحاسبكم الشعب فان الله عليم رقيب وحسابكم عنده عظيم ومصيركم اصعب وبئس المصير.
الا تخجلون من ابناء طائفتكم الشرفاء الاوفياء! بماذا تحتفلون؟ ايها المنافقون ابالاموال التي اعطيت لسلطات المحلية لسد العجز المتراكم، ام بالاوضاع المزرية والمخجلة التي تسود قرآنا بشوارعنا الملأى بالاوساخ والقذورات، ومدارسنا التي تنهار يوما بعد يوم.
اتحتفلون ايها" الموجهنون" بالتآمر على ما تبقى من اراضيها في يركا ويانوح وجث والمنصورة وغيرها وغيرها ! ام بالاسعار الخيالية لقطع الارض للجنود المسرحين.
اتحتفلون باحداث البقيعة الدامية، وصرخة العسفاويات لفك دمج الكرمل، ام بالانفلات الخلقي والتسيب الذي يسود قطاع فتياتنا وأبنائنا؟ اتحتلفون ايها المزاودون على كرامة وعزة الطائفة بالمشاريع العمرانية والصناعية ومخالفات البناء والبطالة المتفشية في قرانا؟ أم برفض توسيع الخرائط الهيكلية؟ اتحتفلون بمحاولاتكم الفاشلة لسلخنا عن امتنا العربية الاصيلة لتنالوا الفتات من فضلات السلطة المتآمرة على مصيرنا الواحد.
كفى كفى اتقوا الله ان كنتم مؤمنين، ان اخلاصكم لامّتكم افضل وابقى لكم الف الف مرة من تآمركم مع السلطة لان الحق سينتصر مهما طال الزمن، وسيزهق الباطل لان الباطل كان زهوقا.

(يركا)

محمد رمال *
الجمعة 13/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع