لا ينتهي حتى ينتهي



عندما قيل لهيلاري كلينتون أن حملتها الانتخابية قد انتهت عمليًا، أجابت بعناد، لا يميز سوى قلائل: "لن تنتهي الحملة حتى تنتهي".. وواصلت حملتها.. وعندما لم يبق أي احتمال للفوز لم تقل أنها أنهت حملتها الانتخابية، قالت أنها "ترفع" حملتها الانتخابية. وفي حينه أعادت كلينتون إلى الأذهان ما جرى مع المرشح الديمقراطي كندي، الذي اغتيل غداة فوزه بترشيح حزبه في الانتخابات الرئاسية في العام 68.. إلى أية زاوية مظلمة يسير عقل هيلاري، أو بالأحرى تسير عواطفها؟
ولذلك يجب عدم الإسراع بـتأبين أولمرت السياسي، لأنه فقط عند توقيع كتاب الاستقالة أو عند تنحيته يمكن القول إن عهده قد انتهى. أمس الأول أعلن أولمرت موافقته على البرايميز داخل كاديما في أيلول. وقبل أيلول، كما هو معروف، يوجد تموز، وفي تموز سيتم الاستجواب المضاد لتلانسكي. وفي الطريق إلى تموز وأيلول ستتعاظم التهديدات بحرق الأخضر واليابس في غزة، وعندما تزأر المدافع لن تجد من سيتحدث عن الصغائر، عن تلانسكي أو عن بضعة عشرات آلاف من الدولارات، هذه الفراطة.
على كل حال المشكلة ليست لدى أولمرت الذي فقط  بجرافة من الوزن الثقيل يمكن إخراجه من مكتب رئيس الوزراء. المشكلة في براك، الذي لو أراد فعلاً تقديم الانتخابات لاستقال وانتهى الأمر، وهكذا الأمر بالنسبة للفني. يريدان عبور النهر بدون أن تنالهم قطرة رذاذ واحدة.
على كل حال، بالنسبة للقضية الفلسطينية وبالنسبة للجماهير العربية وبالنسبة للقضايا الاجتماعية، هل سيكون الحال أفضل في حال ذهاب أولمرت؟ نتوجه لكافة المحتفلين أن لا يُخرجوا الدفوف والطبول.. بكير.

 

المزاودة والمزاد

يوجد فرق بين التطرف وبين "المزاودة". التطرف ينبع عن قناعة المرء بما يقوله. وحين يقول ما يشعر به فهو مستعد لدفع الثمن. ولذلك بالرغم من الحاجة الشديدة إلى دراسة خطواتنا والاعتدال في عملنا لئلا تجلب نتائج عكسية، فيجب تسجيل نقطة الصدق هذه لصالح أولئك المقتنعون بما يقولون، حتى لو خالفونا الرأي.
بينما المزاودة هي أن تقول شيئا يطرب له الناس، بدون أية قناعة ويكون الدافع هو الرغبة في التميز والظهور، حتى لو كان الثمن الذي يدفعه الغير باهظاً. يخطب المزاودون، يغرّبون ويشرّقون، وأعينهم على أكف الناس، فإذا خفت التصفيق علا صوتهم، حتى يصبح صراخاً، مستجدين نظرة استحسان واحدة.
والمزاودة، كذلك، ليست رديفاً للمزاد. بالعكس فالمشارك في المزاد مسؤول عن كل كلمة يقولها، لأنه في حال إن رسا المزاد على اقتراحه، فيجب عليه أن يدفع الثمن.
المشكلة مع أصحاب المواقف المسؤولة المبنية على الدراسة والتمحيص والمبادئ، فتراهم محبطين من ارتفاع أسهم المزاودين، بينما هم يسيرون قلائل مع ما يؤمنون به حقاً، وآنذاك يقعون في الخطأ المميت، فمن أجل سماع دوي الهتاف المطرب ومن أجل تصفيق مدوٍ يكلل خطاباتهم، تجدهم يضمنون خطاباتهم ومواقفهم بقليل من ملح المزاودة.
وتصبح المشكلة هنا مزدوجة، أنهم يصبحون غرباء عن ساحاتهم، وفي الوقت نفسه غرباء عن الساحات الأخرى، لأنهم ليسوا الأصل في ساحات المزاودة. المزاودون الحقيقيون يفعلون ذلك عن ظهر قلب دون أن ينظر إلى الورقة.. وبعد ذلك يتعجبون أن خطابهم غير مفهوم، وأحياناً مؤلم وممض.

 

"الانهزاموية"


"منذ ساعات الصباح تقوم قوات العدو بهجوم بري وبحري وجوي، وتجري اشتباكات عنيفة بين قوات العدو و قواتنا التي خرجت للتصدي لهذا الهجوم" هذا هو البيان، الذي أذاعه الجيش الإسرائيلي صبيحة الخامس من حزيران 1967 قبل 41 عاماً. (أنقل هذا البيان من الذاكرة فقد أذاعه صوت إسرائيل بالعبري- الأسبوع الماضي).  وأضاف المذيع معقباً على هذا البيان، المناقض لكل الحقائق، أن في حينه اشتهرت النكتة عن القط الذي يمارس الجنس ويولول.
لا يمكن لنا بعد واحد وأربعين عاماً من حرب حزيران إلا أن نقول، أن هذا القط ما زال يولول "حاف" هذه المرة. يتبين الآن أن هذا الاحتلال هو بمثابة وحل عميق، لا خلاص من آثامه دون الخلاص منه.
على كل حال لا جديد تحت الشمس، آنذاك واليوم. قال د. صادق جلال العظم، بما معناه، إنه يتعامل بحذر مع ما أسماه "الانتصاروية" العربية، التي تأتي في أغلب الحيان لتغطي على فشلها وهزائمها. برأيي يجب التعامل بحذر أكبر، أيضاً، مع نهج "الانهزاموية" الإسرائيلية، إن صح التعبير، نهج يكمل الآخر، وجميع شعوب المنطقة تدفع الثمن.

عودة بشارات
السبت 14/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع