لو كنتَ تدخن لغيّرت الهدية



بداية، لا ادري كيف اخاطبك. بما سمّاك به والدك، المهاجر الكيني الاسود، وربما وافقته في ذلك والدتك الامريكية الشقراء، براك؟ أم بما ترجمتََ به اسمك الى العبرية، باروخ، أم بما اعتاد عليه الهمج العرب من اطلاق اسماء الآباء على احفادهم، فأدعوك "ابا حسين"!
اكتب مقالي هذا مهنئا اياك بالفوز بعضوية نادينا. فلقد كنت صهيونيا بامتياز، امام مؤتمر"الأيباك" الاخير، لا بل لقد بززت الكثيرين ممن يدّعون الانتماء الى دوحة هذه الحركة التحررية العظيمة. فالبعض هنا عندنا لا يجرؤون على الجهر بما تفوهت انت به.لقد أسبغت على دولتنا صفة" ذات القيم"، وصفة" المحافِظة على القانون" لقد صدقت. فأية قيمة اسمى من التمسك بما يبعثه الله لبعض مختاريه من اراض وسكان، يتحكمون بها وبهم!
كل الاحترام لك. لقد حصلت على بطاقتك الصهيونية، ولم يردعك ما يشاع من فساد الرأس في حكومتنا، وفساد بعض وزرائنا. ولم يمنعك جُبن الكثيرين منهم، عن الاعلان عن" يهودية الدولة".
هم حريصون- كما يزعمون- على مشاعر المواطنين العرب. وهل ثمة في عالمنا الدمقراطي المتنور الراهن، من يحسب حسابا لقوم يسمون عربا!!
عندنا يطرح بعض الانهزاميين مدينة القدس كعاصمة قابلة للتقسيم، حتى بعد ان اكدت انها موحدة، عاصمة للدولة اليهودية الى ابد الآبدين! فهل كان بالامكان تقاسم واشنطن مثلا، بين الهنود الحمر، الطارئين، القادمين، لا احد يعرف من اين، وبين اصحابها الشرعيين من الانجليز والفرنسيين والطليان والالمان و...!!!
الحقيقة، ولا تزعل مني، ان بوش سبقك في الاعلان عن يهودية الدولة ووحدة عاصمتها الابدية اورشليم، حين زارنا مؤخرا. وشاهد العالم بأسره كيف استقبله العرب عندما قادته قدماه الى قصورهم.
ألم يمدّوا له رقابهم، قبل بُسطهم الحمراء، ليدوس عليها!!
ألم يراقصوه بالسيوف المذهّبة؟ ألم يغنوا له " عدّدوا المهرة وشدوا عليها- تاييجي هالبوش ويركب عليها (زيادة الهاء والالف واللام لضرورة الوزن فقط).
ألم يرفّهوا عليه برحلة صيد صحراوية، يستمتع فيها بمشهد صقورهم تنقض على فرائسها الطيور الضعيفة، كما انقضاض طائراتكم على حاملاتها في قطر والكويت والسعودية والامارات، لدى عودتها الميمونة من رحلة صيد بشري في بغداد والكوت والديالى والرمادي... نشرًا للحرية والدمقراطية!!
رغم محبتي لك، دعني اصارحك بأمرين استغربتهما فيك.
اولاً: كيف لم تجد كلمة تقولها بحق الجدار الذي شيدته حكومتنا الجبانة، بيننا وبين الشعب الآخر؟ ألم تجد فيه ما يسيء ويغيظ؟ ألا يشكل حاجزًا لأحلام دولتنا في التوسع؟؟
أليس بالامكان دفع مَن وراءه شرقا شرقا شرقا، الى ما بعد الفرات!!؟ ذات حرب عزمنا على دفع اللبنانيين الى وراء الليطاني.
ثانيًا: كيف لم تتطرق الى قضية ابننا جلعاد،في حين لم يبقَ احد" ينقط دمه على دمنا" (اولا ينقط) العربي قبل الاعجمي، الا وسعى وتوسط وبذل فوق طاقته، من اجل اعادته الى حضن عائلته! سامحك الله!
الحقيقة يا براك انني محتار اي الاحزاب أنصحك بالحصول على عضويتها. لا تؤاخذني هي عضوية شرف للحزب لا لك. الليكود الحزب الاقرب الى الامساك بصولجان السلطة؟ أعرف انك لست بحاجة الى من في السلطة، ما دام كل من سيحصل عليها  سيحج اليك ويخر راكعا امامك، مستعدا لتنفيذ ما تأمره به. انت القادر على خلق السلطة على هواك في اي مكان في العالم، ولا يكلفك ذلك غير "كن فيكون"، فسبحانك!
لكن الليكود مهادن. ألم يترك مدينة الخليل!! ألم ينسحب من مدينة يميت، حتى ليس قبل ان يهدمها تهديما!!
وجدتها! وجدت لك الحزب الأشد أصالة والأثبت موقفا، والأقرب الى مبادئك وسياساتك وآرائك:" يسرائيل بيتينو"، وأظن ان عبريتك المكتسبة، على بساطتها، تجعلك قادرًا على فهم الكلمتين.
 فمبروك عليك عضوية هذا الحزب.
والآن دعني اهنئك بفوزك بترشيح الحزب الدمقراطي لك لرئاسة الامبراطورية الجديدة. وهنا لا يسعني ان آتيك بيد فارغة. لا بد من هدية تليق بمقامك وبمحبتك لنا. فماذا أهديك؟
فكرت كثيرًا، فتذكرت الهدية التي نصح بها صديق خفيف الظل من أصدقائي، احد اصدقائه. تتساءل ما هي؟
"جاييك بالحكي"، او" روق عَ صبري"، كما في برنامج" إربت تنحلّ".
قال صديق لصديقي: لقد فاز صديق لي بمنصب كذا، فأية هدية تقترح تقديمها له؟
"صفن" الصديق. ثم استفسر عن أصل الفائز وفصله. وعندما عرف كل المعلومات، اشار عليه بان يهديه، اما رطلين من الدخان العربي المعلاوي او الترشيحاني، واما دابة فتية يفرغ فيها غرائزه وتقول الحكاية، انه بعد الفحص والتحري تبين ان الرجل لا يدخن!!
.......................................................
"كَبو حسين"، باللهجة المعروفية، ابالتزلف والتنكر للاصل، تبنى الامجاد؟؟ ألا تحسب حسابا ليوم، قد يتبنى فيه العرب موقفا وطنيا يجعلهم قادرين على قول" لا" لكل ما هو امريكي، كما فعلت ايران ومقاومة لبنان؟؟ فتغدو مصالحكم وجنودكم كالفئران في مصيدة الشرق الاوسط؟؟؟
ثم هل صدقت ان اليهود والاسرائيليين صدقوا انك باروخ وانك لا تمتّ الى ما هو اسلامي بصلة. صدقني ان الوالد حسين والوالدة فاطمة، سيظلان في نظرهم طينة احقر، وأصلا ادنى.
وابن حسين وفاطمة اوباما سيظل"أبا حسين"
فـ" حط عقلك في راسك" يا... أبا حسين.
***

*ومضة*

عندما تكفّ الدولة عن الاحتفال بعيد ميلاد الحاكم وعيد جلوسه، تفرض على الآخرين البدء في اعتبارها دولة!

 

يوسف فرح
السبت 14/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع