قصص للفتيان والفتيات



اُمّهاتٌ مراهِقاتٌ

ساعة العصريّة، ساعة الزيارات اليومية، التي تحبها والدتي، وفي كلّ يوم، تجِدُ مَن تزور، من "القرايب والحبايب":
* "أم علي" عادت من المستشفى بالسّلامة.
* "أم جمال" اشترَت فُرنًا جديدًا، يخبزُ العربي والافرَنجي.
* "دار ابو الأنيس" حصَلوا على رخصة بناء الدار الجديدة.
* "الستّ زينَبْ" معلمة الروضة، شُفيَت من الرّشْح.
تقفُ اُمّي، وتجلِسُ أمام المرآة، تمْشُطُ، وتدهَن، وتُعفّر، دقائق طويلة، قد تصلُ في عددها الى السّتين.
اُمي جميلة، وهي في غير حاجة الى كل هذه المعاجين والمساحيق، تشوِّهُ، بها، وجهها!
كل هذا، لم يكن ليشغلني، لو أن اُمي، سامحها الله، تأخذ، معها، بعض إخوتي الصغار. لكنها تتركهم، جميعا، في رعايتي، وتشدد عليّ، في وجوب خدمتهم والمحافظة عليهم، الى ان تعود. وإلا، وإلا ماذا؟ انها تهددني بالضرب، او باللجوء الى مدير المدرسة، الذي يملك خزانة تزخر بالعصيّ والكرابيج!
أمي، سامحها الله، لا تريدُ ان تفهمَ أنّ واجباتي المدرسيّة، تكاد تأخذ كل وقتي.
"اُمي الحبيبة، ألَم تكوني تلميذة ذات يوم؟ ألم تتعرّضي للوْم او للعِقاب، او خصم العلامات، يومَ كنت تذهبين الى المدرسة دون ان تحضّري دروسك، كما يجب؟"
يبدو، لي، أن بعض الأمهات، بعد سنّ الاربعين، او حتى قبلها، يفقدن الثقة بأنفسهنّ، وبجمالهن، فيتصرّفنَ تصرّف المراهِقات!
(خديجة)

 

 

أنا غلطان

  أحمد وحسان يدرسان في مكتبة المدرسة، بصوت هادئ.
  دخل عدنان إلى المكتبة وأخذ يتكلم بصوت عالٍ، مما أدى إلى إزعاج من حوله.
  التفت أحمد إلى عدنان وطلب منه أن يخفض صوته حتى يستطيع التركيز فيما يدرس.
  صرخ عدنان بأعلى صوته قائلاً:
  - هل هذه المكتبة ملك لك، أو ملك أبيك.
  قال أحمد:
  - لم أقصد أن أضايقك، ولكن هذه هي تعليمات المكتبة.
  قفز عدنان ولكم أحمد لكمة قوية على وجهه، وهو يقول له:
  - تريد أن تعلمني، أنت تحتاج إلى التعليم.
  وأخذت المعركة تدور بينهما، وتدخل الأصحاب لحلّ الاشتباك.
  وأخيرا استطاع الأصحاب إبعاد عدنان عن أحمد بعد جهد جاهد.
  جاء مشرف المكتبة مسرعا بعد أن سمع أصواتا وجلبة، وسأل عن سبب المشكلة.
  سكت الجميع وكأنّ على رؤوسهم الطير.
  أعاد الأستاذ سؤاله مرة أخرى، وما من مجيب.
  دهش عدنان من سكوت أحمد، وتوقع أن يهبّ أحمد ويشكو عدنان لأنه هو من بدأ بالمشكلة، ولكن أحمد ظل ساكتا، وقد وضع يده على وجهه من شدة ألمه من لكمة عدنان.
  اقترب عدنان قليلاً قليلاً من أحمد، وسأله عن سبب سكوته، وعدم إخباره الأستاذ عما فعله به، ولكن أحمد قال له بصوت هادئ:
  - يا عدنان.. نحن أصدقاء.. نتصالح فيما بيننا، دون تدخل الأستاذ بيننا.
  شعر عدنان بالخجل الشديد من تصرف صديقه أحمد، وشعر كم هو أخطأ بحق صديقه، وهاهو صديقه يبادله الإساءة بالعفو والمغفرة، وحتى انه يأبى أن يخبر أستاذه عمّا بدر منه تُجاه أحمد.
  أقبل عدنان نحو أستاذه وقد طأطأ رأسه خجلاً من فعلته، وقال:
  أنا يا أستاذ من بدأ بالمشكلة.
  أنا غلطان يا أستاذ.. سامحني..
  سامحني يا أحمد
  لقد علمتني يا أحمد تعليمات المكتبة، وعلمتني أيضا العفو عند المقدرة.
  ولن أنسى لك صنيعك هذا طوال حياتي.

نفثات: يكشفها مصطفى مرار
الأربعاء 18/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع