من البحر إلى النهر.. من رؤية بوش إلى رؤيا ماكين!



*ماكين: الأردن هو الوطن الطبيعي للفلسطينيين. العاهل الأردني: الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين*

من البحر إلى النهر.. من رؤية بوش إلى رؤيا ماكين!

رجا زعاترة

وكأنّ شيئًا لم يكن، وكأنه لم يمرّ ربع قرن منذ حلم آريئيل شارون بأن يكون شرق الأردن "الدولة الفلسطينية"؛ وإذ بمرشح الحزب الجمهوري، جون ماكين، يطلُّ علينا في العام الثامن بعد الألفين، ملوّحًا بـ "الخيار الأردني"!
هذا الطرح المهووس، الذي لحسهُ شارون مُرغمًا (علنًا على الأقل)، وتلقّفه نفرٌ ضئيل من غلاة اليمين الإسرائيلي، هو دليل لا بأس به على شهادة بوش، غير المجروحة وغير المخدوشة، بأنّ ماكين "محافظ حقيقي".
وأصوليو واشنطن، بطرحهم "الخيار الأردني"، يتجاوزون حتى "فنطازيات" ساسة تل أبيب، بمن فيهم بنيامين نتنياهو، في تآمرهم على حق الشعب العربي الفلسطيني بتقرير مصيره وممارسة سيادته على جزء من وطنه التاريخي وعودة لاجئيه.
ويأتي هذا فيما تطلق دعواتٌ برلمانية أمريكية لإعادة النظر في الموقف من قضايا المنطقة، وفي مرحلة تعلو فيها، أكثر من أي وقتٍ مضى، أصواتٌ من داخل النخب الأمريكية الليبرالية، تحذر من مغبّة الانحياز الأمريكي المُـطلق لإسرائيل.
هذا يؤكد أمورًا ثلاثة: الأول، أنه من الخطورة بمكان تجاهل الفروق بين براك أوباما وجون ماكين، خاصة حين تكون بهذه الغلاظة؛ الثاني، أنّ خطر تصفية القضية الفلسطينية ما زال قائمًا؛ والثالث، بالتالي، أنّ المطلوب اليوم بالذات، هو التشبّث بالمشروع الوطني الفلسطيني، بثوابته، وبالدولة المستقلة في حدود 4 حزيران، في وجه أمريكا وإسرائيل، وبعض ذوي القربى ممّن "اغبوبشت" رؤيتهم وآمنوا بـ "رؤية بوش"، التي تفضي إلى "رؤيا ماكين".

سيناريو "الأردن وطن الفلسطينيين" يتردد بقوة في واشنطن

عمان وواشنطن- وكالات- قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ان "الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين" وذلك في رد فعل له على تصريحات المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية جون ماكين قال فيها "إن الأردن هو "الوطن الطبيعي" لملايين الفلسطينيين من سكانه وكذلك هو الحل الأمثل لقضية اللاجئين الذين ذاب أغلبهم في المجتمعات التي يقيمون فيها" على حد تعبيره.
وأثارت أقوال ماكين ردود فعل أردنية غاضبة، ورافضة لهذه التصريحات "جملة وتفصيلاً"، معتبرة أنها ليست أكثر من تصريحات أطلقها "حاقدون عنصريون ومحافظون جدد يتنكرون للقرارت الدولية".
واكد الملك الاردني في مقابلة مع صحيفة السفير اللبنانية أمس الاربعاء ونشرتها وسائل الاعلام الأردنية ان الفلسطينيين "لن يقبلوا وطنا بديلا لوطنهم فلسطين"، داعيا اسرائيل الى ان تعي هذه الحقيقة وتسلم بالوجود الفلسطيني وبحتمية التعايش معهم.
وقال: "على اسرائيل ان تعي هذه الحقيقة وتسلم بالوجود الفلسطيني وبحتمية التعايش بين الفلسطينيين والاسرائيليين".
واوضح الملك الاردني: "تعايشنا مع الصراع العربي الاسرائيلي على مدى نصف قرن ودافعنا عن حقوق الاردنيين والفلسطينيين، وسنبقى راسخين في مكاننا مؤمنين بعدالة قضيتنا وبحق الشعب الفلسطيني في دولة وهوية فلسطينية مستقلة على ارض فلسطين" حسب قوله.
وتابع عبد الله: "تعودنا على مثل هذه التسريبات الاعلامية والتحليلات السياسية ولا نخشى على مستقبل الاردن ونحن متفائلون بأن الاردن الذي جابه تحديات عديدة سيمضي لتحقيق مستقبل افضل".
وخلص الى القول ان "الاردن هو الاردن وفلسطين هي فلسطين".
ونقلت تصريحات ماكين والتي جاءت أثناء محاضرة ترويجية له في قاعة ألمرت هولمز بوبست بجامعة نيويورك، الخبير في شؤون الجغرافيا السياسية والسياسات الدولية روبرت كاغان الذي يشكل مع ويليام كريستول الفريق المكلف بتقدم تصور مفصل لإستراتيجية السياسة الخارجية في الشرق الأوسط للمرشح الجمهوري.
وأعلن كاغان أن ماكين تبنى بالفعل استراتيجية الخيار الأردني للتخلص من العبء الذي تشكله قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حول الأراضي في الضفة الغربية على السياسة العامة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وقال إن السياسة الأمريكية الخارجية مع ماكين ستأخذ منحى مباشرا للتعامل مع القضية بشكل يريح المنطقة ودولها، وإن الأردن هو الوطن الطبيعي لملايين الفلسطينيين من سكانه وكذلك هو الحل الأمثل لقضية اللاجئين الذين ذاب أغلبهم في المجتمعات التي يعيشون داخلها.
وعاد موال "الأردن وطن بديل للشعب الفلسطيني" يتردد من جديد في الدهاليز الداخلية في تل ابيب وواشنطن وبالذات مع تسارع الحديث عن تسوية سياسية محتملة للقضية الفلسطينية تدفع باتجاهها ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش الباحث عن مكسب سياسي يسجل له بعيدا عن مستنقع الحرب العراقية.
وتبدو قضية اللاجئين الفلسطينيين احدى أهم العقبات التي قد تقف في وجه هذه التسوية مع رفض اسرائيل القاطع لعودتهم الى بلادهم التي هجروا منها قسرا.
وسيناريو الأردن وطن بديل للفلسطينيين أو "الخيار الاردني" كما يسمى في واشنطن وتل ابيب هو موال قديم يعود الى ما بعد عام 1967 حيث تبنته التيارات الاسرائيلية المتشددة علنا مثل احزاب الليكود وشاس واسرائيل بيتنا وغيرها من الحركات الصهيونية المتطرفة، وحاولت الترويج له بشكل غير مباشر الاحزاب الاسرائيلية الوسطية واليسارية.
وتبنى المحافظون الاميركيون هذا الموال، وحاول الرئيس الجمهوري الاميركي الراحل رونالد ريغان ترويج هذا الحل لدى الملك الأردني الراحل حسين في ثمانينيات القرن الماضي حيث عرض إعادة أجزاء من الضفة الغربية الى الاردن مع اعطاءه منفذا على البحر المتوسط عن طريق ميناء حيفا مقابل توطين اللاجئين الفلسطينيين رسميا في الأردن لكن محاولاته باءت بالفشل.
ومؤخرا عاد الحديث مجددا وبقوة في واشنطن لترويج هذا السيناريو المتعلق بضم جزء من اراضي الضفة الغربية الى الأردن.
وأثارت أقوال ماكين ردود فعل أردنية غاضبة، ورافضة لهذه التصريحات "جملة وتفضيلاً"، معتبرة أنها ليست أكثر من تصريحات أطلقها "حاقدون عنصريون ومحافظون جدد يتنكرون للقرارت الدولية".
وقال مسؤول اردني رفيع المستوى في عمان الاسبوع الماضي ان "الاردن يعارض وبقوة كل المحاولات الاميركية والاسرائيلية الرامية الى الحاق جزء من اراضي الضفة الغربية بالمملكة".
واشار الى ان حصول هذا الامر "يمكن ان يؤدي الى قيام الفلسطينيين بالتحكم بالحياة السياسية للمملكة وتقليص صلاحيات الملك وطريقة ادارة الدولة".
وأصدرت لجنة نيابية أردنية بيانا استنكرت فيه هذه التصريحات، واعتبر رئيس لجنة الشؤون العربية والدولية النائب محمد أبو هديب في البيان الصحافي أن الأردن "عصي على كل المؤامرات بهمة أبنائه وبحكمة قيادته". كما أكد أن "وطن الفلسطينيين هو فلسطين التاريخية شاء ماكين واتباعه أم أبوا".
من ناحية أخرى، رأى النائب فخري الداوود رئيس لجنة الحريات العامة أن هذه "الأفكار تمثل منتهى الغطرسة والحقد واللامبالاة الصهيونية تجاه الحقوق العربية والفلسطينية"، مؤكدا أن "حق العودة مقدس مثلما تراب الأردن عربي أردني مقدس".
فيما أكدت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن أن تصريحات روبرت كاجان مستشار المرشح الجمهوري جون ماكين هي تصريحات تؤكد "الموقف الاستراتيجي للإدارة الأميركية السابقة واللاحقة، وهو الموقف الاستراتيجي الذي تسعى دولة العصابات اليهودية لفرضه على أرض الواقع".
وفي بيان نشر على الموقع الإلكتروني للإخوان، قالت الجماعة "نقول لماكين إن زمن الغرور الأميركي والصلف العنصري قد ولّى إلى غير رجعة".
فيما تابع البيان في حديث وجهه للحكومة الأردنية وغيرها من الحكومات العربية والإسلامية، أنه "لا يفوتنا أن ننبه الحكومة الأردنية وسائر الحكومات العربية والإسلامية أنه لا صديق لأميركا في المنطقة ولا حليف لها، وننبه هذه الحكومات أن الحركة الإسلامية وأبناء شعبنا الأردني وأبناء أمتنا العربية والإسلامية هم وحدهم الحريصون على سلامة الأوطان والدفاع عنها".
ودعا البيان الدول العربية إلى "إحياء معاهدة الدفاع العربي المشترك، والاعتماد على الموارد الذاتية، ودعم جهاد الشعب الفلسطيني، وفك الحصار الظالم عنه، وإلغاء "معاهدات الذل" مع العدو اليهودي، وإيقاف جميع أشكال التطبيع مع هذا العدو".
ووصف إرحيل غرايبة، أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، أكبر أحزاب الأردن، تصريحات المرشح الأميركي بأنها "تفوهات"، معتبرا أن ذلك يعبر عن "منعطف بالغ الخطورة في الخطاب الأميركي الرسمي"، منوها إلى أن تلك التصريحات "بمثابة تدشين لمرحلة جديدة عنوانها التحلل من الالتزام العلني بالقوانين الدولية فيما يتعلق بالأرض واللاجئين في ظل تراجع طروحات قيام دول فلسطينية ذات سيادة على الأرض الفلسطينية".
ودعا الغرايبة، من اعتبرهم "المنهمكين في مساعي التسوية العبثية" إلى قراءة الرؤية الصهيونية الأميركية، عوضاً عن المراهنة المتواصلة على الموقف الأميركي تجاه القضية الفلسطينية ومجمل القضايا العربية"
ونوه الغرايبة حسب ما ذكرت وكالة انباء قدس برس إلى أن الحركة الإسلامية كانت قد "نبهت في أكثر من مناسبة إلى تصريحات صهيونية و أميركية تتبنى الخيار الأردني وطالبت الحكومات بـ "إيقاف علاقة الثقة مع الكيان الصهيوني والتبعية للسياسة الأميركية"، مشيرا إلى أن رؤية الحركة الإسلامية "للصراع مع العدو الصهيوني تقوم على أن مشروع الكيان يستهدف الأمة بمجموعها"، مشيراً في سياق التدليل على ذلك إلى تدمير أميركا للعراق وتهديدها لإيران.
وطالب القيادي الإسلامي الأردني بلاده "بإعادة تقييم سياستها الخارجية، بحيث تعمل على إعادة التوازن لها بعيداً عن سياسة المحاور الأميركية"، بما يمهد لاجتراح "موقف عربي موحد رافضا لتصفية القضية الفلسطينية".
وكانت الضفة الغربية تابعة للاردن من 1950 حتى احتلالها من قبل اسرائيل في 1967.
ونحو نصف سكان الأردن البالغ عددهم 5,8 ملايين نسمة هم من اصول فلسطينية.


كلام:
مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن. هل سيبقى هذا مصير اللاجئين؟

رجا زعاترة
الخميس 19/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع