تجارة الحمير الخاسرة!



ربّك ستر ان "محمود الدقسة" ابو خالد نجا في آخر لحظة من السقوط في فخ مستنقع الرذيلة السياسية ومن هدم الركن الاساسي لبيته الاسري بالطلاق من زوجته "عبلة الدقسة". ويعود الفضل في نجاة الدقسة وبيته من الغرق الى درجة وعي زوجته المشحونة وطنيا ابا عن جد. فعلى ذمة محدثي "شريف ابو العلاء" ان اقذر ما ورثته الصهيونية الحاكمة في وطننا عن المستعمر البريطاني، هو انتهاج سياسة فرق تسد لنشر وسيادة العدمية القومية من خلال خصخصة الهوية القومية الوطنية لأقليتنا الباقية متمسكة بحق البناء في وطنها ومعاملتنا كطوائف وكملل وكعائلات اسلامية ومسيحية ودرزية وكعرب، وذلك بهدف تسهيل عملية اغتصاب حقوقنا القومية والمدنية وحقوق شعبنا الوطنية، ولتخدير واغتيال الوعي الوطني – تابع ابو العلاء – ايام ارهاب السلطة بكرابيج الحكم العسكري كان دعاة الاحزاب الصهيونية واذنابهم من العرب يؤججون النعرات التعصبية الطائفية والعائلية واقامة القوائم الطائفية والعائلية المجرورة بحبال التبعية للاحزاب الصهيونية، واحيانا لحزب صهيوني واحد، وكم من الدماء سالت ومن الولائم اقيمت اثناء المنافسة رسم المعركة بين القوائم العميلة لاحزاب السلطة، "صوت لمن تريد من القوائم ولكن ليس للشيوعيين" كان الشعار الدعائي الموحد للسلطة وعملاء الحكم العسكري. وقضية محمود الدقسة ليست من نسج الخيال بل من ارض الواقع، فداعية حزب السلطة "المباي" عضو الكنيست السابق امنون لين كانت من ضمن مسؤولية نشاطه الانتخابي قرية محمود الدقسة احادية الطائفة بالوراثة، وعائلة محمود الدقسة اكبر عائلة في البلد، وفي ديوان العائلة في بيت ابو خالد احد اركانها، حرض امنون لين قائلا "قانون الطبيعة يؤكد ان سمك القرش يبتلع الاسماك الصغيرة، واذا تجمعت العائلات الصغيرة حسب نشاط الشيوعيين فستفترسكم، باغتوهم بانتخاب ابو خالد رئيسا لقائمة العائلة فهو شخصية محترمة في البلد، فصاح عملاء الحكم العسكري من ابناء العائلة مهللين تأييدا للاقتراح، وسكت ابو خالد ولم يعلق، والسكوت علامة الرضا، وفاجأت ام خالد الديوان بدخولها، لم تطلق زغرودة طربا بترشيح زوجها، بل تحدثت بصوت محقون غضبا قائلة "رسول السلطة يحدثكم عن قانون الغاب، يعني انتم وحوش مهمتكم افتراس اخوتكم من العائلات الاخرى، يقترح نفس القانون الذي بموجبه استباحوا ارض وطننا وشردوا شعبنا واغتصبوا حقوقه الوطنية. هل تريد يا ابو خالد ويا كل الحاضرين ان نقول لاخوتنا اللاجئين في مخيمات المعاناة في لبنان وسوريا اننا اصبحنا خدام من شردكم. هل هذه هي شهادة شرفنا الوطني، وحياة تراب جدي الشهيد ان وافقت يا محمود على الترشيح لا انت زوجي وسأتبرأ منك بالطلاق"! ذهل الجميع، وسكسك امنون لين خارجا خائبا وانفض الاجتماع. وفي بلدنا المختلط من مختلف طوائف نسيج شعبنا الوطني والقومي، تابع ابو العلاء، كان الحكم العسكري وزلم السلطة وراء اقامة قوائم طائفية وعائلية، بعد "يوم الارض" الخالد خفت هذه الظاهرة وارعبت السلطة الوحدة الوطنية لشعبنا، فعادت من جديد، وخاصة منذ اواسط الثمانينيات، في محاولة احياء عظام الموتى وهي رميم وتأجيج الفتن والصراعات وبؤر التوتر الطائفية والعائلية واللعب على وتر الموازنة الدمغرافية الطائفية بدلا من الموازنة الوطنية السياسية. قلت لأحد الناشطين البارزين في الدعوة لاقامة قائمة طائفية اسلامية وتشجيع زميل له في العمالة لاقامة قائمة مسيحية، قلت له تجارة خاسرة مثل تجارة جحا بالبيض وتجارة علي وجريس بالحمير، فعلي وجريس كانا مفلسين وجيوبهما مخزوقة وانظف  من قفا الخطيب، حالفهما الحظ وربحا في "التوتو" اربعين ليرة، يوم كان لليرة قيمة، قررا العمل في التجارة، نزلا الى سوق الخميس في كفر ياسيف واشتريا عشرين حمارا، باعا حمارا وبثمنه اشتريا علفا، ومن جراء الشح في العلف هزلت الحمير وانخفضت قيمتها، بعد عدة اشهر سأل جريس زميله علي عن الغلة المحصودة من تجارة الحمير، اجابه، الحمير اطعمت بعضها بعضا، ويبعث ربك من ناحية الربح، ليتنا تاجرنا بالخيول الاصيلة، فشعبنا تعلم من مآسي نكبتنا ومعاناته كيف يفرق بين القمح والزؤان. ولم يخطئ تلامذة مدرسة دندن الجليلية عندما انشدوا في عاشوراء استقلال اسرائيل ونكبة شعبهم "يوم استقلال بلادي شنهق الحمار بالوادي".
د. أحمد سعد
الخميس 19/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع