اوراق العمر



في الحادي والعشرين من كانون الثاني عام 1955 خرجت بعد تسعة اشهر من الاقامة فيه، من رحم امي الدافئ الى حضنها الادفأ لتغمرني بحبها الامومي وعطفها الانساني وحليبها المقدس الطيب،لابدأ المشوار على دروب الحياة وحتى يوم الحادي والعشرين من الشهر الجاري تكون قد مرّت (1,702,944,800) ثانية من عمري حتى البدء بكتابة هذه الكلمات صباح يوم السبت الماضي، وكل ثانية مرت منذ ولادتي وستمر وانا على قيد الحياة هي بمثابة قبلة طيبة من الحياة على جسد تمده بالحياة ليواصل السير على دروب الحياة الجميلة والقيام بمهماته واهمها العمل للحفاظ على قدسية الحياة وجماليتها، وكل ثانية مرت منذ ولادتي هي بمثابة نغم جميل امتزج مع انغام الطبيعة الجميلة عازفا لحن الحب لها ولجمالها ولكي تبقى جميلة بكائناتها الكثيرة وفي مقدمتها الانسان، ومع تكاثر الثواني التي اخذت تتصرم منذ ولادتي، وتقدمي على دروب الحياة وبدء استيعاب  الحياة وبدء رؤية الفوارق بين الناس وسلوكياتهم، اخذت ادرك ان الثواني التي تمر من عمري هي بمثابة اوراق تتساقط عن اغصان شجرة العمر الخضراء، فاتساءل، بعد ان صرت استوعب الامور القائمة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، لماذا هي هكذا؟ ومع ازدياد تصرم الثواني من حياتي وازدياد الوعي السياسي، صرت اشعر ان كل ثانية تمر هي بمثابة قبلة حياة على الجسد المضمخ بعبير الحياة وحب الحياة ودعوة صادقة وجميلة، للانضمام الى صفوف الحزب الشيوعي الاسرائيلي، اليهودي العربي الاممي، لكي تنتصر راية الحياة الخفاقة بازدياد العاملين في صفوفه وتأثيرهم في المجتمع ليكون بمثابة اسرة واحدة وتحويل المجتمع الى اسرة واحدة يردد افرادها انغام حب الحياة وجماليتها والتمسك بها للابتعاد كليا عن النغم النشاز المتجسد بالأنا الرأسمالية التي وبناء على الواقع القائم تفضل الآلة على الانسان، تفضل قلة قليلة من الاثرياء تكديس الاموال على سعادة وكرامة الانسان وحقه الاولي في العيش الانساني باحترام وكرامة وطمأنينة، ويزداد تصرم الثواني من حياتي ومع ازدياد تصرمها يزداد مع كل ثانية تساقط ورقة من اوراق العمر، ويزداد اعتزازي لان على كل ورقة من اوراق عمري، نقشت حب الحياة وحب العمل لتكون البشرية عائلة واحدة، وان تجسد ذلك بنقاش مع شخص حول افضلية الشيوعية على الرأسمالية او من خلال توزيع منشور او "الاتحاد"، لنشر افكارنا الانسانية الجميلة واهدافنا الاجمل، المؤكدة انه لا ينقذ البشرية من خطر الابادة خاصة في ظل وجود سلاح الابادة والافكار السوداء في رؤوس قادة يجاهرون بالاستعداد لاستعماله، الا افكارنا الانسانية الشيوعية الجميلة لانها بتحققها تكون ومئة بالمئة ينبوع سعادة وحياة جميلة لمن يعرف ويقدس معنى الحياة الجميلة، نعم، ان كل ثانية مرت وتمر وستمر، تؤكد ان العالم بحاجة الى نظام يخلصه من الفقر والجوع والاستبداد والظلم والحروب والاستغلال والكراهية والدوس على كرامة الانسان  وحقه الاولي في العيش الانساني باحترام وكرامة وطمأنينة في ظل السلام الراسخ والدائم والجميل، وهذا النظام الذي بامكانه تخليص البشرية من مآسيها ومن الحروب التي تشوهها وتكلفها الكثير من الخسائر المادية والروحية، هو النظام الشيوعي، لانه يعمل على ان تظل الافكار الشيوعية بمثابة مشعل ينير العقول وتغسل الضمائر، وتضمن الحياة السعيدة للبشرية،بتغلب قوة الروح وحب الحياة على قوة المادة، ولأنه يريد تحويل العلم الى وسيلة تجعل حياة الناس في كل مكان حافلة بالعدل والجمال والمحبة للحياة ولتآخي البشرية، وهو النظام الذي يسيره ويديره الفكر الوحيد الذي يبعد الخطر عن البشرية، ويضمن لها الحياة الجميلة في حديقة الحياة الاجمل.
وبالذات في اسرائيل، التي يصر حكامها على التمسك بالاحتلال الذي اثبت الواقع على مدى (41) عاما انه موصل جيد للكراهية والظلم والعنصرية والاحقاد والكوارث والمآسي  ودوس الكرامة الانسانية وسحق براءة وبسمات الاطفال، فان الشيوعيين والجبهويين اليهود والعرب، بمثابة الارض الطيبة العامرة بجماليتها المتجسدة بغلالها الكثيرة واطيارها الجميلة، مما يضمن الغذاء الجسدي والروحي للجماهير المتآخية في اسرة واحدة، بينما الرأسمالية هي وبناء على الواقع بمثابة ثمار للاقلية الثرية واشواك للاكثرية، والابتعاد عن الارض الطيبة والدنو من المستنقعات بتعريض البشر للامراض ومنها الفتاكة، فالاستغلال مرض والعنصرية مرض والتعصب القومي والطائفي والعائلي، مرض،وسياسة فرق تسد الاستعمارية مرض، وتفضيل الدبابة والمدفع والقنبلة ووسائل القتل والدمار على لقمة الخبز والدفتر والكتاب والدار السكنية، داء خطير، الدواء الوحيد الناجع والقادر على اشفاء البشرية من تلك الامراض الفتاكة هو الفكر الشيوعي الاممي الوحيد الذي يدفع البشرية كلها للسير على طريق الحب، الحب للانسان وللحياة بكرامة، ولانه الوحيد الذي يعزف على قيثارة الحياة لحن حب الحياة الانسانية وحقها الاولي المقدس في ان تعيش حياة تتضوع منها روائح الورود المنعشة وليس روائح الجيف النتنة والمستنقعات الانتن والاخطر.
اعتز بان اوراق عمري مضمّخة بالروائح المنعشة الطيبة المتجسدة بالافكار الاممية الشيوعية التي تريد للبشرية في كل مكان ان تكون اسرة واحدة متآخية، وان تعطي الفرح للجميع في تلك الاسرة، من خلال تعميق مشاعر وقناعات نبذ ومكافحة الانانية وكل ما من شأنه تشويه جمالية المشاعر الانسانية، ومن خلال تذويت الحقيقة ان منظر الزهرة المفرفحة الفواحة العبير والذي تضمنه الشيوعية اجمل وافضل من منظر الزهرة المسحوقة الملطّخة بالدماء البشرية التي تضمنه الرأسمالية، والواقع العالمي الراهن برهان لا يدحض.

سهيل قبلان
السبت 28/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع