كارلا وسؤال المليون



// كارلا..

كان من الصعب علينا جميعًا على ما أظن، رجالا ونساءً، تجاهل عقيلة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، كارلا بروني، التي اصطحبها معه في زيارته المزركشة إلى البلاد هذا الأسبوع.
دانييل بن سيمون، صحافي "هآرتس" السابق ومرشح حزب "العمل" اللاحق، لم يتمالك نفسه في استيوديوهات قناة الكنيست (99)، نهار الاثنين، وهو يوصّف بكلتا يديه وبعبريته الدافيد ليفيّة دورَ كارلا في "رفع" ساركوزي "من كل النواحي"، في تلميح أكثر من واضح، لم تخفّف من سماجته ابتسامةٌ راوحت بين التذاكي والحرج المفتعل على وجه مُـقدّم البرنامج المتديّن. وعلى أية حال فهذا ليس مستهجنًا على من انبرى يُدافع عن "المتحرّش الأول" في دولة إسرائيل، موشيه كتساف، مستشهدًا بباع الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا متيران الغراميّ الطويل والغزير، على سبيل المُفاضلة.
إنها امرأة جميلة حقًا، زوجة ساركوزي. والمشكلة ليست في جاذبيتها أو لون فستانها وشكل حقيبتها وتصميم حذائها. فالبعض قد يرى في الليكودية ليمور لفنات امرأة جذابة (ونعم؛ ثمة منحرفون كهؤلاء!). أما أنا شخصيًا، إن شئتم الحق، فمِن أنصار "وزيرة احتفالات الستين" روحاما أبراهام باليلا.


// وزوجُها..


المشكلة هي أنّ وراء هذه الواجهة الجميلة ما وراءها من سياسة استغلالية، بشعة، لم تتحرّر بعد من شوائب الكولونيالية الفرنسية العريقة. الإسرائيليون أنفسهم يدركون أنّ كلام ساركوزي الصارم ضد إيران ليس أكثر من ضريبة كلامية. ومع كل الفوارق، يدرك الفلسطينيون أيضًا أن حديثه عن إزالة المستوطنات وما شابه ليس له رصيد فعلي، وهو "جيّد" فقط إذا ما قورن بخطاب بوش في الكنيست قبل بضعة أسابيع.
ولكن ما جلب الرئيس الفرنسي اليميني إلى هنا ليس المفاعلات الإيرانية أو المسألة الفلسطينية ولا حتى المفاوضات غير المباشرة مع سوريا. فلدى ساركوزي طفلٌ، كارلا أمّه بالتبني، يُدعى "اتحاد ضفتيّ البحر المتوسط".


// وطفلهما بالتبني..


وهذا الاتحاد هو عمليًا كيان اقتصادي يشمل بلدان شمال المتوسط الأوروبية كإيطاليا واليونان واسبانيا والبرتغال وفرنسا وقبرص، وبلدان الجنوب كمصر وإسرائيل وسوريا ولبنان والجزائر وليبيا والمغرب وتونس. وأهدافه الأساسية سيطرة الرأسمالية المتمركزة في أوروبا على الأسواق والموارد الطبيعية في المنطقة، ورفض عضوية تركيا نهائيًا في الاتحاد الأوروبي، وتنظيم مسألة هجرة شباب المغرب العربي إلى بلاد المستعمِر القديم، لا سيما فرنسا التي ذاق فيها المهاجرون العرب والأفارقة الأمرّين من ساركوزي حين كان وزيرًا للداخلية ونفّذ أكثر السياسات رجعية وعداءً للمستضعفين والعمّال والطلاب.
وقد أثبتت تجربة دول شرق أوروبا التي انضوت تحت لواء الاتحاد الأوروبي، أنّ هذه المنظومة السياسية والاقتصادية المغرية تؤدي في المحصلة إلى إغناء الأغنياء من كبار المستثمرين وإفقار الفقراء من عامّة الشعب. وهذه الدول التي لم تتطوّر بنفس درجة الدول الصناعية الرأسمالية الكبيرة، ستصبح أكثر ضعفًا وعرضةً للاستغلال. فكم بالحري بالدول العربية المتخلفة علميًا واقتصاديًا والتي بالكاد تجيد الاستهلاك؟
ومن الواضح أيضًا أن الدور الـمُعدّ لإسرائيل سيكون مميّزًا أيضًا، بسبب من موقعها الجغرافي وتقدّم صناعاتها التكنولوجية وعلاقاتها الخفيّة والعلنية بكثير من الدول العربية، من المحيط إلى الخليج، أي بما هو أوسع حتى من مطامع ساركوزي في "جنوب المتوسط".


// وسؤال المليون!


ويبقى سؤال المليون يورو، لماذا، بحق الجحيم، تقبل فنانة جميلة وناجحة لعبَ هذا الدور القبيح؟
الحب، تتكهّنون؟ يضرب الـ Amoure شو بذل!

 

 


الصورة: كارلا بروني-ساركوزي. البعض قد يرى في ليمور لفنات امرأة جذابة..

رجا زعاترة
الأحد 29/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع