عن هذا وذاك والكلاب وما اشبه!



في هذا الصباح الجميل لا اريد ان أفهم خطأً، فحقوق الكلاب محفوظة وحقوق الحيوانات لا اريد لها ان تُمس بسوء، من هنا يبدأ المشوار...
نقف في الطابور امام رجال الامن الاسرائيليين او على الاصح "وحوش الامن" للتفتيش قبل الصعود الى الطائرة في مطار ميلانو في ايطاليا، حيث العودة الى ارض الوطن، ومن هنا بالفعل يبدأ المشوار..
السيد موشي وعقيلته ايلانيت والسيدة وردة "فاردة" وصديقها يتنزهون في باحة الاستقبال، يستقبلهم رجل الامن بلطافة ويسألهم عن الرحلة وكيف كانت. سؤال عابر، يفحص جواز السفر وينتهي الموضوع، يكمل السيد موشي رحلته الى "الديوتي فري" ليقضي ساعة من الزمن في التبضع واحتساء القهوة العربية التي يقال لها "اسبريسو" وهي في الاصل القهوة السادة العربية، حيث قام الطليان بتغيير الاسم ولكن النكهة والطعم واحد..
تجلس تامي وهي ايطالية تدرس الفلسفة في جامعة تل ابيب بجانب كلبها، لا تريد ان تفارقه الا قبل الصعود الى الطائرة، وهذا من حقها، بين حين وآخر يأتي رجل الامن البشوش ليسأل عن حالها وحال الكلب، تطلب منه ماء للكلب فيلبّي طلبها بسعة صدر وأفق رحب، وبينما كنت اتأمل هذا المشهد، وكادت تصيبني "فرحة" من شدة الاعجاب، فإذا كان استقبال الكلاب عندهم هكذا فكيف سيستقبلونني وصرت "احاشر" لكي يأتي دوري بسرعة، وعندها ابتدأ المشوار الحقيقي..
تقدمت الى رجل الامن منتعشا وبثقة كبيرة، نافشا ريشاتي كالطاووس اقدم له جواز السفر والهوية فتقوم الدنيا ولا تقعد.. رجل الامن البشوش تحول الى وحش كاسر.. اين كنت؟ وماذا فعلت؟ ومن قابلت؟ لماذا انت هنا؟ وما هو الهدف؟.. الطريف ان رجل الامن لا يكترث للاجابة ولكنه ينظر الي بتعجب من الرأس وحتى اخمص القدمين، وبعد الاسئلة ظننت انني انتهيت وبدأت اتخيل نفسي اتبضع واحتسي القهوة بجانب السيد موشي ولكن المشوار قد ابتدأ بالفعل..
بعد هذه المرحلة ينادي علي الضابط الرئيسي فيأخذني جانبا الى غرفة سوداء ليبدأ الفحص الاساسي.. يجب ان تخلع الملابس والحذاء؟ يأمرني.. لماذا اسأله ببراءة تامة.. هذه هي القوانين يجيبني.. ولماذا لا تسري هذه القوانين على الآخرين اسأله.. فلا يجيب.. اكرر السؤال ومرة اخرى بدون جواب.. يأخذون الحقيبة وينبشونها نبشا.. اربعة من وحوش الامن ينقضون على الحقيبة كأنها صاروخ نووي او اسلحة كيميائية كتلك التي ادعوا أنها كانت موجودة في العراق، عندها علمت ان مرحلة البشاشة والبراءة والسذاجة قد انتهت، وبدأ الجد كما يقولون في حاراتنا.
لن تصعد الى الطائرة بدون تفتيش جسدي كامل.. وما معنى ذلك، اسأله، أي انه يجب ان تخلع جميع ملابسك وحذاءك.. تصور بهيمي يقطر عنصرية واستعلاءً.. والسؤال الآن كيف سأرد على هذه البهيمية.. وقفت وسط الغرفة السوداء وقلت له، اذا اردت ان تفحص الجسد كاملا فعليك انت ان تفعل.. وعندها ركع على ركبتيه وقام بفحص صواريخنا النووية التي نخبئها في ثنايا الملابس.. يا ابن الـ... لن ادخل معك في معركة جسدية وكلامية لأنه بعد ثلاث ساعات ليس اكثر سأشم هواء وطني وارى طبيعته الخلابة في جليلنا الأشم وهذا سبب كاف لأتخطاك في هذه المرحلة..
فصباح الخير لجليلنا العامر بأهله، جليلنا مالك مثيل/ وترابك اغلى من الذهب. صباح الخير لقمم جبالنا التي هي أعلى وأشمخ من كل العنصريين والاستعلائيين وزمرتهم، ونطلب العذر من الكلاب..
محمد جمل
الأثنين 30/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع