اللي بيستحوا ماتوا
اتساع ظاهرة اللاجئين في العالم ليست من السماء



قبل ايام قليلة، صادف اليوم العالم للاجئين، والهدف من احياء هذا اليوم، هو محاولة من الامم المتحدة طرح هذه القضية الآخذة بالاتساع في السنوات الاخيرة، على جدول اعمال المجتمع الدولي، الذي يعاني من خلل كبير لصالح قوى الشر الاستعمارية، بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وبشكل خاص في ظل ادارة المحافظين الجدد، بزعامة، بوش - تشيني رايس ومن هم على شاكلتهم.
بهذه المناسبة نشرت الامم المتحدة تقريرا مذهلا، يوضح حجم هذه المأساة حيث يوجد اليوم اكثر من 37 مليون لاجئ. في آسيا، افريقيا، وامريكا اللاتينية.
يبين التقرير اتساع هذه الظاهرة المطرد منذ عام 2014، واحداث الحادي عشر من ايلول، التي استغلتها ادارة زعيم محور الشر، لشن حروب استعمارية عدوانية، تحت شعار مكافحة "الارهاب". وكانت نتيجة هذه الحروب، تحويل الملايين من الافغان، ومن ابناء الشعب العراقي الى لاجئين، اما في وطنهم، او في البلدان المجاورة، مثل باكستان الاردن، سوريا وايران والبعض من اصحاب الامكانيات المالية، هاجروا الى الدول الاوروبية، وبالاساس الى المانيا.
يتبين من التقرير ان الدول الرئيسية التي استوعبت هؤلاء اللاجئين هي الاردن، سوريا، ايران، باكستان، والمانيا وان حياة هؤلاء اللاجئين قاسية وصعبة جدا. وانه ليس بمقدور هذه الدول باستثناء المانيا، استيعاب هذه الملايين من اللاجئين، وتوفير الحد الادنى من الظروف الانسانية للحياة الانسانية العادية.
يتحدث التقرير عن نشوء مشكلة لاجئين في العديد من الدول في القارة، السوداء. اما بسبب الحروب الاهلية او بين بعضها البعض او بسبب الجفاف وعدم سقوط امطار لفترة طويلة في بعض الدول الافريقية.
من الواضح ان الدول الاستعمارية، مستمرة في نهب خيرات وثروات هذه الدول. وهي التي تؤجج النزاعات بين دول افريقيا، وهي التي تغذي الازمات وتوصلها الى حروب اهلية. لكي يسهل عليها، الاستمرار ببيع الاسلحة التي تنهك هذه الدول، وتضعها لقمة سائغة تبتلعها الدول الاستعمارية، ظاهرة الاختلال المناخية ظاهرة عالمية وظاهرة الجفاف منتشرة بالاساس في افريقيا وآسيا. ومن الواضح ان الدول التي تعاني من ازمات فيما بينها، تصل حد الصدام المسلح، او الحروب الاهلية، منهكة جدا، ولا تستطيع مجابهة الجفاف وحفر الآبار وحل مشاكل الشرب والري، وبالذات في الريف والمناطق الزراعية، علما ان اعدادا كبيرة من مواطنيها يعتمدون على الزراعة التقليدية بعيدين عن المكننة في الزراعة.
كعادتها، تحاول اسرائيل الرسمية، ووسائل الاعلام التي تدعي حرية الصحافة والموضوعية، ابراز اسرائيل كدولة تعاني من قدوم المهاجرين، من الدول الافريقية وبالذات من السودان، من منطقة دارفور.
التقارير الرسمية تفيد بان حوالي عشرة آلاف لاجئ افريقي، فارين من بلادهم بسبب الحروب الاهلية والقتل والدمار والجوع، يطالبون باستيعابهم في اسرائيل، وان حكومة اسرائيل ترفض ذلك بالرغم من انها تتباكى، وتذرف دموع التماسيح على مأساتهم.
وصلت الوقاحة بحكومة اسرائيل. ان تقترح على بعض الدول الافريقية استيعاب هؤلاء بأراضيهم مقابل مبلغ من المال على كل "راس" شخص من هؤلاء اللاجئين من حين لآخر، يرشح لوسائل الاعلام العالمية والمحلية، انه بيد طرف، او بيد طرفي النزاع في هذه الدول، سلاح اسرائيلي، بالاضافة للخبراء العسكريين الاسرائيليين الذين يقومون بتدريب هؤلاء المتقاتلين.
التقرير اياه لا يتحدث عن اللاجئين الفلسطينيين منذ النكبة، فهؤلاء ليسوا تحت مسؤولية المفوضية بل الاونروا مسؤولة عنهم. الا ان هذا لا يلغي حقيقة وجود مئات اللاجئين الفلسطينيين في وطنهم الذي لا وطن لهم سواه.
ابناء صفورية، ميعار، اللجون، الكفرين، مسكة، ام الزينات، الطنطورة والقائمة طويلة، طويلة جدا. فهؤلاء أحيوا ذكرى النكبة قبل اسابيع، مطالبين بالعودة الى بيوتهم وقراهم واراضيهم. لماذا لا يتحدث الاعلام الاسرائيلي، "الحر" "النير" الموضوعي.. عنهم، في يوم اللاجئين العالمي؟ أليسوا لاجئين في وطنهم؟؟
القضاء الاسرائيلي، قرر عودة اهالي اقرث وكفر برعم لقريتيهما، لماذا لا ينفذ هذا القرار يا من تتباكون على اللاجئين في افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية؟ يعتقد حكام اسرائيل ان الزمن كفيل بان ينسى اللاجئون الفلسطينيون ارضهم بيوتهم، مدنهم وقراهم. الا ان الحقيقة التي تزعج وتقض مضاجع حكام اسرائيل، انه لا مكان للصفح او للنسيان. وان الذاكرة باقية متوهجة تتوارثها الاجيال، وتوثقها لتبقي حية في الذاكرة الجماعية ليس للاجئين في وطنهم فحسب، بل لكل ابناء الشعب الفلسطيني.
عندما كنت ارافق والدتي رحمها الله، الى مدينة العفولة للعلاج في المستشفى او لزيارة مريض، ودائما عند وصولنا الى مشارف اللجون (او كما يسمونها مجيدو) كانت تتفتح قريحتها، ومن دون استئذان، تفرض نفسها علي، وعلى من يصاحبنا، وتبدأ بالحديث عن اللجون، وتغرز كل قطعة ارض او قسيمة وكأنها مهندسة مساحة، هذه الارض للمحاميد ومن هنا تبدأ اراضي المحاجنة، هذه القطعة لفلان وتلك القطعة لعلان، هنا كنا وكانوا يزرعون القمح، الشعير، الذرة الباذنجان، البندورة والبطيخ الخ... هنا تنتهي اراضينا، نحن ومن هنا تبدأ اراضي العفولة. هكذا تقول، وكأنها تريد اقرار حقيقة تاريخية.
مما لا شك فيه ان والدتي عينة لنساء ورجال فلسطين الذين عاشوا في فلسطين قبل النكبة والذين اقاموا المدن والقرى وطوروا الزراعة والذين تحول قسم كبير منهم الى لاجئين في وطنهم.
ففي اليوم العالمي للاجئين نريد ان يفهم حكام بلادنا ان من يريد السلام كما يتشدقون عليه ان يبدأ بالسلام مع ابناء الشعب العربي الفلسطيني مواطني اسرائيل اللاجئين في وطنهم. وان يعترف بحقهم بالعودة اولا وقبل كل شيء ليثبت انه حقا جاد في حديثه عن السلام.

(ام الفحم)

مريد فريد *
الخميس 3/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع