شغلة بتحرزش



لرواد المطاعم بودي أن أخبركم أن النادل قد سئم من كل هذه الطوش التي تجري في أعقاب كل "قعدة": من سيدفع حساب الطاولة؟! كل الشغلة ما بتحرز، صحنين فول، صحن عجّة، أحياناً الشغلة كلها على بعضها ثلاثة فناجين قهوة وبدون ماء معدنية.
أمام الغرسون الوديع تقوم حرب عالمية: من سيدفع الحساب؟ وهنالك من لا يعجبه إلا أن يلقي بمحفظته على الطاولة، وآخر يكعبل المية شيكل ويزتها في حضن الغرسون، كأن الأخير حارس مرمى كرة قدم في مواجهة كرات الضربات المالية إلى مريوله. الغرسون، ومعذرة منكم، يسمي ذلك مسرحية، وأحياناً بمشاركته هو، المشاهد الوحيد، حين يصيح به أحدهم بصوت مبحوح من التأثر، وكأنه بصدد حادث اختناق: "توخدش منو!!!".. وآخر يرمي بنقود صاحبه بعيداً، وكأن الأخير جلب العار بفعلته النكراء هذه.
توجد أشكال أخرى لهذه المسرحية البديعة، فهناك، من الجالسين، يقول أنه ذاهب للحمام، وفي نهاية القعدة عندما يُطلب الحساب، يقول ووجهه مشرقاً من الفرح بينما ابتسامة الظفر والتشفي تعلو شفتيه: "الحساب واصل".. نوك أوت. أحياناً يحدث العكس تماماً، يذهب أحدهم للحمام ببراءة المزنوق، المحتاج للحمام حقاً، فيصيح به آخر، لا يحب حركات الغدر هذه: "إوعى تحاسب!! والله بزعل عليك" ومعنى هذه الجملة في لغة التورية هنا: "إذا ما حاسبتش بتكون بخيل ونتن". فيعرّج هذا المزنوق على الصندوق سريعاً، ليدفع الحساب لئلا يسبقه أحد إلى ذلك..
بدل هالمسرحية المرافقة لكل قعدة: اتفقوا قبل وصول الجرسون، اطلبوا الحساب أولاً، اقتسموا الحساب بينكم، وطبعا لا تنسوا هنا إكرامية الغرسون، وخلص.. "بدهاش روحة للقاضي".
أنا أقول لكم ماذا سيحدث فيما بعد..
فيما بعد بالرغم من كل هذه المسرحية الشكسبيرية "العفوية".. ستجدون من يلعن هالشغلة كلها، "شربة فنجان قهوة بتكلف خمسين شيكل". ويقول أخر، في سره على الأقل: "بتفوت توكل صحن فول، بتدفع مية شيكل".. وهنالك، فيما بعد في قعدة صفا، من سيشير لهذا الساكت على الطاولة وقت الحساب، الذي لا يحرك ساكناً لكي لا يدفع..
من جهة أخرى هنالك من لا يريد مشاركة آخرين في القعدة: "مش معقول اللي بصير.. بصير يغاوش وبمنع حدا يدفع.. يا أخي.. أنا بديش آكل ولا أشرب على حساب حدا.. وفي الوقت نفسه بديش أعمل طوشة مين بدو يدفع، والناس تتفرج علينا".. احترموا مثل هؤلاء الناس..
ربما خصلة الكرم المتأصلة لدينا، وهذا كلام جدي جداً، تجعلنا نفعل ذلك، ولكن لتبق هذه الخصلة الرائعة، وهي رائعة فعلاً، في بيتك، وليس في مطعم الذي هو مكان عام.. وإذا كان لا بد من هذا الكرم، فادفع لصاحب مطعم موثوق، ثمن ما تريد التكرم به على أصدقائك، ليقدمه مجاناً لمن يعتقد، هو، أنهم بحاجة لذلك..
عودة بشارات
الخميس 3/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع