كلمات لذكرى توفيق زياد



تمر في هذه الايام الذكرى الرابعة عشرة لرحيل توفيق زياد، المناضل العنيد المقتحم، والسياسي الفذ والبارع، والشاعر المقاوم البارز الذي ظلت فلسطين جمرة نصه الابداعي.
توفيق زياد هو احد المناضلين البارزين في حياة شعبنا وجماهيرنا، نشط في العمل السياسي والنضالي منذ شبابه المبكر وتميز بشخصيته الثورية النضالية الصلبة، وكان انسانا جريئا ونظيفا، دمث الاخلاق، حميم المعشر، وصاحبه ذهن عميق وثقافة شعبية واسعة، ومشعلا للفكر الانساني التقدمي الدمقراطي ومقاتلا في صفوف الحرية والعدالة والكرامة الانسانية والطبقية.
وتوفيق زياد من شعراء المقاومة والكفاح والرفض الذين صنعوا بالعذاب والجوع تاريخ حركتنا الادبية الوطنية الملتزمة، واحد المبدعين الذين صنعوا بالموهبة المشرقة تقاليد ادبنا الشعبي كتب الشعر على جدران الزنزانة وارصفة المنفى واقبية التعذيب وصاغ هموم الفقراء المعذبين الزاحفين نحو الشمس، ووزعت اشعاره وقصائده كالمناشير السياسية وتناقلتها الايدي وحفظتها القلوب ورددتها الالسن والافواه، وظل زياد يرفد ثقافتنا بالابداع المتوهج الذي يستمد وهجه من كفاح وبطولات الشعب.. الابداع الذي يغني الثقافة الوطنية والعمالية.
تنبع عظمة توفيق زياد من مواقفه الجريئة الصلبة، فكان صاحب موقف سياسي جذري، وصنع عبر مشواره النضالي تاريخا للكلمة الملتزمة وصرحا لشرف المثقف وقدسية الثقافة وكرامة وكبرياء الحرف، وبقي شامخا بمواقفه السياسية والايديولوجية، لا يساوم ولا يرائي قائدا او زعيما ولا يمسح الجوخ او يقدم المديح لواهب، وكان صاحب خط سياسي واضح، وميز بين ما هو صحيح وما هو خاطئ، بين المصالح العليا للشعب والمصالح الصغرى للفرد، بين الطموح الجماعي للوطن وبين الطموح الشخصي للذات.
لم يوظف ابو الامين شهرته كشاعر من اجل خدمة الزعماء المفلسين، ولم يفرد شهرته لكي يغطي عيوب الزعماء المنحرفين، لم يصمت وانما قال كلمته، قالها بقوة ضد الانحراف والاستسلام، وضد الرؤساء والسلاطين الذين تآمروا على القضية.
توفيق زياد شاعر ملتزم حمل بوصلة الشعب في طموحه واحزانه واسترشد بها في كل المعارك التي خاضها مع الطليعة النبيلة الواعية التي تجسد كرامة الشعب، بعماله وكادحيه وطموحه الانساني الى العدالة، ووظف شعره سلاحا في معارك شعبنا الوطنية والطبقية، وقد امتلأت نصوصه الشعرية بالغضب الثوري الساطع والصادق ضد ما يعانيه الانسان من قهر وظلم وغبن وجور وظروف قاسية. وتجلت في هذه النصوص قدرته وموهبته الشعرية وثقافته العمالية الاصيلة ومواقفه الوطنية وعواطفه الجياشة وانحيازه الطبقي الواضح الى جانب الطبقة العاملة المسحوقة والجماهير الفقيرة. توفيق زياد شاعر مقاتل صوّر بصدق وحرارة ملحمة شعب زلزلته وشردته الهزيمة، وفي شعره صرخة احتجاج ضد الطغاة واسباب الظلم والقهر والانسحاق والاغتراب.
واخيرًا، توفيق زياد صوت شامخ بلا غرور، جميل بلا تصنع، عال بلا ضجيج، صوت يدافع عن الانسان وعن حقه في الحرية والحياة والتقدم وقد دفع ثمن مواقفه ودفاعه عن شرف الكلمة ونقاء الثقافة، فصارع متسلحا بالنقاء الثوري، وبالموقف الوطني الذي يا يساوم.

(مصمص)

شاكر فريد حسن *
الخميس 10/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع