كوشنير يؤكّد لـ»السفير« لقاء الفيصل وساركوزي:
السعوديون ليسوا متحمسين لتقارب دمشق وباريس



السعوديون ليسوا متحمسين للتقارب الفرنسي السوري. الخلاصة تفرض نفسها في ما قاله وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير لـ»السفير«، وهو يغادر ظهر امس، منبر مؤتمر صحافي عقده في الكي دورسيه.
انتخب الوزير الفرنسي من سؤال »السفير« عن حقيقة موقف الرياض من تقارب باريس ودمشق، عبارة »قلة الحماس«، مفضلا إياها على تعبير »معارضة الرياض« للقاء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالرئيس السوري بشار الأسد في قصر الإليزيه الأسبوع الماضي.
»هل أظهر السعوديون معارضتهم او قلة حماسهم للتقارب الفرنسي السوري؟«، يجيب كوشنير المقاطع »أفضل قلة الحماس«.
و»هل أتى وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل وتحدث بذلك مع الرئيس ساركوزي؟«، يجيب كوشنير »نعم بالتأكيد«.
وكانت »السفير« قد نشرت الاثنين الماضي، خبر المساعي السعودية للجم الاندفاع الفرنسي تجاه دمشق، في لقاء عقده الأمير سعود الفيصل مع الرئيس ساركوزي، قبل وصول الرئيس الأسد إلى العاصمة الفرنسية. ومن غير المستبعد ان يقتطع ساركوزي والملك السعودي عبد الله، بعض الوقت من عطلتيهما الصيفية في المغرب، للاجتماع بهدف متابعة البحث في الموقف السعودي.
وبات واضحا ان الاعتراض السعودي على تطوير باريس لعلاقاتها مع دمشق، في الوقت الحاضر على الأقل، حجته الراجحة في خطر البرنامج النووي الإيراني، اذ لم يعد تحالف سوريا مع ايران يشكل حاجزا لا يمكن للرئيس ساركوزي اجتيازه، في طريقه إلى دمشق. كما لم يشكل عقبة كبيرة امام القائمين على الاليزيه لفتح أبوابه الأسبوع الماضي امام الأسد.
ويحيل كوشنير »اسباب الاعتراض السعودي حول التقارب مع سوريا«، لاختلاف في »التعبير، في الأنظمة، والبلدان، والموارد، والتحالفات التي تعقدها سوريا، او السعودية وهي قطب مهم في العالم العربي، وهذا طبيعي، ولا يصدم. هذه حال الدنيا ولا جديد فيها«. ويضيف »لم يظهر الاختلاف فقط حول قدوم الرئيس الأسد إلى باريس، بل قبل ذلك.. والجميع يبدل رأيه، ولان السعوديين أذكياء، اعتقد أنهم يفهمون، ولكننا لا نطلب منهم تغيير موقفهم.. هناك مساران سياسيان لا بد لهما من لقاء، لأننا جميعا نريد السلام«.
والشراكة الفرنسية ـ السعودية الإستراتيجية، تملي تنسيقا مستديما بين الرياض وباريس، لكن وصف ساركوزي في الإليزيه للعلاقات السورية الفرنسية المستجدة، بانها بنيوية واستراتيجية، يندرج لدى الوزير الفرنسي في تحولات سياسية أوسع في فرنسا والولايات المتحدة إزاء سوريا وإيران.

ويسأل كوشنير عما اذا كان السعوديون على اطلاع أم لا على ما يجري على الخط السوري الفرنسي. ويقول »من البديهي أننا أعلمناهم بما يحدث.. لكن البعض قد يقدر أننا لم نفعل ذلك بشكل كاف.. لا أعرف! صحيح ان السعودية لم تكن نصيرة للقائنا مع الأسد، إنها علاقات معقدة وحساسة وأفهم اختلاف المواقف داخل العالم العربي، لكن أعتقد أن الجميع قد فهم موقفنا وهو يجنح نحو السلام والتهدئة«.
ويتابع الوزير الفرنسي »بوسع السعوديين الا يقبلوا طريقتنا في البدء، أو لا يوافقوا عليها كليا في مرحلة تالية.. ولكن هذا ليس انطباعي.. ان ما يجري جزء من إعادة التشكيل، ليس الجغرافي فقط، ولكن السياسي والإستراتيجي أيضا.. إنها دبلوماسية الحركة والحوار«.
واختلاف التقدير بين السعودية وفرنسا، لا يفقد تقارب باريس ـ دمشق شيئا من زخمه، ولن يغير الاعتراض السعودي شيئا كبيرا في المدى القريب، لأنه يجري في ظل تفاهم أميركي فرنسي، وتشجيع إسرائيلي. ويقول كوشنير »نلنا تهنئة إسرائيلية على دعوة الأسد إلى قمة الاتحاد من أجل المتوسط.. وقد التقينا بالرئيس جورج بوش وكوندليسا رايس في حزيران هنا في باريس، وعقدنا اجتماعا لأربع ساعات وشرحنا لهم موضوع اللقاء.. وبدأوا بالتفكير بطريقة عملية، انطلاقا من المعطيات الجديدة.. وقد هنأنا الأميركيون على القمة وعلى اللقاء بالأسد لأنه لا يمكن الفصل بين الحدثين«.
ويتقدم التقارب السوري الفرنسي بسرعة أكبر مما يعتقده كثيرون، من دون ان تعيقه شروط مسبقة. ولأن باريس ترى انها حققت الأهم في إعلان الأسد من الإليزيه قرب إقامة سفارة سورية في بيروت، فقد اصبح نافلا بنظرها، ان يسبق موعد اقامتها، زيارة الرئيس ساركوزي إلى دمشق، مطلع أيلول المقبل، طالما ان مبدأ إقامتها قد أصبح واقعا.
وتبنى ساركوزي من دون تحفظ، التفسيرات التي قدمها الرئيس الأسد لروزنامة العلاقات الدبلوماسية اللبنانية السورية، وعدم الإعلان عن إقامتها فورا من باريس. ولا يعلم كوشنير متى ستقام السفارة السورية في بيروت »لان السوريين ابلغونا ان دون ذلك إجراءات إدارية لا بد منها.. ونحن نأمل أن تنجز قبل انتهاء العام، لكنه حدث غير مسبوق، لأنه يشكل اعترافا سوريا بالدولة اللبنانية«.
وتحدث ايضا عن مزارع شبعا المحتلة، قائلا انه ناقش هذه المسألة مع »مسؤولين وليس فقط مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون«.. وأوضح انه »حتى الآن ليس هناك من تقدم في هذا الملف ولكن هناك محاولات«، مضيفا »آمل أن تكون مسألة شبعا أحد المواضيع التي ستشهد تطورا«.
وربط وزير الخارجية الفرنسية الانفتاح على سوريا، بالانفراجات الجارية في كل الملفات الإقليمية، وعملية تبادل الأسرى بين إسرائيل و»حزب الله« جزء منها »وتعبر عن تغيير حقيقي في أجواء المنطقة، والمفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل قد تنقل سريعا إلى المباشر، وقد تحدث الرئيس الأسد عن أجندة خاصة للتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل بين ستة أشهر وسنتين. الأمور تسير بشكل جيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولا ادري ما إذا كان اتفاق سلام ممكنا قبل نهاية العام، لكن لا أستبعد المفاجآت. وقد تعززت الهدنة مع حماس«.
اما انضمام الأميركيين إلى الحوار مع إيران في الملف النووي، فهو حدث بحد ذاته. وللمرة الأولى منذ ثلاثين عاما، يأتي لقاء أول مسؤول أميركي من مستوى الرجل الثالث في وزارة الخارجية ويليام بيرنز، بالمفاوض النووي الإيراني سعيد جليلي في جنيف اليوم السبت، في إطار اجتماعه بخافيير سولانا والمدراء السياسيين لخارجيات الست الكبار، ليتوج تفاؤل الوزير الفرنسي الحذر بتعزيز الانفراجات الجارية.
كوشنير »مملوء بالأمل، لكن لا أنتظر شيئاً.. إنها بداية.. إنه حوار سيستمر (بين الأميركيين والإيرانيين).. وإما أن يتوقف مساء، ولا تكون له الأهمية التي منحه إياها كثيرون، واما ان يستمر لوقت طويل«. ولمزيد من الحذر »لا يجب ان ننتظر شيئا كثيرا فورا بعد لقاء جنيف، لكن ان يقع اللقاء (بين أميركي وإيراني) خبر جيد، وحدث مهم بحد ذاته«.
السبت 19/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع