بقلوب مؤمنة (بحق العودة) وبأفئدة يعتصرها الألم والحزن والأسى.. شيعت جماهير حي الصفافرة في الناصرة يوم الثلاثاء 2008-7-15 جثمان العدالة. وقد حمل النعش كوكبة من شبان وشابات وأطفال أهل الحي الذين ولدوا في الناصرة والقرى المجاورة إحياء للذكرى الستين للطرد من صفورية بذلك التاريخ المشؤوم.
هذا وقد سار الموكب بصمت.. وطاف بالنعش الملفوف بالعلم الأسود من مركز الأمل الطبي بدوار الشهيد حيث فاضت روح المرحومة إلى كرم الجمال مرورا بجامع عمر، حيث لم تقم الصلاة بداخله لان صلاة الميت تجوز وقوفا أو حتى  مشيا على الأقدام مع تطور الزمن ومع مشاركة البعض من إخوتنا المسيحيين.
وقد شارك في حفل التأبين رئيس بلدية الناصرة والنائب الصفوري الأصل والنائب الكنّاوي الذي فشخ قبل شهر وهو يجاهد في سبيل الله وحق العودة.. فحصل على وسام "المفشوخ" واختلطت دماء جبهته بتراب القسطل ومياهه الباقية ما دامت شركة مكوروت لم تشفطها بعد... كما وقام احد أبناء صفورية عضو لجنة التراث والعودة بمهمة العرافة.
وكان شيخ المؤمنين (بحق العودة) صاحب الطريق والطريقة، احد مهجري قرية إندور الذي ما زال وما فتئ وما برئ يشرب هو وأولاده وأحفاده من عينها- عين الدلاّية.
الصحيح انه في الجنازات تسمع الزغاريد خصوصا إذا كان الذي انتقل إلى رحمته تعالى شابا.. لكن وعلى الرغم من أن العدالة عتيقة وقديمة قدم الإنسانية وطاعنة في السن.. إلا انه وبعد كلمات التأبين قام المغني مرعب بأداء بعض أغاني الشيخ إمام، حيث ردد وراءه أطفال صفورية أنغام بقرة حاحا النطاحة- فقالوا بصوت واحد: حاحا .... و قامت فرقة القلعة للدبكة بأداء الواجب بخبطة القدم حتى لو كانت حافية.
لقد مرت الجنازة بسلام.. بالرغم من تخوف بعض السكان، وهذا ما ذكره بعض الصحافيين والصحافيات والمصورين والمصورات، كما ذكر مشاهدو العيان من الشبابيك أن الجنازة كانت متواضعة وكادت في أولها أن تكون محبطة لولا أنها لمّت غمار فيما بعد فأسدت جماهير المشيعين للمرحومة العدالة حقها العادل...
ومما تذكره أنشطة جمعية التراث والعودة لصفورية ويذكره أيضا مهجروها ومقتلعوها أن شرطة المدينة والشمال أبت إلا أن تقدم احترامها بما يتناسب والموقف المهيب، فتكرمت وتلطفت و تعاطفت بإعطاء رخصة للجنازة، عدا عن الدفن الذي ليس من اختصاصها، فتأجل لظروف قاهرة.. ورب ضارة نافعة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.. وسبحان الله الذي يحيي العظام وهي رميم.. من باب التفاؤل! أما حاليا.. ومرحليا فلا أراكم الله مكروها بعزيز...