كلمة وفاء.... الى روحك الطاهرة



*في الذكرى الاربعين لوفاة عزيزنا وحبيبنا- زهير حبيب سليم خوري*


زهير زهرة لن تذبل... فهو باق في ذاكرتنا وفي كل تحركاتنا، ولقاءاتنا. فهو زهرة تعطي ما لديها وتفسح المجال لغيرها، وهو شجرة معطاءة تظلل في افيائها من اتعبه المسير، ومن اضناه التعب، فهو كان ملاذا لمن تواجههم المشاكل والأزمات من اهل بلده، فكان على استعداد لقضاء ساعات وساعات في العمل في مكاتب المجلس المحلي وحتى ايام عطلته كي يسهل على المواطنين في بلده كل امر استعصى. فهذا الأمر، يرفعه الى مصاف الآخلاق الآنسانية العالية، فهو انسان... انسان معطاء لأنه يحب العطاء ولا ينتظر الثناء. فهو أنسان بكل ما في هذه الكلمة من معنى.
تمر الساعات، وتتوالى الأيام، والعقل والقلب يرفضان التسليم بهذا الأمر والاستسلام للحدث... زهير كان.... فزهير ما زال بيننا في صمته وسكونه، في ابتسامته العطوفة، ونظرته الهادئة التي تبعث على الاطمئنان. فزهير، أنسان أحب كل الناس فأحبوه، وأمتدحه كل من عاشره، ولم يحسب حساب الوقت ولم يعرف حتى أيام عطله، ما دام هناك احد من ابناء بلدته بحاجه لمساعدة، أو تلبية اي طلب او اي دعم. فهو دائما على استعداد لتقديم العون وفي اي وقت.
التقيته شاباً انيقاً هادئاً، حالماً طموحاً، عندما كنت أزور عبلين ضمن زياراتي للعمل في فروع وقرى منطقة الناصرة، او عندما يكون لقاء او نشاط منطقي او قطري للشبيبة الشيوعيةُ. لأجل ذلك، تطورت علاقتنا الى اقرب ما يمكن ان تصل اليه، سياسياًَ وأجتماعياً. فعندما كنا نلتقي نتناقش في كل ألأمور، نلتقي أكثر الأحيان، ونختلف حيناً. فكان الخلاف في الرأي يقوّي علاقتنا ويطوّر نقاشنا الهاديء، والجدل الواعي، لنصل الى الحقيقة النسبية، فسرعان ما نعود ونلتقي.
عندما اقتربت من أهله وأخوته، عرفت أن ليس صدفة يحمل زهير هذه الصفات، فهو قد تربّى في بيت وطني مكافح. عرف كيف يدافع عن أرضه وبيته، عرف كيف يدافع عن شعبه وحقوقه. عرف كيف يدافع عن عروبته وقوميته في هذه الظروف المعقّدة. فعبّر كل واحد منهم بطريقته الخاصة عن حبّه لوطنه والتضحيه والعطاء. عرف زهير من بينهم طريقه الى الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية. وفي نفس الوقت عرف كيف يحترم الرأي الآخر وسماع الرأي الآخر ومجادلته بهدوء ورويّة، فليس صدفه أن احبّه الجميع لأنه حافظ عن علاقة حميمه وطيبه مع أهل بيته رغم التعدديه ومخالفة الراي، ومن أجل تطوير افكاره ومبادئه. سعى من اجل بناء بيت له فأراده وطنياً، فليس صدفة أن يبحث عن اناس وطنيين ولم يكن صدفة أنه سعى لكسب أرض البيت الوطني المكافح المناضل العريق واختار منه زوجته نينا المكافحة المناضله في صفوف الشبيبة الشيوعية ليعملا معا لتكملة الطريق الوطنية وتنشئة جيل يتمتع باحلى واجمل الصفات، لتجتمع الصفات الانسانية الخلاقة، في ثائر ولؤي روان، ليتبوّأ كل واحد منهم مراكز متقدمه وقياديه في صفوف الشبيبة الشيوعية والحركة الطلابية والجبهة الديمقراطية ليكونوا خير خلف لخير سلف. ومع ذلك فهم جميعاً ما زالوا بأمّس الحاجه لعطفك، ودعمك وعطائك، وما زالوا يشقون الطريق في معترك الحياة. فسرعان ما فارقتنا ونحن جميعاً نمر في ظروف واوضاع بأمسّ الحاجة لمثلك. ان كان في عملك في المجلس المحلي، سكرتيراّ له، وموجهاً للجميع، ومعطاءاّ لأهل بلدك. خاصةً وان المجلس المحلي، يتوق لعهد القيادة الجبهوية، فكان من الضروري ان تكون انت يا زهير شاهداً وعرّاباً لهذه العودة. لان وقفتك كالطود الشامخ في مكافحة الاعتداء على حقك وحق بلدك اولاً وقبل كل شيء شاهدة على ذلك. فانت الانسان بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى وتتجسّد فيها كل المباديء والاخلاق والمشاعر. انت انسان في الدفاع عن المظلومين، وانت انسان في بناء مستقبل زاهر، وانسان في دفاعك عن بلدك وارضك وشعبك. فأقول لك يا صديقي ، ويا عزيزي الغالي وأسألك.. هل تعبت من اعباء الحياة؟ وقررت المغادرة، هل ظننت انه لا حاجة لك بعد؟. هل تجرأت على التفكير بمغادرتنا وانت تعلم اننا بأمسّ الحاجة لك؟ . انا اعرفك جيداً، انك آخر من يتعب، واول من يتحدى ويدفع بنفسه الى معترك الحياة، لانك اقوى من اليأس واعتى من العياء، وأقدر على الاحتمال، ام انك سارعت في فراقك الجسدي لانك تعرف جيداً ان افكارنا وارواحنا ملتقية دائماً؟ فمهما كان قرارك فاقول لك: نم يا عزيزي الغالي قرير العين لانك تركت وراءك، نينا وثائر ولؤي وروان الذين سيصونون العهد ويكملون المشوار. 

(يافة الناصرة)

سامي غطاس *
الأربعاء 23/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع