ماكيافللي والموقف الحق؟!



عدم الفصل بين الماكيافيلية وماكيافللي لم يتح لنا الانفلات، قدر الامكان، من تاريخ تراكم القراءة والتفسير والتأويل الذي لحق نصوص ماكيافللي – فطغت على قراءتنا لجدل وجدلية السياسة والتاريخ، القراءة الاسقاطية والتجزيئية والانتقائية – مما قادنا، ولم يزل يقودنا، الى الصاق صورة تعميمية سلبية بالسياسة ورجالها: صورة عناوين خطابها، جعلت من الحاكم والرجل السياسي، لا يميل الواحد منهما، الا الى الكذب والخداع والمكر.. وهكذا ذهب "الصالح" بعزا "الطالح"!! وفي هذا ظلم بحق كوكبة من رجالات السياسة الشرفاء والاوفياء واصحاب المواقف النضالية، وعلى رأس احزابنا الوطنية واطرنا الكفاحية المحلية، يقف منهم العدد الغزير ولتوضيح الامر، تعالوا، قارئاتي قرائي نعود الى ماكيافللي، المتهم، ظلما بانتاج هذا الخلط؟! وهنا لا بد ان اؤكد، انه لا يمكن قراءة مؤلفات ماكيافللي معزولة عن واقع ايطاليا، او مفصولة عن بعضها البعض.
فالمتتبع لحياة هذا الرجل، يعرف انه عاش في حقبة، تميز فيها تاريخ الامارات الايطالية، وخاصة امارة فلورنسا، بالصراعات حول السلطة، والهزائم المتتالية، والفوضى السياسية والمكر والخيانة والانفلات المؤسساتي، وهذا منذ بداية حكم الراهب جيروم الضعيف – وهذا ما حذا برجلنا، ان يرى الواقع وكأنه مبني على جدران رملية واسس واهية!! لذلك كان لزاما عليه ان يطرح قضية اشكالية الحاكم، لماذا؟! الأنه اراده حاكما قادرا على توحيد ايطاليا التي مزقتها حروب العائلات الارستقراطية الداخلية، اضافة الى الغزوات الاجنبية من الخارج.. وتحدث عن ذلك فيما كتبه عامي 1499 و 1502، ولكن حديثه كان ابرز في كتابه "الامير" وهو مطلب تاريخي جسدته الملكيات المطلقة، كما اثبت ذلك ماركس في البيان الشيوعي والسؤال الآن زميلاتي زملائي، هل نقف في صف فوكو الذي قال عن ماكيافللي بانه شكل منعطفا جديدا في الفلسفة السياسية ومع نيتشه الذي وصفه بانه هواء ايطاليا الخالص ام مع مَن وصفوه بالشيطان والطاعون؟!!
ففي هذا الزمن الاسمنتي البارد الذي يستنشقون "هواء" استبدادياته، اقول صباح الخير لقيادتنا الحرة الشريفة، وصدقوا، اننا نقدركم فانتم حراس حاضرنا وبناة مستقبلنا، واصلوا، مباركين، حمل شعلة ايقاظ الوطنية الحقّة والدعوة "لأمير" جديد..
ولكم الحياة، ايان وأينما كنتم!!
رشدي الماضي
الخميس 24/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع