المفتاح بيد حماس



1- قبل أكثر من سنة بررت حماس انقلابها في غزة بأنه كان خطوة إستباقية، لما كانت أوساط في فتح والسلطة تخطط ضد حماس لضربها. وبالرغم من تأثير دعاية حماس في أوساط الرأي العام فقد كان من الصعب تفهم كيف يمكن ضرب قوة استطاعت خلال ثلاثة أيام أن تحتل جميع المقرات الأمنية وبنجاح بالغ، وفيما بعد أن  تدير جميع مجالات الحياة في غزة، بيد من حديد.
2- ولذلك السؤال اليوم هل يتم العودة، في أعقاب التفجيرات الإجرامية في غزة، لأجواء ما قبل الانقلاب في حزيران الماضي. اليوم يتم اتهام فتح بأنها تخطط لانقلاب ضد حماس، فهل في ظل هذا التهديد سيتم تنفيذ المرحلة الثانية من الانقلاب وهو القضاء السياسي على المعارضة وقمعها دمويا. على كل حال في غزة لا يتم اختراع الدولاب، فهذه هي طبيعة الانقلابات، وأحيانا الثورات؛ تبدأ بأهداف كبيرة وتنتهي بضرب المعارضة، وفي كثير من الأحيان تستمر حتى تصفي المعارضة الداخلية داخل الانقلاب. 
3- عندما تريد حماس تستطيع أن تنفذ ما تلتزم به، واليوم حتى وزير الأمن (وبالأحرى الحرب) إيهود براك يشيد بقدرة حماس على فرض التهدئة ومنع التنظيمات الفلسطينية من خرقها. السؤال المحيّر هو لماذا لم يتم ذلك سابقا عندما أرادت السلطة الفلسطينية الشرعية ذلك، وقد كانت سلطة مشتركة بين حماس وفتح في حينه. الجواب على ذلك يحتاج للكثير من الصدق مع النفس وبحاجة إلى دراسة التاريخ الفلسطيني، لأنه يفسر إلى حد كبير عدم قدرة الشعب الفلسطيني التصدي للتحديات الخارجية الهائلة التي تواجهه والتي تستهدف وجوده على أرض وطنه.
4- السؤال الأهم هو البرنامج السياسي الذي بموجبه يتم إدارة نضال الشعب الفلسطيني. البرنامج الذي طرحته الجبهة وقبل ذلك الحزب الشيوعي، وهو برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، هو البرنامج الوحيد الذي بموجبه يمكن تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني وأساسه: الانسحاب الكامل، الدولة الفلسطينية، القدس العربية وحل عادل لقضية اللاجئين.. الالتصاق بهذا البرنامج هو أفضل الطرق وأقصرها لوقف نزيف الدم الفلسطيني وإحقاق الحقوق.  والالتصاق بهذا البرنامج يعني جعله هدفا استراتيجيا، بمعني أن لا يكون وجوده مرتبطا بحدث هنا أو حدث هناك، وبمعنى أنه مهما حاول أعداء هذا الشعب السير في طرق ملتوية يجب إرجاعهم إلى هذا المسار.. بدون ذلك لا يمكن حشد الرأي العام العالمي، البالغ الأهمية، لصالح نضال هذا الشعب الذي يواجه هذه القوى العاتية.
5- ومن هذا المنطلق نقول أن حماس خطت خطوات هامة في هذا الاتجاه. صحيح أن الموقف ليس كاملا، ولكن هنالك مؤشرات جدية تدل أن حماس تسير في هذا الطريق.
المشكلة هنا أن إسرائيل تخرج من هذا بدون دفع استحقاقاتها. على الأقل عندما تعترف فتح بإسرائيل فإنها تطالب باستحقاقات هذا الاعتراف. حماس تريد هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، دون وضع مطالبها الوطنية واليومية، لأنها لا تريد أن تفاوض على أمور هي أبعد من حل إشكالات الأمر الواقع.. هذه العبثية تعمل لصالح إسرائيل، فمن الممكن، نظريا، أن ينشأ وضع تكون فيه إسرائيل حرة من دفع استحقاقاتها السياسية، في حال ضمنت وصول الأغذية والوقود والحاجات الحيوية لغزة، ويبقى السؤال وماذا مع القضايا الوطنية الكبرى؟ هل ننتظر انتهاء الهدنة بعد 15 عاما؟
المفتاح بيد حماس، والمطلوب منها وضع برنامج سياسي واقعي، على أساس مقررات منظمة التحرير الفلسطينية، يكون، من جهة، المفتاح لحل الإشكال الفلسطيني الصعب، ومن جهة أخرى أداة جبارة لمواجهة سياسة العدوان الإسرائيلية.

عودة بشارات
السبت 2/8/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع