يُحشّشون ويتحرّشون جنسيًا ولكنهم متدينون جدًا!!



في مقالة سابقة قلت بان الغرب تفوق علينا في الاخلاق ايضا، وادركت وانا اكتب بان المقالة ستثير غضب البعض ولا اعرف ان كان الامر على ما توقعت.
واليوم، اعود لأطرح الحكاية بشخصيات جديدة وثياب اخرى وبنكهات شتى... وحتى نبدأ الحكاية على بينة وفي وضح النهار نسافر الى مصر، هذا البلد العربي الذي تنهض امة العرب به وتنام ان غفا، هذا البلد الذي هزم الصليبيين حتى طردهم. وهو الذي اوقف التتار فأنقذ العرب والمسلمين وكل اوروبا، هذا البلد الذي بنى السد العالي والاهرام، هذا الشعب الذي نحتفل معه بذكرى ثورة يوليو 1952 والتي فجرها ضباطه وشعبه بقيادة زعيم الامة جمال عبد الناصر.
نسافر الى مصر، لأن مصر هي مقياس حرارة الامة العربية، وبوصلة حالتها. وشعب مصر اليوم وحسب الاحصائيات الرسمية، والاحصائيات الرسمية تحاول التخفيف من حجم الظواهر السلبية لا لتضخيمها.. فإذا قالت الاحصائيات الاسرائيلية ان الاطفال الفقراء في البلاد هم مليون طفل، فاعلم ان العدد الحقيقي يفوق ذلك، واذا قالت الاحصائيات الرسمية في السعودية ان عدد الطاعنين في السن المتزوجين من اطفال تقل اعمارهن عن 12 سنة هو كذا!!! فاعلم ان العدد الحقيقي اكثر بكثير... واذا قيل لك مثلا بان حالات اطلاق النار من بنادق جنود الاحتلال على فلسطينيين هو أي رقم قيل فاعلم ان الخبر كاذب والحقائق اعلى عددا.
بهذه المقدمة العاجلة ندخل مصر، وعناوين كثيرة تلفت انتباهنا وتبعث فينا الاحباط هل نسترها لنواصل سفرنا نحو الحضيض الجديد ام ان نكشف عوراتنا لعل سلاح الكشف يردع بعض خلق الله من هذه الامة.
العنوان الاول شعب مصر "يصرف" على شراء الحشيش واخواتها والمخدرات واخواتها، ما يوازي ثلاثة ارباع دخل قناة السويس.. هذا ما تقوله الاحصائيات.. وحسب علم القياس بما تقدم اعلاه فان الحقيقة ان "مصروف الحشيش والشم" سيكون على افضل حال كل دخل قناة السويس وبعض مدخولات الاهرام التي بناها الفراعنة لتوفر للاحفاد لقمة خبز وبصلة لكل مواطن. وتكاد الارقام تقول بان شعب مصر يكاد يكون محششا بالكامل، انا وكلنا نحب شعب مصر لكن الارقام تخذلنا وتضرب وجوهنا بالاحذية، ايعقل ان يبذر الشعب المصري دخل قناة السويس على الحشيش ليقف بالدور متزاحما امام افران الخبز!! ونحن في هذا الوطن العربي ننتظر نهوض مصر لننهض معها؟!! وليس الحشيش هو المشكلة فقط، بل يتبعه الوقت المهدور. وضياع ملايين ساعات العمل ومئات الاف الازمات العائلية والاجتماعية التي تستنزف الانسان والاسرة والدولة. وكل قارئ يعلم او يستطيع ان يعلم ما يسببه كل مدمن مخدرات من مشاكل له ولأسرته ولمجتمعه وللدولة.
العنوان الآخر والثاني هو بالضبط نقيض الاول، العنوان الشعب المصري متدين جدا.
هذه قضية نلمسها ونحسها ونراها، هذا الشعب متعلق بالدين بنسبة 100% وهذا التمسك بالدين حالة مصرية متوارثة ومنذ ايام الفراعنة. فقد حاول الفرعون اخناتون تغيير المعتقدات المصرية ونبذ تعدد الآلهة والدعوة الى اله واحد فلم يدم حكمه، ثار الشعب عليه وانتصر لدينه. ولما حكم اليونانيون والرومان مصر ثم بدأت المسيحية تتغلغل في مصر احتاج الامر الى قرون حتى تترسخ المسيحية ثم جاء الفتح الاسلامي والهجرات العربية واحتاج الامر الى قرون لتترسخ الديانة الاسلامية. لكن الاقباط ظلوا متمسكين بتعصبهم للمسيحية والمسلمين ايضا تمسكوا بتعصب لدينهم.وما زالت مصر حتى يومنا منشغلة بالازمات الطائفية، ينفجر في دمنهور قتال بين مسلمين ومسيحيين بسبب اشاعة عن مسلمة اختطفها مبشرون مسيحيون وسجنوها في دير، وما ان تهدأ العاصفة بعد سقوط الضحايا وحدوث القطيعة بين المسلمين والمسيحيين حتى تنتشر اشاعة جديدة ان مسلمين اعتدوا على مسيحيين خارجين من الصلاة في الكنيسة، وتتم عملية الاطفاء بعد حصد الخسائر.. لتنبعث شائعة اخرى واخرى... هكذا هو التعصب المصري للدين. قوات الاطفاء لا تخمد حرائق غابات، ومصر كما تعرفون لا غابات فيها.. وفيها حقول الفلاحين التي لا تحترق الا بفعل طائفي او بحركة خاطئة من جماعة يحششون في حقل ما في قرية ما.
نتابع السفر، نقول نحب مصر، لكن، لا يغيب عن خاطرنا او على الاصح يلح علينا واقع هذا الشعب الذي نحبه، هذا الشعب العظيم تاريخه كيف زوج الدين للحشيش؟.. او كيف زوج الحشيش للدين؟.. وفي الحال نبهتني ذاكرتي الى ما شاهدته وسمعته مرة وفي ندوة تلفزيونية على لسان عالم نفسي يدرس في الازهر حين قال وطالب بان تبيح الحكومة استعمال الحشيش (ممنوع والكل يحشش!!).
ولما سئل الاستاذ عن فوائد ذلك قال ان بعض الناس هم على حدود الابداع لكن استعمال الحشيش ينقلهم الى مرحلة الابداع. ولما سئل الاستاذ الازهري عن خشية ان يتعاطى الحشيش من هم ليس على حدود الابداع. قال وبالحرف الواحد "ينفع لليلة الجمعة"!! والمعنى لا يحتاج الى توضيح.
وهذا الاستاذ الذي يدرس في الازهر لم يسائله احد بينما اعظم علماء  المسلمين الاحياء الشيخ يوسف القرضاوي تعرض لهجوم كاسح من كل جهات الريح لأنه اباح تناول مشروبات تحوى نسبة واحد بالالف من الكحول ولم يجلب له قوله الا جلطة كبرى.
ما زلنا في مصر التي نحبها مصر التي تحشش وتتعصب الى دينها!! كيف يمكن ان يقنعني متدينون يحششون بأنهم بوصلة هذه الامة؟!!
اما العنوان الثالث والاخطر، وحسب استطلاع مصري اخير "وطازة" من الفرن، %80، من الشعب المصري يتحرشون جنسيا بالجنس الآخر، ولما كان على القارئ عدم نسيان علم القياس، فان النسبة الحقيقية اعلى من ذلك وقد تكون بين 90% و99% وحتى لو كانت 80% فقط، فان معنى ذلك ان الشعب المصري الذي يحشش، وهو المتدين جدا، يتحرش بالنساء، يتحرش في الباصات، في الاماكن العامة، وفي أي مكان وتؤكد الاحصائيات ان النساء المتحشمات واللاتي يلبسن ملابس شرعية يتعرضن لهذا التحرش الجنسي ايضا، هذا بعض غسيلنا الوسخ الذي نسكت عليه، ونسكت كل صوت يصرخ من اجل بعث الحياة في القيم التي نتغنى بها، لماذا لا نشجع الصدق في الحديث ونقاوم مقولة "من غشنا ليس منا"؟.. ونقول، "من غش ليس منا". ويكون شعارنا "المسلم من سلم الناس من يده ولسانه" وليس "المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه"؟ لماذا نحرف الدين والاحاديث لتصب في اهوائنا؟ ويصبح الحشيش حلالا وزجاجة "البيرة" حراما؟! لماذا تبيح الاكثر ايذاء ونحرم الاقل ضررا؟. لماذا نبقى متمسكين بزواج مسن من فتاة قاصر لم تبلغ العشرة اعوام؟!!!
يحق لي ولكل من هم من جيلي واكبر سنا ان يجدوا كل حديثي تافها ومجرد مضيعة للوقت، لكن المشكلة في هذا الزخم الديني الوهابي السعودي يجتاح بيوتنا وبناتنا والمسنين، والاثرياء العرب يتسلحون بفكر وهابي ينخر في جسم الامة العربية، هذا الفكر الوهابي السعودي دمر كل زاوية في العالم العربي والاسلامي دمر مصر امنا. هذا الفكر يروج لعقيدة كلها عبادات دون التأكيد على القيم الدينية التي هي روح وقلب الدين.
ان الحالة المصرية ليست شاذة اطلاقا، كيف نفسر هذا البذخ في مملكة الوهابيين من استهلاك الخطايا بلذة وتصدير الدين الوهابي؟ التناقض بين السلوك والتدين واضح فينا، وبدل ان يتطابقا نراهما على طرفي النقيض.
كيف تنهض امة يقودها شعب تفرغ للتحرش الجنسي والحشيش!!! اعذرني يا شعب توت عنخ امون! اعذرني يا شعب عبد الناصر! انا لا ابحث عن خطاياك لألعنك، من شدة حبي اقول ما قلت! من شدة ألمي اكتب يا مصر!

غازي ابو ريا
السبت 2/8/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع