حين تكون وفيا ..



( قراءة في كتاب د.خالد تركي-يوميات برهوم البلشفي)

قال احدهم -" الوفاء هو أعظم ما تتحلى به النفس البشرية..وهو ذلك الطبع الذي يعتبره البعض نادرا في زمننا المليء بالجحود والنكران ..
وحين تكون وفيا فإنك تعطي بلا حدود ..وتخترق الحواجز ..وتبذل من نفسك الكثير لتحيل الأرض الى جنة وورود ..حين تكون وفيا فإنك لن تعرف الألم ..لأنك تمنح تمنح الغير جرعات كبيرة من الحب.. وحين تكون وفيا حتى لمن هان عليه الود والهجر فإنك تسمو مع نفسك الى مراتب العلو..
كم اتمنى ان يرفرف الوفاء على أجنحة نوافذنا فيدخل كل قلب ..وكل بيت ..ليتنا نموت وفاء لمن نحب ..
وحين نكون أوفياء بصدق..فإن الغيوم ستتبدد ويزول اليأس والحزن من العيون ..وسوف تعود العصافير الى أشجارها لتغرد من جديد ما زال شيء في هذه الدنيا أعتقد أنه الوفاء .."
وانا اؤكد واضيف ان الوفاء من شيم النفوس الأبية والقلوب الكبيرة ومن الصفات النبيلة في  الانسان..
فطوبى للأنسان الذي يحمل بين جوانبه قلبا كبيرا مليئا بالمحبة والوفاء..
ونحن اليوم بصدد انسان تنطبق عليه كل معاني الوفاء التي ذكرتها ..انسان وفي صادق صدوق ..سليل بيت عرف بمواقفه الوطنية الشريفة وبنضاله المستمر من اجل العدالة والحق  وفي تصديه لكل انواع الأضطهاد والملاحقة رغم تشريدهم عن بيتهم وبلدتهم بعد حرب عام 1948  ليصبحوا لاجئين في وطنهم ..!!
انه الدكتور خالد ابراهيم تركي ...شبل الأسد ابراهيم تركي هذا الرجل العصامي المناضل والمكافح الذي ربطته بالمرحوم والدي ابي مالك حسين صلالحه علاقة اخوة صادقة مجسدة المقولة – رب اخ لم تلده أمك –
وذلك حين شرد وعائلته من بيته في حيفا ويمم شطر لبنان وشاءت الصدف ان يلتقي بوالدي ..وبمشيئة الله استطاع ان يثنيه عن عزمه ويقنعه بالعدول عن الرحيل والعودة الى بيته –مذكرا اياه ان مصيرنا واحد وشو بصير علينا بصير عليكو – وان الموت بكرامة في الوطن خير من العيش ذليلا في الغربة ..
وها هو الدكتور والأخ الوفي خالد يفاجأنا بباكورة أعماله – برهوم البلشفي – التي سبق ونشرها على حلقات من على صحيفة التحاد الغراء – متطرقا الى ذكريات الطفولة وسنة التشرد وضياع البيت والوطن معترفا بالجميل وهذا خير دليل على نبل اخلاقه وحسن فضائله ومدى الوفاء الذي يحمله وذويه الأفاضل ..ساردا ما عانى اهله من عناء رحلة التشرد في طريقهم الى الدول العربية المجاورة وما حل بالأهل الذين امسوا لاجئين في وطنهم
ما بين ليلة وضحاها بعدما ان هدمت منازلهم او وهبت لمستوطنين عبريين جدد ..ليستفيقوا على الحقيقة المرة والواقع الأمر ان البيت والوطن قد ضاعا !!
شارحا حجم المؤامرة التي حيكت ضد شعبنا في الديار عن طريق العملاء المحللين والقيادات المتواطئة اضف اليها جيش الأنقاذ الذي سلم البلاد بعد ان اقنع الأهل المدافعين ان يغادروا بيوتهم واعدا اياهم باعادتهم بعد دحر الاحتلال خلال ايام ..ليظهر بعد ايام معدودة ان ذلك لم يكن سوى تمثيلة مبرمجة ومدروسة ومخطط متفق عليه
من احل تفريغ البلاد من سكانها الأصليين واقامة وطن قومي لليهود ( على اعتبار انها ارض الميعاد حسب التوراة ).. كل ذلك بمؤازرة بعض  من  قيادات وزعامات محلية ووجهاء ومخاتير  اضافة الى قادات عربية في الخارج .. حسب ما يرويه المؤلف ويؤكده ..وحسب ما يعرفه جيدا كل من عاش تلك الحقبة من الزمن ..والأراشيف مليئة بالحقائق والوثائق ..
ان باكورة الدكتور الأخ خالد هو عبارة عن وثيقة جاءت لتلقي الضوء على أحداث قد نسيت او تناساها الناس ..وذلك عبر سرد قصصي شيق معبر ومؤثر بفضل صدق راويه .. الذي شعر على جلده مرارة التشرد والضياع وقسوة الحياة  في سبيل لقمة العيش والبقاء بكرامة ..وذلك من خلال كفاح ونضال والده ورفاقه في الحزب الشيوعي الذي كان يضم غالبية القوى التقدمية والديموقراطية من الوسطين اليهودي والعربي ليشكل خط الدفاع وبوصلة المل لمن بقي في الديار ..
إن اخي الدكتور خالد عبر من خلال مذكراته عن هذه الأمور بكل صدق واحساس مرهف وصادق ..فجاء كتابه تحفة فنية وجاءت قصصه عبارة عن لوحات فنية رائعة رسمت بالكلمات ليزينها ببعض الصور التذكارية له ولوالده ورفاقه المناضلين او الذين رحلوا  من تلك الحقبة المريرة  ليجسد بوضوح حقبة تاريخية مؤثرة كي تبقى محفورة في الذاكرة وكما قال الخالدي في موسوعته – كي لا ننسى –
وانني اذ ابارك لأخي مولوده البكر هذا املا ان يردفه بابناء اخرين متمنيا لوالده ولجميع افراد العائلة الكريمة الحياة السعيدة والعمر المديد وليكثر الله من امثالكم وإن الدنيا ما زالت وستبقى بخير ما دام هنالك اناس اوفياء امثالكم فوفقك الله..

* بيت جن

بقلم: مالك صلالحه
الأحد 3/8/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع