عمال ...أم عبيد مُستَغَلّون؟
ثورة عمال من بنغلادش تجتاح الكويت ...



* عمال يعملون بدون أجور ..وإستغلال فاحش لهم * الأجر الشهري ما بين 8 – 20 دينار كويتي ! * الشرطة تبطش بالعمال وتعتبرهم "مشاغبين" *
- هذه الهبة العمالية للعمال الوافدين ليست الأولى في الكويت.
- يعمل في الكويت أكثر من  1,5مليون عامل وافد من مختلف الدول.
- إجماع من قبل وسائل الإعلام الكويتية يؤكد ان العمال يتعرضون للإستغلال الفاحش والقمع من قبل اصحاب شركات القوى العاملة .
- الأزمة التي اثارها العمال من بنغلادش تضطرالحكومة الى الإعتراف بعمقها وتقرر تجميد اصدار التصاريح ووضع شروط جديدة للشركات من أجل ضمان اجر العمال وحقوقهم.
- حالياً تم إبعاد المعتقلين الى بنغلادش ووضع أسماءهم على "القائمة السوداء في الكويت."
- إقتراح لقرار حكومي برفع أجر الحد الأدنى في الشهر من 20 دينار الى 40 دينار .

 

ليست الإنتفاضة الأولى...

قبل حوالي سنتين إنفجر الغضب العمالي لدى العمال الوافدين للكويت من جمهورية مصر العربية ، يومها إنطلق اكثر من عشرة آلاف عامل مصري في مظاهرات وإعتصامات وجرى صدام عنيف مع الشرطة وأجهزة الأمن الكويتية ، سقط الجرحى من العمال وتم إعتقال آلاف منهم ، وترحيل أكثريتهم الى وطنهم الأم مصر ، سبب إنتفاضة هؤلاء العمال كان الإستغلال الذي تقوم به شركات القوى العاملة الكويتية والتي تعمل وفق نظام الكفيل ، أي يجب ان يكون صاحب الشركة التي تستدعي العامل للعمل في الكويت كويتي وان يكون كفيل للعامل القادم – الوافد للعمل في الكويت وعلى العامل وضع ضمان مالي في حوزة صاحب الشركة – الكفيل من أجل الحصول على تصريح عمل ، وبذلك يتحول العامل الى رهينة في أيدي المُشغّل الكويتي ، مما يؤدي الى تعرضة للإستغلال في العمل والأجر وغير ذلك ، وفي كثير من الأحيان يجد نفسه بدون أجر كما حدث مع عمال النظافة والصيانة الوافدين من بنغلادش هذا الأسبوع ، الذين يعملون لدى شركات عمل كويتية ، ولا تدفع لهم الأجور .

 

انتفاضة العمال المصريين إنطلقت على خلفية إعتداء صاحب عمل على إحدى العمال المصريين وادت الى إزمة ما بين الكويت ومصر في حينه، مما أسفر في النهاية الى ترحيل عدد كبير من العمال المصريين ، وبالمقابل تم وضع إتفاقيات بين الدولتين تنظم شروط العمل والأجر وغيرها.

 

إنتفاضة العمال من بنغلادش..

 

 

قبل عدة أيام إنطلقت إنتفاضة قام بها آلاف العمال الآسيويين الوافدين الى الكويت وهم بالتحديد عمال النظافة  والصيانه القادمين من بنغلادش، هذه الإنتفاضة إنفجرت ضمن الغضب العمالي المُحتقن في نفوس  هؤلاء العمال الذين تعرضوا الى العبودية والإستغلال الفظيع من قبل أصحاب شركات القوى العاملة وأصحابها – التي تعمل تحت إسم نظام الكفيل - بما في ذلك عدم دفع أجورهم في موعدها . 

 

الغضب العمالي المنفجرعلى شكل إضراب وإنتفاضة عمالية ، تعرض الى قمع عنيف من قبل وحدات القوات الخاصة الكويتية التي إستعملت الغاز المسيل للدموع والهراوات والقنابل الصوتية خلال هجومها على العمال المتظاهرين ، وفق ما اكدته وسائل الإعلام الكويتية ، وقامت بإعتقال اكثر من الف عامل ممن يحملون الجنسية البنغالية .

 

   إنتفاضة هؤلاء العمال جاءت جراء تراكم طويل لحال  تعرضهم للإستغلال الفظيع من قبل أصحاب شركات القوى العاملة الناشطة في الكويت تحت إسم نظام الكفيل كما جاء اعلاه.

 

دماء العمال تسيل في الشارع...إعتقال وطرد..

 

 

الصور التي نشرتها  الصحف الكويتية وغيرها والتي نقلت من خلالها عمليات القمع البوليسي ضد العمال المتظاهرين تقشعر لها الأبدان لفظاعتها ، حيث سال دم العمال المتظاهرين جراء الضرب بالهراوات ، حتى بعد القاء القبض عليهم، وإختنق آخرون جراء إطلاق القنابل المسيلة للدموع عليهم ،وأصيب غيرهم بالهلع من كثافة القنابل الصوتية التي أطلقتها قوات الأمن عليهم، وإمتنعت وسائل الإعلام عن نشر تفاصيل أخرى  لهذا القمع البوليسي الكويتي الذي إنتهى  بعمليات إعتقال واسعة حيث  وزج اكثر من الف عامل بنغالي وآسيوي في إحدى السجون العسكرية  ومن ثم جرى ترحيلهم على متن طائرات الى بلادهم .

 

1.5 مليون عامل آسيوي يعملون في الكويت

 

 

وفق معطيات وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل الكويتية يظهر أن سوق العمل الكويتي يقوم بتشغيل اكثر من مليون ونصف عامل وافد من الدول الآسيوية ، عدا عن عدة ألوف من العمال العرب ، وقد إرتفع عدد العمال من تلك الدول منذ إنفجار الأزمة مع العراق ، وطرد العمال الفلسطينيين وغيرهم من العمال العرب ،بإدعاء أنهم أيدوا دخول القوات العراقية الى الكويت يومها.

 

وتفيد تلك المعطيات والتي نشرتها صحيفة "الوطن" الكويتية يوم الثلاثاء -29 يوليو\تموز 2008 بأن أكبر عدد للعمال الوافدين هو من الهند حيث يصل عددهم الى 578800 عامل وعاملة يليهم العمال من بنغلادش وعددهم 233788 عامل وعاملة ومن ثم الباكستانيون والفليبينيون والسريلانكيون والأندونيسيون وغيرهم ، ولكل مجموعة لها "تخصص" مهني ، حيث يتركز العمال من بنغلادش في اعمال النظافة في المؤسسات الحكومية والبلديات والجامعات والمستشفيات.

 

أسباب إنتفاضة ..."بني – بنغال"

 

 

 الأسباب لهذا الإنفجار- الإنتفاضة التي قام بها العمال من بنغلادش أو - إنتفاضة  "بني – بنغال " - كما عنونت إحدى الصحف الكويتية خبرها الذي جاء على الصفحة الأولى ، يوم الأحد 27 تموز 2008 ، وتناولت فيه خبر الإنتفاضة الكبرى التي قام بها هؤلاء العمال الوافدين من بنغلادش ، ،بأنها  جاءت على خلفية ظاهرة الإستغلال الفظيع الذي تقوم به شركات القوى العاملة التي تنشط وفق ما يُسمى ب "نظام الكفيل ". يتمحور هذا الإستغلال في عدة امور منها حشر العمال في أماكن سكن لا تليق بالبشر ، والقيام بإستغلالهم من خلال فرض نظام الحصار عليهم وإجبارهم على تلقي النزر القليل من الحاجيات المعيشية من مراكز البيع التي يملكها أصحاب تلك الشركات وتشغيلهم ساعات عمل تتعدى ال-12- 16 ساعة .

 

أجر شهري ما بين 8-20 دينار كويتي فقط

لكن السبب الأهم لهذه الإنتفاضة يكمن في عمليات القمع التي يتعرض لها هؤلاء العمال ، وفي مقدمتها عدم دفع الأجر الذي يستحقونه في موعده المحدد وبإنتظام ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر يتضح ان شركات السمسرة وأصحابها يقومون بسلب العمال اكثرية الأجور التي يستحقونها وفق عقد العمل الذي تم توقيعه في مكاتب الشركة في بلدهم الأم ،قبل القدوم الى الكويت . حيث يجري الإتفاق مثلاً على دفع أجرة شهرية للعامل الذي يعمل في النظافة بالبلديات او المكاتب الحكومية وغيرها من المؤسسات تبلغ ما بين 20 – 50 دينار كويتي (ما بين 75 دولار و190 دولا في أحسن الحالات)، وهو مبلغ زهيد  إذا ما اخذنا بعين الإعتبار الرسوم التي يدفعها العامل للشركة والسماسرة من اجل الحصول على عقد عمل والتي تصل الى مبالغ طائلة يقوم العامل بالحصول عليها كقرض أو مقابل رهن بيته أو أرضه ، والمفاجأة تكون أن العامل لا يحصل على الأجر المذكور بل يحصل على 8 دنانير أجرة شهرية وفق ما أكدته مختلف وسائل الإعلام خلال نقلها احداث الإنتفاضة هذا الأسبوع ، هذا إذا دفعها الكفيل في الموعد . وبذلك يتحول العمال الى رهائن بأيدي تلك الشركات وأصحابها.

 

عميد جامعة الكويت ...الشركة لم تدفع للعمل أجورهم

التصريح الصادر عن عميد جامعة الكويت لوسائل الإعلام خلال هذه الإنتفاضة العمالية يؤكد تلك المآسي التي يتعرض لها العمال الوافدين وعلى راسهم العمال من بنغلادش ،  وقوله بأنه قام بفحص الموضوع  شخصياً لأن خدمات النظافة والصيانة  في مبنى  الجامعة ، تقوم بها مجموعة من العمال المضربين والمتظاهرين من بنغلادش ، وإتضح له ان الشركة التي تقوم بتشغيلهم وهي كويتية وصاحبها كويتي ، لم تدفع للعمال اجورهم منذ عدة أشهر ، رغم انها تتلقى مبالغ طائلة من إدارة الجامعة مقابل خدمات النظافة في الجامعة ، ونفس الأمر صرح به عدد من المسؤولين في المجالس البلدية والحكومية والمستشفيات، حيث يعمل هؤلاء العمال الذين يصل عددهم الى اكثر من 150 الف عامل  بنغالي ممن يعملون في خدمات النظافة من أصل 233 الف عامل\ه وافد الى الكويت من بنغلادش وفق ما جاء اعلاه.

 

عمال ...أم عبيد مُستَغَلّون؟

التقارير الصادرة عن مختلف الهيئات والمؤسسات داخل الكويت وخارجها ، تؤكد على حقيقة واحدة ،الا وهي ان ما يجري في الكويت بخصوص العمالة الوافدة من الدول الآسيوية والعربية عامة ومن بنغلادش خاصة هو عبودية فظيعة لا يكاد يوجد لها مثيل في العالم سوى لدى البعض من الدول الخليجية الأخرى وعلى راسها المملكة العربية السعودية . وحتى مجلس الوزراء الكويتي وخلال بحثه موضوع إنتفاضة العمال البنغاليين ، إضطر أن يعترف ان ما يقوم به أصحاب شركات القوى العاملة – العمالة الوافدة – وما يُسمى بنظام الكفيل ، تخطى كافة الخطوط الحمراء، وأصبح ظاهرة تأتي بالضرر على سمعة الكويت الدولية ، لكن مجلس الوزراء لم ينحاز الى جانب العمال والى إضرابهم ومظاهراتهم وإعتصامهم ،الذي نشب بسبب هذا الإستغلال ، بل إعتبر ما قام به العمال من إحتجاج هو "أعمال شغب وإخلال بالنظام العام" لذلك قرر قمع العمال بالحديد والنار.

 

الضرب بالحديد والنار ...

الحملة التي اطلقها عدد من المسؤولين في الكويت ضد العمال وإنتفاضتهم والتي تخطت كافة الحدود الإنسانية ، والتي شملت توجيه الإنتقاد الى الحكومة وقوات الأمن ،والقول بأنها لم "تقم بالواجب" إتجاه العمال المضربين ،ومظاهراتهم التي تطالب بالحصول على الحق الأساس لهم ،الا وهو أجورهم . ووصل الأمر بالبعض بإتهام تلك القوات بالإهمال ، رغم أن الصور التي نقلتها وسائل الإعلام تشير الى تعرض المتظاهرين لعدوان عنيف من قبل أفراد الشرطة والوحدات الخاصة والحرس الوطني الكويتي .

 

لم توفر تلك القوات من بشاعة عنفها ضد عمال عُزّل ، وقامت بإعتقال أعداد كبيرة ولم تقدم الإسعاف لمن أصيب بجراح ،بل حاولت إبتزاز إعترفات من هؤلاء العمال ،بأن هناك جهات مشبوهة تقف حلف تحركهم النضالي هذا ،وليس قضية الإستغلال وعدم تلقي الأجور في موعدها ،وصرف ما يتلقونه على المواد الغذائية التي إرتفعت أسعارها بشكل أدى الى تآكل قيمة الاجور الحقيقة .

 

تصريحات بعض الضباط الكويتيين التي أطلقوها بحق هؤلاء العمال ووصف إنتفاضتهم المعيشية ب"اعمال الشغب" تُثير كل صاحب ضمير ، خاصة وأن كافة المسؤولين الكويتيين بما فيهم الوزير المسؤول عن قضايا العمل إعترفوا بفظاعة ما يحدث من إستغلال بحق هؤلاء العمال الضحايا.

 

قيادة العمل تقوم بتوزيع المناشير..

 

 

رغم التصريحات التي حاول من خلالها ضباط الأمن الكويتين التشكيك بنضال هؤلاء العمال ، وقول البعض منهم بان هناك شكوك بوقوف أصحاب الشركات المُشغّله لهؤلاء العمال خلف هذا التحرك العمالي من اجل رفع سقف دخلها ،لكن ما حدث يؤكد ان الوضع لدى العمال لم يعد يُحتمل .

 

اجهزة الأمن أكدت بأنه جرى توزيع مناشير باللغة البنغاليه على العمال يشرح فيها قادة الإضراب من العمال أسباب هذا التحرك ،مؤكدين على حالات الإستغلال التي يتعرضون لها ، وعدم تلقيهم أجورهم وقيام اصحاب تلك الشركات بفرض خصم من أجورهم يؤدي الى تلقيهم أجور تقل عن  8دنانير في الشهر ، هذا عدا عن تشغيلهم ساعات طويلة وعدم توفير أماكن سكن تليق بالبشر.

 

وقد وصل الأمر بأحد القادة بإطلاقه تصريح تحريضي غير مسبوق ضد قادة الإضراب من العمال ، بقوله بان هؤلاء القادة يفرضون حالة من الرعب على العمال ،لذلك تتواصل أعمال "الشغب" والإضراب ، وأضاف ان هذا الرعب يتمثل بالتهديد بحكم الإعدام لكل عامل يتراجع عن الإضراب ولا يشارك في المظاهرات.؟؟!!! مع أن المناشير التي تم توزيعها تطرح مطالب العمال ن وهناك شركات وافقت على الإستجابة للمطالب العادلة العمالية وتم توقيع اتفاقيات بهذا الخصوص ،نُشرت على الملأ ، وصادقت عليها جهات رسمية ،فلماذا هذه الإتهامات الباطلة.؟؟

 

إستغلال وعبودية العصر الجديد

عمليات السمسرة التي يقوم بها أصحاب الشركات من الكويتيين ، تخطت كافة الحدود والأنظمة والقوانيين والمواثيق الدولية ، وأصبح ما يقومون به إتجاه العمالة الوافدة الى دولة الكويت عامة وعددها يزيد عن المليون ونصف المليون عامل\ه ، تحول الى ظاهرة عبودية وإستغلال ،بل تجارة بالبشر . وما تعرض له ال-150 الف عامل نظافة الوافدين من بنغلادش من إستغلال وحرمانهم من الحصول على حقهم الأساس ،الا وهو أجورهم كاملة ،يؤكد ان ما يقوم به أصحاب تلك الشركات من ممارسات وإنتهاكات للحقوق إتجاه هؤلاء العمال جرى ويجري تحت سمع وبصيرة الحكومة الكويتية ومختلف مراكز القوى التي تسيطر على الحكم في الكويت .

 

هذه الإنتفاضة لم تكن وليدة اليوم ،او الأمس ، بل هي نتيجة إحتقان لغضب عمالي كبير ، على ما يتعرض له العمال من إستغلال ، منذ فترة طويلة ولذلك نستغرب مختلف التصريحات التي صدرت عن المسؤولين الرسميين في الكويت ، ومنهم رئيس جامعة الكويت والوزراء المعنيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان في الكويت ،لأنهم جميعاً يقولون بان الظاهرة قائمة والإنتهاكات يعرفها الجميع ،إذن لماذا تكتمتم عن هذه الجريمة بحق عمال بؤساء تركوا البيت والأولاد والعائلة من اجل ضمان فرصة العمل والأجر الذي يوفر كأس الحليب ووجبة الأرز لأولادهم . تصريح الوزير الكويتي المسؤول عن العمل بعد إنفجار إنتفاضة العمال التي إعتبرها وحكومته "أعمال شغب" يؤكد أنهم جميعاً شركاء في هذا الإستغلال حيث قال لوسائل الإعلام :" إننا سنوقف منح تصاريح العمل  حتى إشعار آخر  بهدف إعادة ترتيب الآلية والنظام الموجود في وزارة والنظام الموجود في وزارة الشؤون لمواجهة ظاهرة العمالة الرخيصة ..." وفي مكان آخر قال ان الوزارة ستعمل "على مراجعة عقود الشركات بهدف معالجة ما ينتج عن عدم التقيد بها وبشكل كامل ،حتى لو أدى الأمر الى فسخ عقود الشركات التي تخالف نصوص العقود."

 

هل هو تهديد حقيقي؟ ام رفع عتب!

قد يعتبر البعض هذا التصريح الوزاري تهديد لأصحاب تلك الشركات التي تقوم ليس فقط ب"عدم التقيد " بالعقود ،بل تقوم بإستغلال فظيع لعمال وافدين يتحولون الى رهائن ، بل عبيد وفق نظام الرق البائد والإستملاك للبشر.

 

ونقول لسيادة الوزير وحكومته لا يمكن ان تكون تلك الممارسات قد جرت إتجاه عمال النظافة من بنغلادش ، وهم يعملون في مختلف المكاتب الحكومية والبلديات والجامعات والمستشفيات وغيرها من المؤسسات الحكومية الرسمية وغير الرسمية ، وكل هذا الإستغلال يجري وهم لا في العير ولا في النفير ، إننا نعتقد ان تصريحات الوزير ومن بعدها الحكومة ما هي الإ تصريحات تنضوي تحت مقولة "رفع عتب" لا غير ، وتأكيد بعض الخبراء بان أصحاب هذه الشركات لهم شركاء في الحكومة وغيرها من الدوائر الحاكمة وما يجري من عمليات إستغلال بحق العمالة الوافدة يلقى الدعم ممن يقفون على رأس المؤسسات الحاكمة في الكويت يؤكد على تشابك خيوط رأي المال والحكم كما هو الحال في عالم قوى رأس المال التي تسيطر على الحكم اكثرية دول العالم . والغريب ان البعض قد قال بان إنتفاضة العمال جرت ليس فقط بمبادرة من العمال بل هناك أيدي خفية لبعض أصحاب الشركات ،التي شددت الحصار على العمال وممارسة القمع بحقهم من أجل فتح عقود العمل مع الحكومة والبلديات للحصول على مبالغ إضافية لصالحهم وليس لصالح العمال الذين لا يتلقون الأجر في الموعد المحدد ، ولا يحصلون على أية علاوة أجور رغم موجة الغلاء الفاحش الذي تتعرض له مختلف الدول ومنها دولة الكويت والدول التي يفدون منها أيضاً ، مما يعني انهم يعملون بدون مقابل تقريباً.

 

ومع ذلك حقق العمال جزء من مطالبهم..

قرار وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل يوم  الأربعاء 30 تموز، بخصوص دراسة إقتراح يؤدي الى رفع الحد الأدنى للأجر لعمال النظافة خاصة والعمال عامة من 20 دينار كويتي (75 دولار امريكي) الى 40 دينار (150 دولار) يؤكد على ان إعتصام العمال وإنتفاضتهم وإضرابهم كان على حق وأتى ثماره رغم ما كلف اولئك العمال من تضحيات ورغم ترحيل ومحاكمة عدد كبير منهم .لكن وحدتهم اتت بالنتائج الملموسة لمن يواصل العمل من زملائهم ومضاعفة الأجر الذي يحصلون عليه اليوم .

 

يجب إعتقال المجرمين الحقيقين ..أصحاب الشركات

إنتفاضة العمال الوافدين من بنغلادش في الكويت قد تخبو في منطقة وتنفجر في منطقة اخرى (قوات الأمن أعلنت بأنها إعتقلت قادة إضراب كان مخطط يوم الأحد 3\8\2008)، رغم القمع البوليسي  وقنابل الغاز المسيل للدموع وحملات الإعتقال التي تقوم بها اجهزة الأمن الكويتية ضد العمال ومحاصرة تجمعاتهم من قبل القوات الخاصة والحرس الوطني وغيره . قد تنجح تلك القوات في عملية قمعها هذه للعمال وإنتفاضتهم . لكن كنّا نتوقع وعلى ضوء ما جاء من تصريحات على لسان المسؤولين الرسميين في الكويت بخصوص الإنتهاكات التي يقوم بها أصحاب الشركات التي تقوم بتشغيل هؤلاء العمال ،بأن تقوم تلك القوات بمحاصرة مكاتب تلك الشركات وإعتقال أصحابها ممن يمارسون عمليات إنتهاك الحق الأساس للعمال الا وهو دفع  أجورهم على الأقل في الموعد المحدد لذلك ، وبدل ان تقوم تلك السلطات بترحيل "العمال المشاغبين" على حد تعبيرها ، كان يجب تقديم من قام بإستغلالهم الى القضاء وأن يبقى هؤلاء العمال في الكويت ليقدموا شهادتهم ضد كل صاحب شركة إنتهك حقوقهم.

 

حملة العمل اللائق والصمت الدولي..

وأخيراً لا بد  وان نتساءل أين هو صوت الهيئات النقابية الدولية؟ وعلى رأسها الكنفدرالية النقابية الدولية ومقرها بروكسل ، التي أطلقت بالتعاون مع منظمة العمل الدولية حملة "العمل اللائق"، والذي يشمل ضمان شروط عمل إنسانية للعمال والأجر اللائق لهم من أجل ضمان العيش الكريم .؟؟  أين هو موقف الإتحادات العمالية العربية ؟؟ وأين هو موقف الإتحاد العام لعمال الكويت ، الذي قرأنا بأنه وضع برنامج ثقافي - نقابي واسع هذه الأيام من خلال الدورات التثقيفية التي ينظمها للقيادات النقابية؟ كنّا نتوقع ان يقف النقابيين في الكويت الى جانب العمال المنتفضين وان يكون لهم دور مركزي في وقف ظاهرة الإستغلال والقمع الذي يتعرضون له وبذلك يكون ذلك النشاط - الدورة النقابية المثالية للنقابيين في الكويت وغيرها من دول المنطقة.  

 

الرد الحقيقي هو يا عمالنا إتحدوا..

 

 

ما جرى في الكويت هذه الأيام مع العمال من بنغلادش يذّكرنا بما جرى قبل فترة وجيزة مع العمالة الآسيوية الوافدة الى البحرين ودولة الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية التي تعتبر من أسوأ الدول في تعاملها مع العمالة الوافدة حتى لو كانت من الدول العربية او غيرها.هذا الوضع يجب ان يُقلق كل نقابي عربي وغير عربي  ،لأنه يُعتبر خرق بشع للمواثيق الدولية ولحقوق الإنسان ، ما يُقلق أكثر هو بعص التصريحات والتعليقات التي أرسل بها البعض من الكويتيين لوسائل الإعلام الكويتية، لأنها تنساق ضمن خانة التمييزالعنصري بل أبعد من ذلك ، كنت اتوقع ان تقلق هذه الظاهرة كافة المسؤولين في العالم العربي عامة والكويت خاصة. وأن توضع البرامج من اجل إجتثاث الفكر العنصري مهما كان لونه ومهما كانت هويته ،فهو خطر ليس فقط على العمالة الوافدة من بنغلادش – الإسلامية بل خطر على العالم العربي عامة وعلى أخلاقياتنا التي ترفض الفكر العنصري، بل يجب ان تلفظة وبحزم. وكم كنّا نتوق ان يلتزم الجميع بالشعار الإنساني العمالي المؤثر الا وهو "يا عمال العالم إتحدوا" من اجل مواجهة هذا الإستغلال ..وهذا الظلم الفظيع.

بقلم: جهاد عقل
الأثنين 4/8/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع