مرشح عربي لرئاسة بلدية عكا، الآن!



* انها مهمة وطنية وواجب سياسي وأخلاقي، وعلينا أن نكون على مستوى التحدي، وكلي ثقة بأهلنا الباقين والمحبين لبلدهم والساعين ككل الشعوب لإحقاق حقوقهم أن يتجاوبوا مع هذه المبادرة *

أكره المقدّمات، ولا أحبّ اللف ولا الدوران، لكن للحياة قوانينها وللكتابة أصولها، فلا بدّ للنصّ من مقدّمة، ولتأخذ الأمور حقها.

 

تعيش مدينة عكا ظرفًا سياسيًا بالغ الخطورة والأهمية، فمخططات التهويد متسارعة ومتصاعدة، الحكومة الإسرائيلية ووزاراتها، الحركة الصهيونية ومؤسساتها ورؤوس أموالها، دائرة أراضي إسرائيل وشركاتها وأتباعها، بلدية عكا برئيسها وائتلافها، شركة تطوير عكا القديمة، مستثمرون كبار وسماسرة صغار، يسعون بشتى الطرق والوسائل لتهويد المدينة من خلال تغيير تركيبة السكان وملكية البيوت والعقارات وأسماء الأزقة والحارات ولون الماء والسماء.

 

يسعون، من خلال توظيف القوانين الجائرة والسماسرة والجمعيات الاستيطانية والمبادرات الرأسمالية، مسعى لئيمًا من أجل احتكار الاستفادة من المشاريع التطويرية المخططة للمدينة بعد الاعتراف الذي نالته قبل سنوات كمدينة تراث عالمي، وازدياد الاهتمام السياحي الداخلي والخارجي بها. عاش العرب في عكا سنين طويلة وقاحلة من الإهمال والفقر والتهميش والآن، عند هطول مطر البركة، يريدون أن يمنعوا عنا ثمار الانتعاش.

 

نستنتج عند قراءة الخارطة السياسية المحلية في عكا أن الانتخابات البلدية في الخريف المقبل ستكون مرحلة مفصلية في تاريخ المدينة وذات تأثير هائل على مكانة مجتمعها العربي وحقوقه، فهنالك أربعة مرشحين يمينيين يهود لرئاسة البلدية، وكلهم دون استثناء يحملون الأفكار ذاتها ويتبنون نفس السياسة، لكن فوز رئيس البلدية الحالي شمعون لانكري يبدو حتميًا وجارفًا ومن الجولة الأولى. ولانكري، كما تعلمون، هو منّفذ متحمّس لتهويد المدينة وإعطائها طابعًا يهوديًا مطلقًا وتجاهل هويتها التاريخية العربية وهوية سكانها العرب ولغتهم، وهذا تجلى بمماراسته المتكرّرة من خلال اللافتات بالعبرية فقط وعبرنة اسمها ودعم المشاريع الاستيطانية في عكا القديمة، وحرمان التجار من فتح محالهم يوم السبت، ومنع الوجبات الساخنة عن الطلاب العرب. 

 

إن إمكانية فوز لانكري من الجولة الأولى وبفارق كبير تضع تحديًا مصيريًا وجديًا أمام المجتمع العربي في عكا، وتفرض علينا أن نقوم بترشيح عربي لرئاسة البلدية.

 

في حال دعم المجتمع العربي لهذا المرشح، الذي عليه أن يحمل مواصفات معينة سأذكرها لاحقًا، يعني تأكيد هيبة ومكانة العرب في المدينة وإظهار وزنهم السياسي وتأثيرهم ورفع الوعي الجماهيري حول مطالبهم وحقوقهم المهضومة، مرشح قوي يعني تحدي التهميش، ويعني منع لانكري التهويدي من كسب المعركة بفارق كبير والذي سيأتي بمحصلات سيئة جدًا وسيفقد العرب تأثيرهم في الانتخابات وبالتالي على إمكانيات تحصيل مطالبهم وصدّهم للمخططات مستقبلاً.

 

بحسابات بسيطة، في حال دعم 70% من السكان العرب مرشحهم سيحصل على 20% تقريبًا من مجمل الأصوات في المدينة، أي أن بإمكانه فرض جولة ثانية ومن الممكن طبعًا أن يكون أحد أقطابها.

 

يحمل الترشيح بالإضافة إلى جدواه السياسية الانتخابية بحسابات الربح والخسارة والتأثير، أهمية رمزية وتغييرًا في المعادلات السائدة، حيث أعتبره صرخة واضحة تبرز هوية المدينة العربية وتكسر الحواجز النفسية وترفع سقف المطالب، فالتفكير بإمكانية تسلّم عربي لهذا المنصب تمكّن من التفكير بحقّ العرب بتسلّم مناصب هامة على مستوى كلّ المدينة وليس في الخانات المعدّة للعرب وحسب.

 

لا نكتفي طبعًا بمجرد أن يكون المرشح عربيًا، بل يجب أن يكون شخصًا ذا وعي سياسي ومهنية وخبرة وأهل للثقة، متمسك بهوية المدينة وحقوق سكانها وصاحب مشروع بقاء وتنمية، قادر على المواجهة وتحصيل الحقوق بهامة منتصبة وكرامة.

 

إني أرى أن ترشيح عربي لرئاسة البلدية هي مهمة وطنية وواجب سياسي وأخلاقي، وعلينا أن نكون على مستوى التحدي، وكلي ثقة بأهلنا الباقين والمحبين لبلدهم والساعين ككل الشعوب لإحقاق حقوقهم أن يتجاوبوا مع هذه المبادرة.

 

لقد كنت مباشرًا في مقالي القصير هذا، فلا وقت لدينا للمقدمات ولا للثرثرة.

 

* عضو بلدية عكا-الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة

أحمد عودة *
الأربعاء 6/8/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع