قراءة في نتائج الانتخابات الطلابية في الجامعات



شهدت الساحة الطلابية في الاشهر الثلاثة الاخيرة انتخابات للجان الطلاب العرب والاتحاد القطري للطلاب الجامعيين العرب في جامعات حيفا، وتل ابيب، والجامعة العبرية في القدس. وما زالت الحركة الطلابية في معهد التخنيون وجامعتي بئر السبع وبار ايلان غير منظمة، نتيجة عدم انتخاب لجان للطلاب العرب منذ سنوات.
نتائج الانتخابات الطلابية في الجامعات الثلاث كانت على النحو التالي: حصلت الجبهة الطلابية على 32% من اصوات الطلاب العرب، وحصلت الحركات الاسلامية بشقيها الشمالي والجنوبي (قوائم: أقرأ، الرسالة، القلم) على 40% من الاصوات، وحصل التجمع على 24% من الاصوات، وحصلت حركة ابناء البلد على 4% من الاصوات (خاضت الحركة الانتخابات في جامعة حيفا فقط).

 

*الحركات الاسلامية تخوض انتخابات لجان الطلاب*

تميزت الانتخابات الطلابية هذه السنة بمشاركة الحركات الاسلامية في كل الانتخابات التي أجريت في الجامعات. ففي الجامعة العبرية في القدس شاركت حركة الرسالة (تحالف للحركتين الإسلاميّتين الشمالية والجنوبية)، وفي جامعة حيفا خاض كل شق للحركة الاسلامية الانتخابات بقائمة منفردة (حركة أقرأ- الحركة الاسلامية الشمالية، وقائمة القلم- الحركة الاسلامية الجنوبية)، بينما خاضت حركة أقرأ (الجناح الشمالي) انتخابات جامعة تل ابيب وقام مؤيّدو الحركة الإسلامية- الجناح الجنوبي بدعمها.
لا شك ان لخوض الحركات الاسلامية الانتخابات الطلابية كان الأثر في تغيير الخارطة التمثيلية للطلاب العرب. فالحركات الاسلامية موجودة منذ أكثر من عشر سنوات داخل الجامعات الاسرائيلية. فقد نجحت حركة الرسالة الاسلامية في الجامعة العبرية في القدس (من ضمن تحالف طلابي) في عام 1996 بالفوز برئاسة لجنة الطلاب العرب آنذاك، بينما أخفقت الحركة الاسلامية قبل عدة سنوات في تحقيق انجاز في جامعة بئر السبع. كذلك لم تنقطع نشاطات جمعية إقرأ (الجناح الشمالي) منذ سنين في كل الجامعات الاسرائيلية.
ولكن كما هو معروف عن الحركات الاسلامية انها تخوض الانتخابات بعد ان تجذر وضعها وتوسع دائرة مؤيديها. فقد نشط الاسلاميون خارج اطار اللجان لعدة سنوات من خلال جمعية اقرأ.
وجمعية اقرأ هي واحدة من جمعيات الحركة الاسلامية (الجناح الشمالي) وهي إحدى اعمدة "المجتمع العصامي" وهو مشروع الحركة الاسلامية في البلاد (الجناح الشمالي). ومن اجل إيضاح ماهية هذا المشروع اقتبس بعض الكلمات من مقالة للشيخ رائد صلاح (فلسطينيو 48 والمجتمع العصامي- نشرت في موقع اسلام اون لاين): "إنّ هذا المشروع الذي أتحدث عنه قد يأخذ بإيجابيات فكرة "الإدارة الذاتية"، وقد يأخذ بإيجابيات فكرة "الحكم الذاتي""!
اذا جمعية اقرأ الطلابية ترى نفسها جزءًا من هذا المشروع الانعزالي وهي واحدة من ركائز العمل الاسلامي في البلاد، فجمعية اقرأ هي اخت للروضات، والعيادات، والمكاتب، والمعارض الاسلامية و"الصدقة الجارية". فقد قام نشطاء وقياديو الحركة خلال الدعاية الانتخابية بتسويق انفسهم بين الطلاب على اساس انهم يملكون مشروعًا وان هدفهم من خوض الانتخابات هو دفع مشروعهم الى الامام. ولكن لا بد من الاشارة إلى أن الحركة الاسلامية- الجناح الجنوبي تدعي انها تخاطب الطلاب بشكل واقعي اكثر من الجناح الشمالي.
لقد ترأست حركة اقرأ في السنة الماضية لجنة الطلاب العرب في جامعة حيفا، وكان رصيدها في النشاط السياسي صفر!!! وهذا الشيء هو انجاز للحركة الاسلامية لأنها تنقل المواجهة ضد الاحتلال والتمييز العنصري الى ملعب "الصراعات الدينية"، فهي تعتبر ان الصراع يحمل طابعًا دينيًّا ولا تؤمن مثلا بالعمل العربي اليهودي من اجل اختراق سياسة التمييز. فمن يؤمن بعزل شعبنا بالطبع لا تهمه المواجهة السياسية مع السلطة ولا تهمه الوحدة الكفاحية وتعزيزها من اجل النضال ضد التمييز القومي والطبقي المنتهج بحق شعبنا !!!!
إنّ دخول الحركات الاسلامية الى لجان الطلاب ادخل تحديثا على القضايا "الملتهبة" في نظرهم. فها هم يشنون حربًا بالمناشير ضد الاتحاد القطري بعد ان قام بالمبادرة لحفل راقص في حيفا. والأسوأ من كل هذا هو نقاشات القيادات الطلابية "الاقرأية" (في موقع كتلة أقرأ في الفيسبوك- جامعة تل ابيب http://www.facebook.com/group.php?gid=15323569146) وانشغالهم بلباس الطالبات وكأن العمل الطلابي والنشاط السياسي ليس بالامر المهم بل هنالك أشياء اهم من ذلك!! (الآن لا يستطيع احد من الحركة الاسلامية ان يدعي ان الجبهويين يطلقون الاكاذيب عن التيار الاسلامي؟؟؟).

 

*تراجع في مكانة التجمع الطلابي*

صحيح ان دخول قوى جديدة/ قديمة (الحركة الاسلامية/ ابناء البلد) الى ساحة الانتخابات يؤثر على جميع القوى من ناحية القوة الانتخابية، ولكن ما حصل للتجمع من تراجع كان كبيرا. لقد فقدوا معقلهم في جامعة تل ابيب حيث هبطوا من قوة اولى الى قوة ثالثة(!!)، واصبحوا ايضا قوة ثالثة في الاتحاد القطري بعد أن كانوا في رئاسة الاتحاد!!!
لقد قام التجمع الطلابي بإصدار بيان في الاسبوع الماضي يحاول تصدير أزمته الطلابية الجديدة واخفاقه المستمر الى الكتل الاخرى. ويتهم البيان أنّ هنالك "تراجعا كبيرا في مستوى عمل لجان الطلاب العرب في الجامعات" مع العلم انهم كانوا في السنة الماضية في قيادة لجنتي الجامعة العبرية وجامعة حيفا وفي قيادة الاتحاد القطري؟؟؟ ويقول البيان انه اذا رفض الائتلاف الشامل "فتتحمل الجبهة (الرافضة لقرارات التجمع؟؟؟) المسؤولية عن عرقلة التغيير المنشود (التغيير نحو الغاء كفاحية الحركة الطلابية؟؟؟)، ونحن (التجمع) بدورنا سوف نمضي في هذه الطريق تلبية للنداء الوطني (طريق أقصاء الجبهة؟؟؟)".
ان هذا البيان يأتي بعد الاخبار التي تناقلتها إذاعة الشمس عن وجود تفاهمات بين التجمع وحركة اقرأ لاقامة ائتلاف طلابي جديد!!! بالاضافة الى التنسيق الواضح بينهما في لجان الانتخابات الاخيرة مما يؤكد ان كل الاقتراحات حول الائتلاف الشامل هي ذر للرماد في العيون.

 

*الجبهة الطلابية القوة الاولى*

بالرغم من التغيير في التمثيل الطلابي نتيجة لدخول الحركات الاسلامية ساحة الانتخابات، وبالرغم من تزايد عدد الكتل المنافسة (الجبهة، التجمع، الحركة الاسلامية-اقرأ، الحركة الاسلامية- الجناح الجنوبي، أبناء البلد) ما زالت الجبهة الطلابية اقوى كتلة. فتوزيع المقاعد في الاتحاد القطري اليوم هو :

الكتلة

عدد مقاعد الاتحاد القطري

الجبهة الطلابية

7 مقاعد

أقرأ (الحركة الاسلامية الجناح الشمالي)

6 مقاعد

التجمع الطلابي

5 مقاعد

الرسالة (تحالف الحركات الاسلامية في الجامعة العبرية)

3 مقاعد

المجموع

21 مقعد


إنّ التغيير الجديد الحاصل في الخارطة الطلابية يحتم على الجبهة والحزب الشيوعي والشبيبة الشيوعية دراسته بتأنٍّ والخروج باستنتاجات هامّة لدفع العمل الطلابي في صيغته الجديدة. إنّ قراءة علمية وسياسية لهذه الاصطفافات الجديدة تدفعنا الى عدة استنتاجات تنظيمية وسياسية مثل:
1. باعتقادي ان النقاشات الداخلية في الجبهة والحزب الشيوعي اصبحت تؤثر على ادائنا التنظيمي بشكل سلبي. فالتنسيق بين الدائرة الطلابية والشبيبة الشيوعية ليس بالمستوى المطلوب، ودور الشبيبة الشيوعية في العمل الطلابي الجامعي غير مستغل بشكل كامل،  ومن ناحية اخرى دور الشبيبة في "تصدير قيادات شبابية" الى الجامعات غير كافٍ منذ سنوات طويلة. 
2. على قيادة الجبهة القطرية والطلابية ان تصر على بناء قطب وطني دمقراطي علماني يضم الجبهة والتجمع وابناء البلد. فبالرغم من الفروق بين هذه القوى، الا ان هذا القطب الوطني هو البديل الاجتماعي لطروحات تؤسس لقيام اطر دينية منعزلة بديلة  لادواتنا الوطنية، وهو الطرح التقدمي الذي يستطيع ان يواجه التشرذم العائلي والطائفي في قرانا ومدننا العربية، وهو البديل اليساري الوطني الحقيقي من أجل مواجهة المخطط الامريكي وابنته المدللة- حكومة اسرائيل المتجهة نحو الفاشية.
3. على الجبهة ان تدرس بتأنٍّ الفراغ الذي تركته في العمل الطلابي والذي استغلته الحركات الاسلامية، ففي الوقت التي كانت الجبهة تخوض الاحتجاجات السياسية كانت الحركات الاسلامية مشغولة ببناء قوتها. فقامت الحركات الاسلامية بنسخ لجزء من نشاط الحزب والجبهة، الذي تراجع عندنا، بين الطلاب. فهم يقومون بنشاطات طلابية اجتماعية (منح، دورات بسيخومتري، ارشاد الطلاب.....) كنا نتصدرها (عدا المنح والله اعلم من اين كل هذه الاموال؟؟). كل هذه النشاطات هي اداة للاتصال بالطلاب ومساعدتهم وتقريبهم للبرامج الطلابية والاجتماعية والسياسية.

 

*الانتخابات الطلابية الاخيرة في جامعة حيفا*

في الحقيقة لم اكن انوي الرد على الاتهامات الرخيصة بالتزوير التي اتهمت بها الجبهة في الانتخابات الطلابية الاخيرة في جامعة حيفا. ولكن البيانات والمقالات المأزومة التي كتبت من أجل تغطية هبوط قوة التحالف الطلابي في جامعة حيفا بين اقرأ والتجمع، دفعتني الى توضيح الحقيقة بعد سلسلة من الادعاءات المفبركة وغير المنطقية. فبالاضافة لبيانات اقرأ والتجمع انهالت علينا مقالات من اعضاء للحركة الاسلامية-الجناح الشمالي (الشيخ كمال خطيب، عبد الحكيم مفيد، معاذ خطيب، نسيم بدارنة) ومن التجمع (ممدوح اغبارية وعوني بنا).
المفارقة العجيبة أنه من المتبع ان تقوم المعارضة باتهام السلطة بتزوير الانتخابات وليس العكس. ففي حالة جامعة حيفا كانت الاغلبية هي تحالف اقرأ- التجمع أصحاب الاغلبية في لجنة الانتخابات!! بينما "المعارضة" هي الجبهة التي لا تملك الاغلبية في لجنة الانتخابات.
ولكن إخفاق قيادة لجنة الطلاب العرب الاخيرة في جامعة حيفا (اقرأ والتجمع) وخمولها، أديا الى أن يتعلق "الغريق" بقشة تواجد ناشط جبهوي بعيدا عن الصندوق (نعم بعيد؟؟) وأخذ معه بالخطأ 7 مغلفات تابعة للانتخابات (علقت المغلفات في دفتره الخاص)، فانقض عليه عضو لجنة انتخابات وقام مع زملاء له بمسرحية استمرت حوالي الساعة!!! هذه المسرحية ادت الى انسحاب مجموعة كبيرة من المصوتين وبذلك وصلوا الى مرادهم وهو إقفال الصناديق وطرد الأصوات الجبهوية، وبدأوا بنشر الشائعات بأن الصناديق أقفلت لأنهم ضبطوا جبهويًّا "يزوّر"!!!.
عند بداية عملية فرز الاصوات، أدرك تحالف اقرأ- التجمع أن هذه الانتخابات ستشهد هبوطا في قوة تحالفهم (وهذا ما حدث)، فقاموا بابتداع القرارات البائسة بخصم 70 صوتًا من الجبهة في محاولة لضرب تفوقها. وقاموا باحتجاز صناديق الانتخابات في مقر لجمعية تتبع للحركة الاسلامية. ولتأجيج الوضع قامت الحركة الاسلامية (الجناح الشمالي) بتجنيد العشرات من نشطائها للتواجد امام مقر الجمعية !!!!!!
لقد قامت الجبهة الطلابية ببحث الوضع ورأت ان توقيعًا على بيان يصف ما حدث خلال المسرحية المفتعلة، والقبول بخصم 7 اصوات منها، سيفشل محاولة بعض نشطاء اقرأ والتجمع الغاء الانتخابات. فقد ردد رئيس لجنة الانتخابات عدة مرات أمام لجنة الفرز أن قياديًّا في الحركة الاسلامية- الجناح الشمالي طالبه بإلغاء الانتخابات!!!
بعد وقبل التوقيع على البيان قامت لجنة الانتخابات بفحص دقيق لعينات كبيرة من المغلفات المزدوجة. وكانت نتيجة الفحص عدم وجود اي مغلف يحمل شبهة التزوير. وفي النهاية لم يؤثر خصم 7 اصوات من الجبهة على النتيجة، التي اعلنت تفوق الجبهة على كل الكتل الانتخابية وحصولها على 5 مقاعد (بدون الحاجة الى اتفاق فائض الاصوات الذي ابرمته مع حركة ابناء البلد).
في النهاية كان هذا التوضيح لكشف الحقيقة حول زيف ادعاءات المغرضين. ولا بد من التأكيد على أنّ وجود تزوير في أي انتخابات هو مسؤولية قيادة لجنة الانتخابات (التي كانت بقيادة اقرأ- التجمع) ولذلك كل اتهام يصدره نشطاء اقرأ والتجمع يدعون فيه عدم نزاهة الانتخابات هو بمثابة تسجيل هدف ذاتي في مرماهم!!

(الناصرة)

شريف زعبي*
السبت 9/8/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع